Saturday, December 31, 2016

طلال العقيلي وجيرار دوجورج



يجمع المؤرّخون أنّ عمر مدينة دمشق يتجاوز ثلاثة آلاف سنة. قد لا تكون أقدم مدن العالم كما يزعم البعض، وإن سلّمَ الكثيرون أنها أقدم عاصمة مأهولة باستمرار. ماذا عن معبدها؟ هل بإمكانِنا التوكيد أنّ هذا الحرم الذي عاصر الآراميّين واليونان والرومان والعرب والأتراك، وتربّع على عرشه نفرٌ من الآلهة هو أقدم الهياكل التي ارتادها المؤمنون بشكلٍ متواصل، بدايةً من الإله حدد ونهايةً بالقرن الحادي والعشرين؟


لا أعرف الجواب، وإن أمكن لمحبّي دمشق وجامِعِها أن ينهلوا كمّاً وفيراً من المعلومات من كتابين عن هذا الصرح العتيد أحدهما بالعربيّة للدكتور طلال العقيلي (٢٠٠٧، أُعيدَت طباعتُهُ ٢٠١٥، وتُرْجِم إلى الإنجليزيّة والألمانيّة)، والثاني بالفرنسيّة للفنّان العالِم جيرار دو جورج (٢٠١٠). ليس الهدف من هذه السطور إجراء مقارنةٍ تثير النفور عن أيٍّ منهما "أفضل" وعلّ الأقرب إلى الصواب القول أنّهما متكاملان، ويعالجان الموضوع من زوايا مختلفة تمام الاختلاف. أضف إلى ذلك أنّ المؤلّفَيْن زميلان من أخصائيّي العمارة، إن لم يكونا صديقين. علاوة على هذا وذاك، صورة غلافيّ الكتابين - بعدسة دوجورج - هي نفسها.


لمن يهمه الإسقاطات الهندسية والرسوم الدقيقة والتواريخ المتسلسلة والمقارنة التفصيليّة لتحوّلات المعبد عبر القرون، استناداً إلى وصف الكتّاب والرحّالة واللوحات الزيتيّة والصور الضوئيّة التاريخيّة، فعليه بكتاب العقيلي.


لمن يهوى الصور الملوّنة العالية الدقّة، خصوصاً للفسيفساء الرائعة، فسيطيب نفساً ويقرّ عيناً بكتاب دوجورج المزيّن بتيهورٍ من مختارات اللقطات الفنيّة الميدانيّة للمؤلّف. عني دوجورج أيضاً بتقديمٍ مختصر للدين الإسلامي، ومقارنة الأموي مع المعابد المماثلة التي سبقته وعاصرته، وخصّص العديد من الصفحات للدفاع عن الإسلام ضدّ ما اعتبره هجوماً مغرضاً من الغربييّن، المتديّنين منهم والعلمانييّن. يترتّب على ذلك أنّ كتاب العقيلي أكثر تركيزاً على الجامع بحدّ ذاتِهِ.


يمكن، لمن يرغب في المزيد، الرجوع إلى الحواشي والإسناد وثبت المراجع في الكتابين. مع الأسف لا يحتوي هذا ولا ذاك على فهرسٍ أبجدي يسهّل مراجعتهما على الباحثين والهواة.






Saturday, December 17, 2016

L'institut français d'archéologie et d'Art Musulmans




This mansion was constructed in the middle of the 18th century and had remained in the possession of the al-ʿAẓm dynasty until it was bought by the French government from 68 heirs in 1922—that is, under the French Mandate—for the then substantial sum of 22,000 gold livres. Subsequently, L'institut Français d'archéologie et d'Art Musulmans moved into its ḥaramlik (family quarter), whereas General Sarrail, the French High Commissioner, made his residence in the salamlik (guest quarter). The latter choice proved disastrous, as it made the house—located in the heart of Old Damascus—a natural target for the rebels during the 1925 Great Syrian Revolution. The mansion was attacked in force on October 18, but the mob, failing to find the general, proceeded to loot and eventually set fire to the building. The palace burnt for two days, and in the process priceless treasures were irretrievably lost, including thousands of rare photographs. Shortly afterwards, restoration work started in earnest at the initiative of Eustache de Lorey, the Director of the Institute, with results that we can still admire 100 years after the catastrophe. The government of the newly independent Syria took possession of the palace in 1946.

Brigid Keenan & Tim BeddowDamascus: Hidden Treasures of the Old City. Thames & Hudson May 2000. 

Sunday, December 11, 2016

ما هو الإسلام الحقيقي ومن هم المسلمون الحقيقيّون؟



ينعت الخطاب الرسمي منظّمات داعش والنصرة ومشتقّاتها وعن حق بالتكفيريّة، كونها ترفض التعدّديّة، وتعتبر كلّ الفئات التي تختلفُ عنها مارقةً عن الإسلام وملحدة: الإثني عشريّة "الروافض"، الصوفيّة، العلوييّن "النصيريّة"، الدروز، الاسماعيلييّن، وهلمّ جرّا.


كلام لا بأسَ بِهِ ولكن للإنصاف، لا بدّ من التعرّض لما يمكن تسميته "التكفير المعاكس" وما أكثره! مَنْ منّا لم يقرأ على صفحات التواصل الاجتماعي عباراتٍ من نوع "لو كان هذا الداعشي أو النصروي مسلماً أو يعرف الإسلام لما قال كذا وكذا، ولما فعل كذا وكذا"؟


هذا التحليل مفهوم ولكنّه ليس منطقيّاً. بإمكاننا، بعد ما فعلوه بتدمر وغيرها، اتّهام موتوريّ الدولة الإسلاميّة بالكثير، ولكنهّم مسلمون دون أدنى شك، ولسببٍ بسيط: أنّهم يعرّفون أنفُسَهم كمسلمين ويؤمنون بإسلامهم كما يفهمونه. يمكن بنفس المحاكمة أن نصل إلى النتيجة ذاتِها عن الكثير من العتاة عبر التاريخ، من أبي العبّاس (الذي لا يخجل أحد من وصفِهِ بالسفّاح)، مروراً بتيمورلنك الورع، ونهايةً بكثيرٍ من سلاطين آل عثمان الذين استهلّوا حكمَهُم بذبح جميع الذكور من إخوتِهِم.


لكل إنسان كامل الحق بتحديد هويّتِهِ، وكما لا يوجد "مسيحيّة واحدة" (مع احترامي للكاثوليك)، فلا يوجد "إسلام واحد"؛ وكما نعترف بعروبة من عرّف نَفْسَهُ "عربيّاً"، فيجب علينا أن نسلّم بإسلام من عَرّف نَفْسَهُ مسلماً.


قبولُنا هويّةَ زيدٍ أو عمر لا علاقة لها بحبّ أو كراهية، ولا بصداقةٍ أو عداوة؛ مَن حارَبَني حارَبْتُهُ ومن سالَمَني سالمتُهُ بغضّ النظر عن هويّتِهِ كما يحدّدها هو دون سواه. من العبث إضاعة الوقت كي أثبت له أو يثبت لي من منّا أكثر فهماً للنصوص الدينيّة، ومن منّا هو المسلم الحقيقي.


المسلم "المعتدل" مسلم، والمسلم "المتطرّف" مسلمُ أيضاً، شئنا أم أبينا، والجميع على الرأس والعين طالما مارسوا إسلامَهُم في بيوتِهِم وجوامِعِهِم، وطالما احترموا حريّات الآخرين مسلمين كانوا أو غير مسلمين. يمكن إسقاط نفس المحاكمة على أتباع أي دين أو طائفة. 


مكان الدين الطبيعي في المنازل ودور العبادة وبعيداً عن السياسة والقانون والمدارس العامّة.



الصورة الملحقة عن موقع درر سلفيّة على الفيس.