Saturday, February 18, 2017

تاريخ سوريّا من الأزمنة القديمة إلى ١٩٢٣



كتابٌ صدر بالفرنسيّة عام ١٩٢٤ عن "المكتبة الدولية للدراسات الاجتماعية" للأديب التركي اليهودي سليم ناسي

الكتاب من القياس الصغير (١٤ في ٢٢ من عشيرات المتر)، موزّعٌ على ١٧٠ صفحة، أضف إليها ٤٢ لوحة متواضعة الدقّة والتقنيّة خارج النص، وخريطة لسوريّا تشمل لبنان ولواء اسكندرون. الكتاب مؤلَّفٌ من ١٥ فصل، أوّلها يقدّم بشكل مبتسر سوريا ما قبل التاريخ، وآخِرُها يتناول البلاد في فجر الانتداب الفرنسي. يتلو كل فصل ملخّص لأهمّ النقاط فيه، وعلى ما يبدوالكتاب مدرسي، أو حسب المؤلِّف "مطابق للبرامج الرسميّة"، ولكنّه لا يتطرّق للتفاصيل وبالتالي يتعذّر تحديد مكان التدريس: هل هو فرنسا أم سوريّا، أو المستوى التعليمي للطلّاب المعنييّن بهذا المُقَرّر. 

تعرّض الكتاب بالطبع إلى العهود اليونانيّة والرومانيّة والأمويّة والعباسيّة، بيد أنّهُ ركّز على الفترةِ الصليبيّة ولبنان تحت المعنييّن والشهابييّن، ثمّ القرن التاسع عشر والحرب العظمى (العالميّة الأولى) التي انهارت مع نهايتها الإمبراطوريّة العثمانيّة ودخلت فرنسا إلى ّسوريا بعد فاصل قصير (١٩١٨ ـ ١٩٢٠)، عُرِفَ لاحقاً بالعهد الفيصلي. يستنتج القارئ من خلال النصّ، دون عناء، أنّ الكاتب فرنسيّ الهوى، أو أنّه كتَبَ بتوكيلٍ خاصّ من فرنسا. تكفي هنا بعض الأمثلة:

أولاً: العهد الصليبي كان إجمالاً عهداً ميموناً لجميع الأطراف المعنيّة؛ علاوةً على استفادة الأوروپييّن ثقافيّاً وتجاريّاً من الاحتكاك مع المشرق، َشِهَد هذا الأخير نهضةً عمرانيّةً تحت الحكم اللاتيني، وترك الإفرنج حريّة العبادة ليس فقط للطوائف المسيحيّة المحليّة المارونيّة والنسطوريّة واليعاقبة وغيرها، وإنّما أيضاً للمسلمين واليهود الذين مارسوا مِهنَهُم ومعتقداتِهِم دون قيود. يزيد المؤلف فيقول أنّه حتى بيزنطة، ورغم استباحة الصليبيّين للقسطنطينيّة عام ١٢٠٤، استفادت بشكل عامّ من الغزاة الأوروپيين الذين أضعفوا الأتراك وعرقلوا لمدّة قرنين من الزمن جهودهم التي تكلّلت بالنتيجة بسقوط الإمبراطوريّة الرومانيّة الشرقيّة (من الملفت للنظر أنّ ناسي كان "وطنيّاً تركيّاً" حتّى نهاية العقد الأوّل من القرن العشرين).

ثانياً: تدافع الشباب السوريّون من كل حدب وصوب عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى عام ١٩١٤، لتأييد فرنسا وردّدوا بكل حماس أنّ لديهم وطنين، سوريّا وفرنسا التي افتخر كثيرون منهم بالقتال تحت راياتها مما حدى هذه الأخيرة إلى تشكيل "الفيلق الشرقي" في تشرين ثاني ١٩١٦، الذي ضمّ جنوداً من "الأرمن والسورييّن والعرب"، تطوّعوا بمحض اختيارِهِم للحرب ضد تركيّا؛ أثنى الفرنسيّون بدورِهِم على "وطنيّة هؤلاء وقيمتهم العسكريّة".

ثالثاً: بعد سقوط الإمبراطوريّة العثمانيّة، تنازلت فرنسا، كرماً منها،  للأمير فيصل عن وادي البقاع، بيد أنّهُ حجد جميلها وأوعزَ إلى عملائه بإثارة الفتنة وتحريض الأهالي ضدّ فرنسا، وبلغت به الصفاقة حدّ إعلان نفسِهِ ملكاً على سوريّا في الثامن من آذار ١٩٢٠. عيل بالنتيجة صبر الجنرال غورو فأرسل إنذارَهُ الشهير مطالباً فيصل كعربونٍ لحسن نواياه، بالسماح بحريّة استعمال خطّ حديد حلب - رياق، ومعاقبة المسؤولين عن الاعتداءات على الجنود الفرنسييّن. كان ردّ فيصل - حسب المؤلّف طبعاً - بالرفض، وكانت ميسلون.

الكتاب متوافر للتحميل بالمجّان. 






                                                                                                                                                                                              

Tuesday, February 14, 2017

دليل الجمهوريّة السوريّة في خمسينات القرن العشرين



أملك نسختين من هذا الكتاب القيّم الصادر عن المديريّة العامّة للإعلام في دمشق، إحداهما تعود إلى العام ١٩٥٥والثانية إلى ١٩٥٧. لا أعلم متى صدرت الطبعة الأولى، ولا إذا كان الكتاب دليلاً عُدِّل ونُقِّح  سنويّاً، ولا متى صَدَرَت طبعَتُهُ الأخيرة، بغضّ النظر عن تحوّل التسميّة إلى الإقليم الشمالي للجمهوريّة العربيّة المتّحدة عام ١٩٥٨، ثمّ الجمهوريّة العربيّة السوريّة عام ١٩٦١. موضوع الحديث دليل سوريّا كما كانت، أو على الأقل كما بَدَت، في منتصف خمسينات القرن العشرين. عدد صفحاتِهِ مئتان ونّيف من القطع الصغير، قياسُها ١٨٥ في ١٣٠ من معاشير المتر، تتخلّلُها عشراتٌ من الصورالمتوسطة الجودة بالأبيض والأسود. أبدأ بتقديم المساهمين فيه:

السيد فؤاد الشايب المدير العام للإعلام. 
الدكتور عزّة النصّ أستاذ الجغرافيا في كليّة المعّلمين في الجامعة السوريّة.
الدكتور سليم عبد الحقّ المدير العام للآثار.
الدكتور جورج حداد أستاذ كرسي قسم التاريخ في كليّة الآداب في الجامعة السوريّة.
السيد شاكر مصطفى محاضر في التاريخ في كليّة المعلّمين.
السيد أنور رفعت محاضر في التاريخ.
الدكتور سامي الدهّان عضو مجمع اللغة العربيّة في دمشق. 
السيد موسى خوري محاضر في الإنجليزيّة ومترجم الكتاب (أفترض من ذلك وجود نسخة عربيّة). 
الدكتور يوسف سمارة أشرف على طباعة الكتاب.

سأضرب صفحاً عن القسم الذي يتعرّض لتاريخ سوريّا، فهو بشكلٍ أو بآخر لا يتعدّى ما يتعلّمه طلّاب المدارس من الكليشيهات المعروفة التي تخلط السموات بالأبوات، وتتبنّى مفاهيماً مطلقةّ عن الحقّ والعدالة والخير والشرّ، ولا تميّز الثورة عن العصيان، وتخلق صورةً خياليّةً عن ماضٍ مزعوم لا تشوبه شائبة، إلى أن أتى العدوان الغاشم ليسرق ثروات البلاد ويستعبد أهلَها ويستعمل سياسة "فرّق تسد"، وهلمّجرّا. لربّما كان من المجحف لوم المؤلّفين على ترديد ما سمعوه من معلّميهِم، وعلّهم لم يتمتّعوا بما يكفي من الحريّة للإفصاحِ عن آرائِهم الحقيقيّة.

المعلومات عن موارد البلاد وديمغرافيّتها أكثر إثارةً للاهتمام، وتعطي صورةً متفائلةً عن إمكانيّات ومستقبل سوريّا التي قُدِّرَ عددُ سكّانِها آنذاك بثلاثة ملايين وثلاثة أرباع المليون نسمة. من هذا المُنْطَلَق، اعتبر المؤلِّفون أنّ مواردَ البلاد كافيةٌ، إذا استُثْمِرَت كما ينبغي، لسدِّ احتياجات السكّان. قارن الكَتَبَةُ العلاقةَ بينَ هذه الموارد وعدد المواطنين بنظيرِهِ في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وتوصّلوا إلى نتيجةٍ مفادُها أنّ الوضعين متشابهان!

لم يتجاوز عدد سكّان المدن وقتها ٣٠٪ من الإجمالي، أمّا أهل الأرياف فحوالي ٥٨٪، والباقي من البدو أو "أنصاف البدو". توزعّ البشر محكومٌ بطبيعة الحال بالموارد المائيّة؛ يترتّبُ على ذلك أنّ أكثر المحافظات كثافةً فيما يتعلّق بعدد المدن والقرى هي اللاذقيّة، تليها حلب. بالمقارنة احتلّت دمشق المركز السابع ودير الزور التاسع والأخير. 

تشير الأرقام التي أوردها المؤلّفون إلى توزّعٍ مشابهٍ في أعمار السكان لما هو الحال في مطلع القرن الحادي والعشرين. أكثر من نصف الأهالي كانوا تحت عمر ٢١ سنة في بلدٍ زراعي بالدرجة الأولى. بالنسبة للتوزّع حسب الأديان، قُدِّرَت نسبةُ المسلمين بحوالي ٨٥٪، والمسيحييّن نحو ١٤٪، والباقي من اليهود. لا يوجد توزيع طائفي أو مذهبي ولله الحمد، بيد أنّ المؤلّفين أوردوا الفئات اللغويّة وذكروا أن أكبر هذه الأقليّات هي الكرديّة ثم الأرمنيّة فالتركية (التركمايّة) فالشركسيّة.

تعرّض الكتاب كذلك إلى السورييّن المغتربين، فقدّر عددَهم بحوالي مائنتيّ ألف نسمة، ٦٩٪ منهم في أمريكا الجنوبيّة و٧٪ في الشماليّة، و٤٪ في الوسطى، والباقي موزّعٌ بين أوروپا (٧٪) وأفريقيا وآسيا.

أشاد المؤلّفون بالتقدّم الذي حقّقتهُ البلاد في القطاعات الزراعيّة والصناعيّة والتجاريّة، وجزموا بقدرتِها على استيعاب الزيادة المتوقّعة في عدد السكان. 

ختاماً استعرض الكتاب بعضاً من أشهر المعالم الأثريّة في إقليمٍ شديد الغنى بها. من البدهي أنّ حجمَ الكتاب وكثرةَ وتنوّعَ المواضيع التي حاول تغطيتَها، لا تسمح بأكثر من تعريفٍ سريعٍ لهذه المعالم، موجّه بالدرجة الأولى للسيّاح الأجانب.




Saturday, February 11, 2017

Gérard Degeorge



L'architecture est le meilleur bilan d'une société, révélant ses possibilités techniques, économiques et artistiques, comme l'état des esprits; elle est le témoin le plus éloquent du rapport des hommes à l'univers à un moment donné de leur histoire. Quand toute autre trace de leur activité a disparu, c'est vers les ruines de leurs édifices que l'archéologue et l'historien se tournent pour en reconstituer la trame. Ces monuments de l'esprit humain dédommagent de l'attention portée à l'histoire, cette longue suite de massacres qui n'ont cessé d'ensanglanter la terre.


D'après Gérard Degeorge

Saturday, February 4, 2017

The Treasures of the National Museum of Damascus


This 17 cm x 22 cm booklet is a reasonably concise introduction to the National Museum of Damascus. The copy in my possession is the second edition of an English translation by Dr. George Ḥaddād; the original work was composed in Arabic and French by Dr. Salīm ʿAbd al-Ḥaqq and published by the Directorate General of Antiquities and Museums in 1959.

The work is divided into two sections: a text of 40 pages followed by 70 photographic plates of an acceptable—though by no means outstanding—quality, mostly in black and white with quite a few in color. The samples selected span a wide variety of statues, panels, mosaics, frescoes, pottery, and much more.

I found the most interesting part to be the one relating the history of the museum. The beginnings were rather modest, and the restraints numerous: lack of expertise, limited funding, the international situation in the aftermath of the Great War… The first museum was founded in 1919 and was at the time directed, organized, and financed by the Arab Academy. It was housed in al-Madrasa al-ʿĀdilīyyā, an edifice completed at the beginning of the 13th century C.E.

Soon, it was realized that this venerable space was quite inadequate for the task in mind given the extraordinarily rich and ancient heritage of Syria. A modern and more spacious construction was therefore erected in 1936 at the southern bank of the Baradā River west of the at-Takīyyā as-Sulaymānīyyā. It was destined for the treasures and artifacts of the Classical (that is, Greco-Roman) period, whereas those antecedent to 500 B.C. were forwarded to the Aleppo Museum.

A major expansion took place starting in the 1950s with the addition of Qaṣr al-Ḥayr facade, followed by adding the Department of Oriental Antiquities in 1961 and another for Muslim Arts in 1962. Conclusion: the area of the original building had quadrupled by the time the guide was published.

The museum was subsequently divided into the following sections:

1. Department of Syro-Oriental Antiquities,
2. Department of Syrian Antiquities in the Greco-Roman and Byzantine periods.
3. Department of Arab and Muslim Arts.
4. Department of Modern and Contemporary Arts.

The lion's photo credit: James and Eleanor Moose Collection

Friday, February 3, 2017

دليل فندق سميراميس لزوّار دمشق



كتيّب عن دمشق باللغة الإنجليزيّة لمؤلّفِهِ الدكتور يوسف سمارة (*)، موجّه للسيّاح ، من منشورات فندق سميراميس زمن الوحدة. لا ريب أنّ عدداً لا بأس بهِ من النسخ بقي في حوزة الناشر بعد الانفصال، ومنه اللجوء الصبياني إلى شطب "العاصمة الثانية للجمهوريّة العربيّة المتّحدة" بخطّ اليد، لتصبح دمشق "عاصمة الجمهوريّة العربيّة السوريّة" . أبعاد الكرّاس ١٥ في ١١ من عشيرات المتر، وعددُ صفحَاتِهِ ٦٤، تزّينها ٣٦ صورة بالأبيض والأسود متواضعة النوعيّة. أضف إلى ذلك  خريطةً مطوية، لا بأس بها لزائر المدينة العابر، أبعادُها ٢٨ في ٤٠ من عشيرات المتر، عليها عددٌ من أهمّ معالم المدينة. كلّ هذا في متناول السائح لقاء ليرتين سوريّتين فضيّتين.

تعرّفُ مقدّمة الكتاب المدينة وغوطتها بشكلٍ مبتسر، ننتقلُ بعدها إلى ١٥ صفحة يختلط فيها التاريخ مع الأساطير مع البهارات التي تتخلّلها الكليشيهات المعهودة التي لا غنى عنها في الكتب المحليّة. لغة الكتاب الإنجليزيّة معقولة ومفهومة، وإن لم تخل من الأخطاء التي كان من الممكن تلافيها بالمراجعة والتدقيق. ينطبق هذا أيضاً على أسلوب صياغة الجمل.

يتناولُ مَتْنُ الكتيّب الأماكنَ الجديرة َبالزيارة في دمشق، بدايةً بالجامع الأموي، ويتعرّض إلى الشارع المستقيم وضريح صلاح الدين والمكتبة الظاهريّة وقصر العظم وخان أسعد باشا وكنيسة حنانيا وأبواب المدينة والتكيّة السليمانيّة وسوق الحميديّة والمتحف الوطني والقلعة وغيرها. المعلومات شديدة الاختصار، لا تشفي غليل الباحث المدقّق، بيد أنّها تفي باحتياجات النزلاء ومن لا يملك المزيد من الوقت والاهتمام والفضول.

يختم المؤلف بنبذةٍ عن صيدنايا ومعلولا ومعرض دمشق.

من البدهي أن هذا الكرّاس الصغير لا يرقى، لا في نَصِّهِ ولا صورِهِ، إلى المتوافر في الأسواق حالياً؛ ولكن إذا أخذنا بعين الاعتبار الزمن والثمن والجمهور المُسْتَهَدف، وأنّ النقدَ أسهلُ بكثيرٍ من الإبداع، وأنّه بالنتيجة كتابُ جيبٍ ليس غير، نتوصّلُ إلى نتيجةٍ مفادُها أنّ "الحسنات يذهبن السيئات". لجيل آبائِنا الفضل، ومنّا الشكرُ والتقدير.


(*) لم أنجح في الحصول على أي معطيات عن الدكتور سمارة، بيد أنّ صديقي العزيز الدكتور بسّام ديّوب تلطّف فزوّدني بالمعلومات الآتية:

يوسف سمارة فنّان يحفر ويرسم، ودكتور في الاقتصاد، ورجل قانون وأدب، تولّى الإدارة الفنيّة لشؤون السياحة، وانتدب لحضور اجتماعات الجمعيّة العموميّة الخامسة للاتّحاد العربي الدولي للسياحة في الرباط حزيران - تمّوز ١٩٦٥، وكان لديه ترخيص لمجلّة اسمها المعرض. نُشِرَ له مقال بعنوان "قصّة الأبجديّة" عام ١٩٨٦. هناك ما يشير إلى علاقةٍ له مع الحزب القومي السوري.