ما أقلّ الكتب السياحيَة وغير السياحيَة عن دمشق مقارنةً مع أي عاصمة أو حتّى مدينة متوسّطة في أوروپّا الغربيًة، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار تاريخَ المدينة الطويل وعراقتَها وغناها بالمعالم الأثريًة والكنوز الفنيًة.
هذا الكتيّب الصادر بالإنجليزيَة عن Librairie Universelle في لبنان عام ١٩٤٩ محاولةٌ لسدّ هذه الثغرة. المؤلّف روحي جميل، له عدّة كتب عن لبنان وسوريَا وإن لم أنجح في تقصّي سيرتِهِ. الكتاب "دمشق بوّابة عالم" Damascus Gate of a World ينتمي إلى سلسلةٍ Green Guide Books الموجّهة للسيَاح. الكرّاس من كتب الجيب الصغيرة الحجم (١١ في ١٥ من عشيرات المتر)، موزّع على قرابة ٧٠ صفحة تتخلّلها ٨ لوحات من الصور الضوئيّة بالأبيض والأسود لبعض أشهر معالم المدينة: الجامع الأموي، قصر العظم، التكيّة السليمانيّة، الجامعة السوريّة، فندق الشرق، الكنيسة المريميّة، ساحة المرجة، وبناء مؤسّسة مياه عين الفيجة. المصوَرون جورج درزي، بوياجيان، Gulbenk. يحتوي الدليل أيضاً على خريطةٍ مطويّةٍ للمدينة (٢٤ في ٣٥ عشير المتر).
قدّرَ المؤلّفُ عددَ سكَان المدينة بحوالي ٣١٠٬٠٠٠ نسمة. هناك لمحةٌ جغرافيّةٌ سريعة عن دمشق ووادي بردى، ومن ثمّ استعراض لتاريخ عاصمة سوريّا يتجاوز ١٥ صفحة، بدايةً من الأصول التي تختلط فيها الحقائق مع الأساطير، ونهايةً بما أسماه الكاتب "النظام الجديد"، عندما "استلم قائد الجيش السوري الحكم" في ٣٠ آذار ١٩٤٩ و"استقال رئيس الجمهوريَة" في ٦ نيسان. المقصود طبعاً إنقلاب حسني الزعيم، الذي عيّن لجنةً لكتابة دستور للبلاد، صُدِّق بعد "استفتاء شعبي". من "منجزات" النظام الجديد إلغاء الأوقاف الذريّة وتدشين قانون مدني جديد وانتهاج سياسة التعاون على الصعيد الدولي وفقاًَ "لروح ميثاق الأمم المتحدة". ما علينا.. الكتاب بالنتيجة سياحي بالدرجة الأولى وأشكّ أنّ زائر ذلك العهد أعار السياسات المحليَة السوريّة أو حتّى الشرق أوسطيّة الكثيرَ من الاهتمام، هذا إذا قرأ الأسطر التي تعرّضت لها على الإطلاق.
الشطر الأكبر من الكتاب مخصّصٌ لزيارةٍ ممنهجة للمدينة، تبدأ من ساحة المرجة، ومن ثمّ القلعة وسوق الخجا، يليها سوق الأروام والحميديّة والعصرونيّة، فالبيمارستان النوري، والجامع الأموي وضريح صلاح الدين، والمدرسة الظاهريّة والعادليّة، والخانات العديدة وأشهرها طبعاً خان أسعد باشا في سوق البزوريّة قرب قصر العظم. وصف الكاتب هذه المعالم باختصار وتعرّض لتاريخِها قَدَر الإمكان. يتابع القارئ أو السائح جولَتَهُ خارجاً من باب الجابية ومبتعداً عن مركز المدينة، باتّجاه حيّ الميدان وطريق قافلة الحجَ، مروراً بجامع سنان باشا ومقبرة الباب الصغير، إلى جامع مراد باشا والمصطبة أو الزاوية السعديّة، نهايةً ببوّابة الله.
ننتقل بعد إتمام هذه الجولة إلى الأحياء الغربيّة: شارع النصر وجامع تنكز ومحطّة الحجاز في القنوات، إلى الجامعة السوريّة (سابقاً الثكنة أو القشلة الحميديّة) والتكيّة السليمانيّة والمتحف الوطني. الخطوة التالية زيارة الحيّ المسيحي (باب توماّ) والتعرّف على بعض الكنائس خاصة المريميّة وحنانيا مع ذكر خاص لبيت شاميّة.
بعد استعراضٍ سريع لحيّ الصالحيّة وجامع الشيخ محيي الدين، نبدأ بزيارة "المدينة الحديثة" من المرجة إلى جسر ڤيكتوريا فشارع فؤاد الأوَل (بور سعيد حاليَاً). إذا أخذنا ترام رقم ٤ من المرجة إلى المهاجرين فسنمرّ بالتجهيز والپرلمان ونرى على اليسار "شارع بريطانيا" (أبو رمَانة). يتابع الراكب إلى محطّة عرنوس، وعلى يساره الشارع المؤدّي إلى حيّ الروضة الأنيق ومن ثمّ إلى الجسر الأبيض والمهاجرين نحو القصر الرئاسي نهايةً بآخر الخطّ تحت قبّة السيّار.
لا يخلو هكذا دليل من الدعايات، وأهمُّها لشركة طيران Pan American، والبنك العربي المحدود (مركره في "القدس فلسطبن")، وشركة أصفر وسركيس (تحف وسجّاد وأقمشة ومجوهرات)، وحلويّات غراوي، والمخزن الهندي الشرقي (حرير وسجّاد وغيرها).

No comments:
Post a Comment