تطهر الصورة الملحقة باب دمشق الشرقي خلال ترميمه عام ١٩٧٥ وهي مأخوذة من داخل المدينة إلى خارجها أي من الغرب إلى الشرق. درس العالمان الألمانيّان Wulzinger و Watzinger هذا الباب بدقّة خلال تواجدهما في دمشق في فترة الحرب العالميّة الأولى وقدّرا أنّ مستوى الشارع المستقيم الواصل بين هذا الباب ونظيره باب الجابية في الغرب كان قديماً أدنى بثلاثة أمتار من مستواه الحالي أمّا متى بني الباب فقد ارتأيا أنّ ذلك كان في أواخر القرن الثاني للميلاد خلال حكم الإمبراطور الروماني Septimius Severus.
بالمقابل اقتصر العلماء الفرنسيّون Mouton و Guilhot و Piaton على القول أنّ بناء هذا الباب تمّ بين مطلع القرن الأوّل الميلادي (حكم Augustus) وبداية القرن الثالث (ملك Caracalla) ولكنّ الإسهام الأكبر لهذا الفريق (بعد قرن من الدراسة الألمانيّة المذكورة) كان في طرح فرضيّة جديدة جريئة ولكنّها منطقيّة: الباب الشرقي الروماني لم يكن باباً على الإطلاق وإنّما كان نصباً تذكاريّاً فخماً يقع شرق المدينة وتفصله عن جدارها عشرات الأمتار ولم يدخل في أسوار المدينة وبالتالي في تحصيناتها إلّا في العهد البيزنطي. يعزّز شكل الباب هذه النظريّة إذ وجود فتحات ثلاث كبيرة تحت عقوده تسهّل مهمّة المعتدين ومن شبه المؤكّد أنّ نور الدين الذي قام بإغلاق اثنتين من هذه الفتحات (المركزيّة والجنوبيّة) فعل ذلك استناداً إلى اعتبارات دفاعيّة بحتة شملت فيما شملته إضافة باشورة barbacane أضاف إليها الملك المعظّم في العهد الأيّوبي (من الداخل) دركاه porche.
ترجّح معظم المصادر التاريخيّة أنّ خالد ابن الوليد دخل دمشق عنوة عام ٦٣٥ للميلاد من الباب الشرقي بينما دخلها أبو عبيدة صلحاً من باب الجابية إلّا أنّ البعض (البلاذري في فتوح البلادان مثلاً) يحبّذ العكس (أي دخول خالد صلحاً وأبي عبيدة قسراً) والله أعلم.
Dorothée Sack. Damaskus. Entwicklung und Struktur einer orientalisch-islamischen Stadt. von Zabern, Mainz 1989.
Karl Wulzinger & Carl Watzinger. Damaskus, die antike Stadt. Berlin: Walter de Gruyter, 1921.
Jean-Michel Mouton, Jean-Olivier Guilhot et Claudine Piaton. Portes et murailles de Damas.
No comments:
Post a Comment