Sunday, November 26, 2017

تاريخ دمشق ١٠٧٥ - ١١٥٤


يغطّي كتاب ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي (١٠٧٣-١١٦٠) قرابةَ مائتيّ عام تبدأ بسنة ٣٦٠ للهجرة (٩٧٠ - ٩٧١ للميلاد) وتنتهي بسنةِ وفاتهِ، اختارَ المستشرق الفرنسي الدكتور Roger Le Tourneau (تلميذ Sauvaget) منها الفترة التي تبدأ مع نهاية الهيمنة الفاطميّة وبداية تسلّط الأتراك السلاجقة، وتنتهي بدوال الدولة البوريّة عندما تقلّد الأتابك نور الدين زنكي زمام الأمور في دمشق. لهذه الفترة أهميّة خاصّة كونها شهدت بداية العهد الصليبي في سورّيا (الحملتين الأولى والثانية) واصطدام الغرب والشرق. 

وُلِدَ Le Tourneau عام ١٩٠٧ ومات فجأةً إثر تداخلٍ جراحي "روتيني" عام ١٩٧١. اختصّ لوتورنو في الدراسات العربيّة والإسلاميّة مع اهتمام خاصّ بالمغرب وشمال إفريقيا. تزوّج من Jeanne Largarde (١٩٠٩ - ٢٠١١) عام ١٩٣٠، التي عاشت أربعين عاماً بَعْدَهٌ وماتت عن عمر ١٠١ من الأعوام. الصورة الملحقة لجان وروجيه عام ١٩٣٠. 

صَدَرَ كتاب "دمشق من  ١٠٧٥ إلى ١١٥٤" عام ١٩٥٢ عن المعهد الفرنسي بدمشق في حوالي ٤٠٠ صفحة، وللمهتمّين بالفترة السابقة (الفاطميّة) هناك كتاب Bianquis عن نفس المعهد على جزأين (الأوّل ١٩٨٦ والثاني ١٩٨٩). المعلومات عن العهود اللاحقة (نور الدين والأيّوبييّن والمماليك إلى آخِرِهِ) أكثر غزارة تردّدت في العديد من المصادر المحليّة والأجنبيّة. 

ابن القلانسي عالم دمشقيّ أرستقراطي ومتديّن. قد يؤخَذ عليهِ رأيُهُ في "الباطنيّة" وأهل الأرياف وعلّه مع ذلك أكثر موضوعيّة من غيره بمقاييس عَصْرِهِ (اعتمدت دمشق في إمدادها الغذائي آنذاك على حبوب حوران والبقاع رغم غوطتها الغنّاء ومواردها المائيّة). اقتَصَرَ سردُ المؤلّف على الأحداث السياسيّة ودسائس البلاط ووفيّات الأعيان وذكر الفيضانات والزلازل والأوبئة وغيرها من الكوارث. التركيز بالطبع على دمشق وإن امتدَّ مسرحُ الأحداث إلى سوريّا بأسْرِها وآسيا الصغرى والعراق وحتّى إيران وخراسان بدرجاتٍ تتناسب عكساً مع بعد هذه الأقاليم عن المدينة. لا يوجد في "الذيل" عن وصف المدينة ما يشفي الغليل، باستثناء ذكر قلعتها (أُعِيدَ بناءُ القلعة لتأخذ شكلها الحالي في عهد الأيّوبي الملك العادل) وهناك إشارات عابرة لبعض مواضعها ودورِ عبادتِها وأبوابِها.

اتّبع ابن القلانسي نَهْجَ التسلسل الزمني حسب السنة الهجريّة، واختار Le Tourneau العام ٤٦٨ (١٠٧٥ أي الانتقال من العهد الفاطمي إلى السلجوقي) منطلقاً لكتابِهِ الذي خَتَمَهُ ٥٤٩ (١١٥٤ م)، سنة دخول نور الدين إلى المدينة، قبل موت المؤلّف الدمشقي بست سنوات. 

للحديث بقيّة.  
  

No comments:

Post a Comment