Friday, August 2, 2024

مقصورة جامع دمشق الكبير، المجاز المعترض، ووحدة الفضاء



الأسطر الآتية اختزال عن الصفحة ١٨٩ - ١٩٠ من كتاب الدكتور آلان جورج


ترجم اختيار القناطر المفتوحة الفاصلة بين الصحن وحرم الصلاة في الجامع الأموي أولويّة وحدة الفضاء ضمن المعبد على الحماية من عوامل الطبيعة وممّا سهّل اتّخاذ القرار القِصر النسبي للشتاء الدمشقي من جهة، وإطلال واجهة الحرم على الشمال من جهةٍ ثانية، ممّا يوفّر الحماية من التعرّض المباشر لأشعّة الشمس. اقتصر إغلاق الواجهة على الستائر خلافاً لعمارة الكنائس بأبوابها المصمّمة في بعض المواقع المفتاحيّة.   


هيمن المجاز المعترض في قلب الحرم على الأسقف المجاورة في توكيدٍ على مركزيّة المقصورة تحت قبّة النسر التي كانت بمثابة مظلّة للخليفة الذي دخل إلى مقصورَتِهِ من بابً مستقلّ ليلقي المواعظ والخطب الروحيّة منها والدينيّة من المنبر ويأمّ المصلّين. تباين المجاز المعترض، بضخامته وارتفاعه، بشكلٍ صارخٍ مع الفضاء المفتوح الموحي بالمساواة بين المؤمنين وعكس أصداء الكنيسة التي حلّ محلّها كرمزٍ لانتصار الدين الجديد وخليفَتِهِ ظلّ الله على الأرض أو كما قال الفرزدق:


"خليفة كانَ يُسْتَسقى الغمامُ به

خيرَ الذين بقوا في غابرِ الأممِ"


والنابغة الشيباني:

"إِنَّ الوَليدَ أَميرَ المُؤمِنينَ لَهُ

حَقٌّ مِنَ اللَهِ تَفضيلٌ وَتَشريفُ"


وجرير:

"إِنَّ الوَليدَ هُوَ الإِمامُ المُصطَفى

بِالنَصرِ هُزَّ لِواؤُهُ وَالمَغنَمِ

ذو العَرشِ قَدَّرَ أَن تَكونَ خَليفَةً

مُلِّكتَ فَاعلُ عَلى المَنابِرِ وَاِسلَمِ

وَرِثَ الأَعِنَّةَ وَالأَسِنَّةَ وَاِنتَمى

في بَيتِ مَكرُمَةٍ رَفيعِ السُلَّمِ

وَرَأَيتُ أَبنِيَةً خَوَت وَتَهَدَّمَت

وَبِناءُ عَرشِكَ خالِدٌ لَم يُهدَمِ"


وابن قيس الرقيّات:

"وَالوارِثو مِنبَرَ الخِلافَةِ وَال

موفونَ عِندَ العُهودِ بِالذِمَمِ

مِنهُم إِمامُ الهُدى لَهُ نِعَمٌ

عِندي وَأَيدٍ تَصوبُ بِالدِيَمِ

خَليفَةٌ يُقتَدى بِسُنَّتِهِ

في إِرثِ مَجدِ الثَراءِ وَالكَرَمِ"




تعود اللوحة العثمانيّة الملحقة إلى العام ١٥٨٢ للميلاد وهي أقرب، بمآذنها الطويلة النحيلة والقباب الصغيرة تحت القبّة المركزيّة الكبيرة ورواق المدخل، إلى الجوامع العثمانيّة (جامع التكيّة السليمانيّة مثلاً) منها إلى الجامع الأموي. على الأرجح الرسم تخيّلي ومُستوحى من النماذج المحليّة ومن شبه المؤكّد أنّ الفنّان لم يَزُر الجامع ولم يَرَهُ في حياتِهِ. 
















Alain GeorgeThe Umayyad Mosque of Damascus. Art, Faith and Empire in Early Islam. Gingko, 2021.

No comments:

Post a Comment