Wednesday, June 26, 2024

ذخائر وكنيسة يوحنّا المعمدان في المصادر المسيحيّة

 

ويليبالد

لا يوجد ذرّة من الشكّ أنّ كنيسةً احتلّت المكان الذي شغله الحرم الروماني temenos سابقاً ويشغله الجامع الأموي حاليّاً كليّاً أو جزئيّاً (الاحتمال الثاني هو الأرجح). 


المشكلة أنّ ما نجهله عن هذه الكنيسة أكثر بكثير ممّا نعرفه:   


- هيئتها وعمارتها: كنيسة ملكيّة basilica أفقيّة التوجّه أم بناء مرتفع كما جرت العادة في قدس أقداس cella المعابد الوثنيّة؟

موقعها

- تاريخ بنائها (يرى Dussaud بوجود مرحلة أو كنيسة أولى وكنيسة ثانية) . 

- اسمها وهو موضوع اليوم الذي اقتبسته مع الاختزال والتصرّف بدايةً من الصفحة ١٠٢ - ١٠٣ من كتاب الدكتور آلان جورج.


لا نملك، إذا سلّمنا أنّ الكنيسة التي بُنيَت ضمن جدران الهيكل الروماني كانت أهمّ دور العبادة المسيحيّة في دمشق، إلّا الدهشة إزاء الصمت شبه المطبق عنها في المصادر المسيحيّة قبل الإسلام


الكنيسة بالكاد مذكورة في كتابات روّاد المؤرّخين والرحّالة المسيحييّن وهي من الأقدم إلى الأحدث:



حاجّ پياسنزا (حوالي ٥٧٠ للميلاد):

"ومن هناك عبرنا الجليل وأتينا إلى دمشق. يوجد دير في نقطة العلّام الثانية حيث تحوّل القدّيس بولس (إلى المسيحيّة) في الشارع المستقيم حيث اجتُرِحَت معجزاتٌ كثيرة. رحلنا من هذا المكان إلى مدينة الشمس (بعلبك) ومنها إلى حمص حيث يوجد رأس يوحنّا المعمدان محفوظاً في إناءٍ زجاجيٍّ رأيناه بأعيننا وصلّينا عليه".

الحاجّ إذاً ذكر ذخيرة المعمدان في حمص وليس في دمشق رغم أنّه زار الاثنتين.



- أخبار الفصح (القرن السابع الميلادي: انظر Whitby صفحة ٣٧):

في عهد يوليان المرتدّ أو الجاحد (٣٦٠ - ٣٦٣ للميلاد): "نبشوا في فلسطين رفات القدّيس يوحنّا المعمدان من مثواه في سبسطية وبعثروها".

مرّة ثانية لا ذكر ليوحنّا المعمدان في دمشق. 


- الحاجّ الإنجليزي Willibald (٧٠٠ - ٧٨٧ للميلاد): 

"سافروا مائة ميل إلى دمشق حيث يرقد جسم القدّيس حنانيا وأقاموا فيها أسبوعاً. يوجد على بعد ميلين كنيسةٌ على الموقع الذي تحوّل فيه القدّيس بولس إلى الدين الجديد".  

يُفهم من سياق الكلام وجود ذخائر في دمشق لحنانيا وليس يوحنّا. بيد أنّ Willibald ذكر أيضاً كنيسةً للمعمدان بنتها القدّيسة هيلانة (أمّ قسطنطين الكبير) في حمص تحديداً.   





- الأسقف البيزنطي ثيوفان المعترف (٧٦٠ - ٨١٧ للميلاد) في أخباره تحت العام ٦٢٥٢ من التقويم البيزنطي (الموافق ٧٦٠ - ٧٦١ للميلاد)

"نُقِلَ رأس القدّيس يوحنّا المعمدان من دير مار سابا إلى كنيستِهِ الشهيرة في حمص".

الكلام عن القدس ومنها انتقلت الذخيرة إلى حمص دون أدنى ذكر لدمشق. 


مع ذلك كتب Dussaud (صفحة ٢٣٦ - ٢٣٧) ما مفاده أنّ كنيسة دمشق كُرِّسَت ليوحنّا المعمدان قبل فترة قصيرة من الفتح الإسلامي مع رواياتٍ تقول بتواجد الذخيرة في دمشق (ودون أن تتخلّى حمص عن ادّعاءاتها) بيد أنّ العالِم الفرنسي الشهير استند في زعمِهِ إلى نصّ لاتيني عن الذخائر يعود إلى عام ١٧٠٧ للميلاد ولا يذكر دمشق إلّا في سياق الفتح الإسلامي دون التعرّض لوجود الذخائر فيها.  


خلاصة الكلام: ليس في المصادر المسيحيّة قبل الإسلام وحتّى بناء الجامع الأموي على الأقلّ ما يشير إلى وجود ذخائر القدّيس يوحنّا في دمشق بَلْهَ تكريس الكنيسة الملكيّة له وتسميتها على اسمه.













Alain GeorgeThe Umayyad Mosque of Damascus. Art, Faith and Empire in Early Islam. Gingko, 2021




No comments:

Post a Comment