ليس شارع دمشق المعروف بالمستقيم أو Via Recta أو Decumanus Maximus "مستقيماً" إذا توخّينا الدقّة. إذا تفحّصنا الخريطة أدناه نرى أنّه ينحرف انحرافاً طفيفاً (حوالي ٥ درجات حسب Wulzinger و Watzinger) في موضعين:
الموضع الأوّل يقع على مسافة قصيرة غرب الكاتدرائيّة المريميّة للروم الأورثوذوكس ويوافق رقم ٢١ في المخطّط حيث نرى قوس الخراب أو قوس التراتيل الذي كان مدفوناً تحت الأرض إلى أن جرى كشفه ورفعه إلى مستوى الشارع الحالي في عهد الانتداب الفرنسي. هذا القوس الروماني هو ما تبقّى من نصب تذكاري رباعي الوجوه tetrapylon أو quadifons كان الهدف منه إخفاء انحناء الطريق إلى جانب قيمته الجماليّة.
الموضع الثاني يتواجد حوالي ٤٠٠ متر غرب الأوّل قبيل تقاطع سوق البزوريّة مع الشارع المستقيم حيث نرى مئذنة الشحم المملوكيّة المربّعة التي تتشامخ بداية من قاعدة ينمّ تكوينها عن أصلها الروماني ولربّما كانت من مخلّفات بنية قديمة ضخمة مؤلّفة من أربع قواعد نحمل كلّ منها أربع أعمدة أو ما يسمّى بالعمارة الكلاسيكيّة tetrakionion. يوجد ما يماثل هذه البنية في جرش وتدمر ومن الممكن أن ترجع إلى القرن الثاني للميلاد. تتكلّم المصادر العربيّة اللاحقة عن عمود تذكاري حمل تمثالاً في هذا المكان (المقسلاط: نقطة تلاقي أبي عبيدة الذي دخل المدينة من باب الجابية مغ خالد ابن الوليد الذي دخلها من الباب الشرقي عام ٦٣٥ للميلاد).
الصورة أعلاه ملتقطة على الأغلب في سبعينات القرن العشرين.
Dorothée Sack. Damaskus. Entwicklung und Struktur einer orientalisch-islamischen Stadt. von Zabern, Mainz 1989.
Karl Wulzinger & Carl Watzinger. Damaskus, die antike Stadt. Berlin: Walter de Gruyter, 1921.
No comments:
Post a Comment