Wednesday, May 15, 2024

قدس أقداس دمشق

 

كشفت أسبار عام ١٩٦٢ - ١٩٦٣ في صحن الجامع الأموي عن قدس أقداس (cella أو naos) هيكل المشتري. هذا على الأقّل رأي الدكتور عدنان البنّي في مقال نشره بالفرنسيّة عام ٢٠٠٤ أعطانا نافذةً فريدةً على الموجودات ضمن جدران المعبد الروماني الداخلي (الذي حلّ محلّه الجامع الأموي). ألخّص فيما يلي ما أسفر عنه التنقيب:

أُجرِيَت الحفريّات في مستطيلٍ طوله عشرين متراً يقع إلى الجنوب من قبّة الخزنة بينها وبين حرم الصلاة وأظهرت للعيان أساسات fondations بلغت سماكتها أربعة أمتار مع احتمال امتدادها إلى الحرم. نرى أيضاً في الصورة الثالثة (figure 2 حسب ترقيم المؤلّف) فقرة tambour ضخمة من عمود محزّز قطرها حوالي متراً وثمانية أعشار المتر. لا ريب أنّ أسساً على هذه الدرجة من الضخامة حملت قديماً معبداً عظيماً يليق بالمشتري (أو زفس أو حدد) وأنّ هذا المعبد كان محاطاً أو على الأقلّ مسبوقاً في أحد جوانيه بأعمدةٍ شامخة. نحن إذاً أمام قدس أقداس (cella: معبدٌ لا يملك دخوله إلّا الأحبار وفيه تواجد صنم الإله أو صورتُهُ) مهيب تجاوزت أبعاده نظيرتها في معبد بل في تدمر وقاربت ما نراه في معبد بعلبك الكبير.


تمّ الدخول إلى هيكل المشتري من الشرق (باب جيرون) ومن ثمّ يصادف الزائر حوض الغسل (الوضوء) يليه قدس الأقداس. في رأينا أنّ قدس الأقداس أصبح كنيسةً ملكيّةً في العهد البيزنطي عندما أُغلِقَ من الشرق - حيث تواجد المذبح autel الوثني - وفُتِحَ من الغرب. يعزّز رواق باب البريد المعمّد الذي أُقيمَ في العهد هذه الفرضيّة كونه يؤدّي مباشرةً إلى قدس الأقداس - الكنيسة من مدخلها الغربي. يترك هذا المخطّط مساحةً أكثر من كافية ضمن معبد temple المشتري القديم لأبنيةٍ ملحقة وعلى سبيل المثال مشهد يوحنّا المعمدان وغرفة وجرن المعموديّة baptistère (مزيدٌ عنها لاحقاً) وهلمّجرّا. 


باختصار توصّل الدكتور عدنان البنّي إلى استنتاجين في غاية الأهميّة:


- تواجد قدس الأقداس في القسم الغربي من صحن الجامع وهناك أدلّة ماديّة عليه جنوب قبّة الخزنة.

- حلّت كنيسة دمشق الملكيّة basilique محلّ قدس الأقداس مع تحويل المدخل من الشرق إلى الغرب وإضافة الرواق المعمّد المؤدّي إلى باب البريد لاحقاً. 


يتّفق البنّي مع Creswell في موقع الكنيسة الملكيّة



نرى في الشكل الأخير ثلاثة رسوم تمثّل من الأعلى إلى الأسفل:


- هيكل المشتري بأبراج زواياه الأربعة وقدس الأقداس - الكنيسة في القسم الغربي من الصحن والرواق البيزنطي المعمّد في الغرب.

- تصوّر لجامع الوليد.

- جامع بني أميّة الحالي (تعكس هيئة قبّة النسر الترميم بعد حريق ١٨٩٣). 












ʿAdnān al-Bunni. Du Temple Païen à la Mosquée. Sacralidad y Arqueología, Antig. Crist. (Murcia) XXI, 2004, Págs. 595-605. 



No comments:

Post a Comment