ينعت الخطاب الرسمي منظّمات داعش والنصرة ومشتقّاتها وعن حق بالتكفيريّة، كونها ترفض التعدّديّة، وتعتبر كلّ الفئات التي تختلفُ عنها مارقةً عن الإسلام وملحدة: الإثني عشريّة "الروافض"، الصوفيّة، العلوييّن "النصيريّة"، الدروز، الاسماعيلييّن، وهلمّ جرّا.
كلام لا بأسَ بِهِ ولكن للإنصاف، لا بدّ من التعرّض لما يمكن تسميته "التكفير المعاكس" وما أكثره! مَنْ منّا لم يقرأ على صفحات التواصل الاجتماعي عباراتٍ من نوع "لو كان هذا الداعشي أو النصروي مسلماً أو يعرف الإسلام لما قال كذا وكذا، ولما فعل كذا وكذا"؟
هذا التحليل مفهوم ولكنّه ليس منطقيّاً. بإمكاننا، بعد ما فعلوه بتدمر وغيرها، اتّهام موتوريّ الدولة الإسلاميّة بالكثير، ولكنهّم مسلمون دون أدنى شك، ولسببٍ بسيط: أنّهم يعرّفون أنفُسَهم كمسلمين ويؤمنون بإسلامهم كما يفهمونه. يمكن بنفس المحاكمة أن نصل إلى النتيجة ذاتِها عن الكثير من العتاة عبر التاريخ، من أبي العبّاس (الذي لا يخجل أحد من وصفِهِ بالسفّاح)، مروراً بتيمورلنك الورع، ونهايةً بكثيرٍ من سلاطين آل عثمان الذين استهلّوا حكمَهُم بذبح جميع الذكور من إخوتِهِم.
لكل إنسان كامل الحق بتحديد هويّتِهِ، وكما لا يوجد "مسيحيّة واحدة" (مع احترامي للكاثوليك)، فلا يوجد "إسلام واحد"؛ وكما نعترف بعروبة من عرّف نَفْسَهُ "عربيّاً"، فيجب علينا أن نسلّم بإسلام من عَرّف نَفْسَهُ مسلماً.
قبولُنا هويّةَ زيدٍ أو عمر لا علاقة لها بحبّ أو كراهية، ولا بصداقةٍ أو عداوة؛ مَن حارَبَني حارَبْتُهُ ومن سالَمَني سالمتُهُ بغضّ النظر عن هويّتِهِ كما يحدّدها هو دون سواه. من العبث إضاعة الوقت كي أثبت له أو يثبت لي من منّا أكثر فهماً للنصوص الدينيّة، ومن منّا هو المسلم الحقيقي.
المسلم "المعتدل" مسلم، والمسلم "المتطرّف" مسلمُ أيضاً، شئنا أم أبينا، والجميع على الرأس والعين طالما مارسوا إسلامَهُم في بيوتِهِم وجوامِعِهِم، وطالما احترموا حريّات الآخرين مسلمين كانوا أو غير مسلمين. يمكن إسقاط نفس المحاكمة على أتباع أي دين أو طائفة.
مكان الدين الطبيعي في المنازل ودور العبادة وبعيداً عن السياسة والقانون والمدارس العامّة.
الصورة الملحقة عن موقع درر سلفيّة على الفيس.
كلام لا غبار عليه، أحسنت
ReplyDeleteشكراً
Delete