يواجه تلّ معربا الشمال ويشتقّ من السلسلة الأولى (الجنوبيّة الشرقيّة) لجبال القلمون. استقرّ الفلّاح على نقاط المنحدر الأكثر موائمةً وفتح نوافذ بيته باتّجاه الجنوب وهو أمر غير مألوف في قريةٍ سوريّةٍ يقل ارتفاعها عن تسعمائة متر.
تقع معربا في نقطة التقاء مجرى منين مع الصاحب ويشكّل مرتفعها القليل الانحدار بين واديين مكاناً ممتازاً للاستقرار مع مراعاة عدم البناء على التربة الخصبة ومنه تجمّع البيوت على المنحدر الصخري المهيمن على مجرى الماء. إذا تسلّقنا التلّ نصادف البيوت الأولى على الضفّة العلويّة لأكثر فروع مجرى الصاحب ارتفاعاً (يشابه هذا ما نجده في منين). يزداد ميلان المنحدر فجأةً على الطريق إلى الذروة وتتوقّف حدود القرية العلويّة عند نقطة التحوّل هذه.
معربا ببيوتها المتشبّثة بالصخور أشبه ما تكون بملاذ أو وكر. لا ريب أنّ توافر الماء وإمكانيّة استثمار التربة فيهما الكفاية لتبرير استيطان الموقع ومع ذلك تعطي معربا انطباعاً عن قرية على أهبة الدفاع عن نفسها على الدوام. السوريّون عموماً قادرون ومتعوّدون على الحياة تحت ظروف يغيب فيها الأمن أو يكاد وبالتالي تعيّن عليهم السهر على سلامة أنفسهم وذويهم وبالفعل تشغل معربا موقعاً مناسباً للتصدّي إلى شراذم الأشرار وعلى نفس المبدأ يمكن أن يكون معقلاً لقطّاع الطرق.
تعود الصورة الملحقة إلى منتصف ثلاثينات القرن الماضي على أحدث تقدير ونرى معربا في المقدّمة على اليمين والبيادر على اليسار وجبال لبنان الشرقيّة في خلفيّة اللقطة.
الرسم (عن Thoumin شأنه في ذلك شأن الصورة والخريطة والنصّ) لبيوت معربا على حدود القرية الجنوبيّة. لا يتجاوز عرض الأزقّة المترين ونلاحظ غياب النوافذ والأبواب لتسهيل الدفاع عن البلدة.
Richard Thoumin. Géographie humaine de la Syrie Centrale. Tours, Arnault et Cie 1936.
No comments:
Post a Comment