Wednesday, February 23, 2022

التلّ

 


بنى الأقدمون بيوتهم على المنحدر عندما وقع اختيارهم على موقع التلّ وحافظوا على مسافة معيّنة بين المنطقة السكنية من جهة ومجرى الماء في الوادي من جهة ثانية. حاول الفلّاح استثمار ما تيسّر من التربة عن طريق بناء المصاطب وفي نفس الوقت تمّ تمهيد الأرض قدر الإمكان لإقامة البيوت دون الإصرار على تنظيم الطابق الأرضي أو الباحة على مستوى أفقي. نشاهد ميلاناً في مستوى الأزقّة قد يتجاوز الثلاثين درجة ومع ذلك ليس هذا الأمر بذي بال نظراً للغياب الكامل للعربات. 


التلّ إذاً مبنيّة على مستويات متدرّجة تفصل بين الهضبة في الأعلى والوادي في الأسفل. تحتلّ بيوتها المتلاصقة الأراضي الأقلّ صلاحيةً للزراعة وكأنّ الأهالي توخوّا إشغال أصغر حيّز ممكن إذ نراهم يخصّصون الأرض للأزقّة بمنتهى التقتير وعلى مضض وعلى نفس المبدأ لا تتجاوز مساحة باحات بيوتهم بضعة أمتار مربّعة. كثيراً ما يتجاوز الطابق العلوي نظيره السفلي ليشكّل قبوة تسقف الزقاق (كما في السيباط في دمشق). بالنتيجة توسّعت التلّ عموديّاً بالمقارنة مع منين التي توسّعت أفقيّاً.    


التلّ قرية موسرة نسبيّاً لا يكتفي قاطنها ببيت بسيط وبالتالي لجأ إلى بناء العقود (الصورة الملحقة) الحاملة لروافد السقف الخشبيّة وتوصّل بهذا الأسلوب إلى الحصول على قاعات رحبة أنيقة. أراد أهل التلّ أيضاً الاحتماء من حرّ الشمس وهطول الأمطار في تنقّلهم من غرفة إلى غرفة وبناءً عليه قاموا بمدّ السطح ليتجاوز الجدار الحامل ويشكّل رواقاً محمولاً على عقود كما نرى في الدور اللبنانيّة في وقت تعيّن فيه على أهل دمشق استعمال الصحن المركزي للتنقّل داخل منازلهم. 


تعكس هذه المعلومات وضع القرية في ثلاثينات القرن الماضي وجميعها مقتبسة عن الجغرافي الفرنسي Thoumin (المرجعين أدناه).









بيوت الحجر الكلسي






Richard Thoumin. Géographie humaine de la Syrie Centrale. Tours, Arnault et Cie 1936

Richard Lodoïs Thoumin. La maison syrienne dans la plaine hauranaise: le bassin du Baradā et sur les plateaux du Qalamūn. Paris, 1932. Librairie Ernest Leroux.

Richard Lodoïs Thoumin 1897-1972

Maison en pierre calcaire

Tall

No comments:

Post a Comment