تمّ التعرّض إلى أنواع البيوت الطينيّة وتقنيّاتها المختلفة (الدكّ واللبن والخشب + اللبن) ونبدأ اليوم ببيوت الحجر الكلسي في سوريّا الجنوبيّة (أو المركزيّة إذا اعتبرنا ضفّتيّ الأردنّ من مكوّنات سوريّا الجغرافيّة) حتّى مطلع القرن العشرين نقلاً عن الجغرافي الفرنسي Thoumin (مع جزيل الشكر للدكتور عبد الرزّاق معاذ الذي أرشدني إلى رابط يذكر تاريخ ومكان ولادته ووفاته).
اعتمد الأهالي الحجارة الكلسيّة أو البركانيّة (سيأتي دور هذه الأخيرة قريباً) حسب الإقليم. تصنيف البيوت المبنيّة بالحجارة أكثر صعوبة منه في حالة بيوت الطين ويتميّز الانتقال فيها من نموذج لآخر بالبطء عموماً . على سبيل المثال يمكن استعمال الحجارة الجافّة في إكمال القسم العلوي من جدار قوامه الحجر الغشيم moellon المسكوب في المونة mortier. يمكن أيضاً أن تستعمل في نفس البيت قطع من الصخور الهاوية والأحجار التي خضعت للحدّ الأدنى من التشذيب وإذا تمعّن المرء بجدار ما فسيجد صعوبةً في تحديد ما إذا كان البنّاء قد كلّف نفسه عناء نحت الحجر أو أنّه بكل بساطة اكتفى بتسوية زواياه. تقارب هذه التقنيّة درجة الكمال في المناطق الحاوية على عيّنات سهلة المعالجة من الحجر الكلسي وأيضاً كلّما اقتربنا من الحواضر.
من الممكن رؤية أكثر من طريقة للبناء في نفس القرية ويصعب تفسير ذلك استناداً إلى العوامل البيئيّة. عموماً البناء بالحجر أكثر تعقيداً بكثير من البناء بالطين وبالتالي فمحاولة دراسته تحت مجموعات تنظم حسب التقنيّة المستعملة فيها من التبسيط أكثر ممّا ينبغي وقد تؤدّي إلى تشويش الصورة. لجأ المؤلّف بالتالي إلى وصف مواد البناء وطريقته بداية بالمناطق التي نرى فيها أكثر النماذج بساطةً ونهايةً بتلك التي يتجلّى فيها فنّ العمار بكلّ عنفوانه.
الصورة الملحقة من قرية دير العشاير حيث استعملت في بناء الجدار حجارة معبد قديم وسقف البناء بالأغصان والطين. هذه التقنيّة بدائيّة وهي أبسط ما نصادفه في البيوت الحجريّة.
للحديث بقيّة.
Richard Lodoïs Thoumin. La maison syrienne dans la plaine hauranaise: le bassin du Baradā et sur les plateaux du Qalamūn. Paris, 1932. Librairie Ernest Leroux.
Thoumin, Richard-Lodois (1897-1972)
No comments:
Post a Comment