Tuesday, August 23, 2016

مشروع مصاهرة بين صلاح الدين وريتشارد قلب الأسد


لا تكفي سطور قليلة لسرد مآثر صلاح الدين قاهر الصليبييّن في حطّين وموحّد سوريا ومصر على أنقاض الخلافة الفاطميّة وورثة الأتابك نور الدين.

السجال بين الملك الناصر وملك انجلترا ريتشارد قلب الأسد معروف ومطروق ويكفي القول أنّه انتهى بالتعادل السلبي أي فشل صلاح الدين في طرد الصليبييّن من الساحل السوري كما فشل هؤلاء في استعادة القدس فما العمل؟ 

تفتّق ذهن قلب الأسد على حلّ لا يخلوا من الطرافة ولا تذكره على علمي كتب التاريخ العربيّة: لم لا يحاول الحصول عن طريق خاتم زواج على ما عجز مناله في ساحات الوغى؟ وبناء عليه عريض يد أخته جوّانا على الملك العادل أخي  صلاح الدين على أن يكون مهرها مدينة القدس مفتوحة للمسلمين والمسيحييّن. 


ليس من المؤكّد أنّ صلاح الدين حمل هذا العرض على محمل الجدّ وفي كلّ الأحوال "حساب السرايا ما طبق على حساب الجرايا" كما يقول المثل الشامي وكانت العقبة الكأداء جوّانا التي غضبت غضبت مضريّة وتشاجرت مع أخيها الذي تجرّأ أن يساوم على زواجها من "كافر" أي مسلم وهالها احتمال أن تنضمّ إلى "حريم" الملك العادل. حاول ريتشارد تجاوز هذه المشكلة عن طريق محاولة إقناع الملك العادل باعتناق المسيحيّة وكان مصير هذه المحاولة الفشل بالطبع وعاد قلب الأسد إلى أوروبا خاوي الوفاض. 


تصوير مروان مسلماني

Monday, August 15, 2016

ضريح نور الدين في دمشق


 تصوير مروان مسلماني




فتح الأتابك نور الدين زنكي دمشق عام 1154 للميلاد ووافته المنية ليدفن فيها عام 1174. لنور الدين إنجازات عديدة أسهب في وصفها وأطنب معاصره المؤرخ الدمشقي إبن عساكر (1105-1176) وعلى سبيل المثال تقى نور الدين وورعه وغيرته على الدين وعلمه الغزير ورعايته للعلماء وإهتمامه بالصحة الجسدية والعقلية لرعاياه وإلغائه للضرائب الجائرة والمكوس وحمايته للأيتام والفقراء وزهده وتقشفه وجهاده ضد الإفرج (أي الصليبيين) وكل ذلك وأكثر ما هو إلا غيض من فيض على حد تعبير إبن عساكر.

علاوة على كل ما سبق لا يغفل المؤلف دور نور الدين في "قمع الرافضة" والبدع وفرض علامات مميزة لليهود والمسيحيين أي خلاصة الكلام محاولة توحيد الإسلام تحت راية السنة ومذاهبها الفقهية الأربعة.

شهد العالم الإسلامي ما إعتبره البعض عصراً شيعياً إعتباراً من القرن العاشر الميلادي مع صعود البويهيين في العراق وإيران والحمدانيين في حلب والفاطميين (أي الإسماعيليين) في شمال إفريقية والمغرب ومنها إلى مصر ومن ثم ظهور الدروز ولربما وصل المد الشيعي إلى أوجه تحت الخلافة الفاطمية في القاهرة.

بدأت ردة الفعل السنية في منتصف القرن الحادي عشر مع الأتراك السلاجقة الذين ألحقوا بالبيزنطيين هزيمة شنعاء تحت قيادة زعيمهم ألب أرسلان وطردوهم من معظم آسيا الصغرى (مما أدى لأن يستنجد البيزنطيون بالصليبيين وهكذا إنتقلوا "من تحت الدلف لتحت المزراب") و أعادوا للخليفة العباسي السيادة الإسمية على العالم الإسلامي.


بعد السلاجقة أتى الأتابكة ثم الأيوبيون وقام عاملا نور الدين الأميران الكرديان أسد الدين شيركوه وإبن أخيه صلاح الدين بالقضاء على الدولة الفاطمية وبذلك تحول الأزهر وهو أقدم جامعة إسلامية في العالم من مؤسسة إسماعيلية إلى سنية وقدر له أن يستمر كذلك حتى يومنا هذا.

Tuesday, August 9, 2016

الهاجرية وولادة العالم الإسلامي

من هم الهاجريون؟


صدر كتاب أقل ما يمكن القول عنه أنه مثير للجدل عن مطابع جامعة كامبردج عام 1977 للأكاديميين باتريشيا كرون (1945-2015) ومايكل كوك (1940-) يتناول أصول الإسلام من وجهة نظر مختلفة جذرياً عن الدراسات التقليدية التي تعتمد في تأريخ الإسلام على النصوص الإسلامية. يقول المؤلفان في المقدمة ودون مواربة أنه لا يمكن لأي مسلم مؤمن ان يتقبل آرائهما وأن الكتاب "كتبه كفار وهو موجه لقراء كفار".

وجهة نظر المؤلفين ببساطة أن المصادر الإسلامية مغرضة أولاً وأنها دونت بالشكل الذي نعرفه حالياً بعد أجيال من الأحداث التي تصفها ثانياً وكان الحل الذي لجأ إليه الكاتبان بناءً عليه هو البحث في المصادر الغير عربية التي عاصرت اللأحداث التي غيرت تاريخ الشرق الأدنى والبشرية في القرن السابع للميلاد والمقصود هنا المصادر السريانية والعبرية واليونانية واللاتينية والأرمنية وهلمجرا.

كلمة "الهاجرية" مشتقة من هاجر جارية إبراهيم وأم إسماعيل وللمؤلفين تفسير آخر يربط الكلمة بالهجرة والمقصود هنا خروج العرب من الجزيرة العربية لغزو الهلال الخصيب والشرق الأدنى وليس الهجرة من مكة إلى المدينة والتي لا ذكر لها خارج المصادر الإسلامية. يترتب على ذلك نتائج لعل أهمها تلبس محمد لدور موسى كمخلص قاد شعبه إلى أرض الميعاد وبالتالي نستطيع أن ننظر لبداية الإسلام كدمج للقيم اليهودية مع القوة البربرية وهنا يشير الكاتبان أن مصطلحات "إسلام" و"مسلمين" ظهرت للمرة الأولى (أو على الأقل حسب ما نعرفه حالياً) في قبة الصخرة عام 691 للميلاد. شهدت العقود اللاحقة بالطبع تطور الإسلام من ديانة قبلية وإله الإسلام من إله قبلي على غرار اليهودية إلى دين ذي طموحات كونية مثله في ذلك مثل المسيحية وإن اختلفت الأساليب.

رفض معظم الأكاديميين النتائج التي توصل إليها المؤلفان وبالنتيجة تراجع الكاتبان نفسهما ولم يعد طبع الكتاب ولكن لحسن الحظ يمكن تحميله بالمجان على الشبكة.

تجدر الإشارة هنا إلى مقال هام للسيدة كرون عام 2008 يمكن إعتباره مسك الختام و أختصر أهم ما ورد فيه كما يلي:

1.لا شك بكون محمد شخصية تاريخية فهو مذكور في مصدر يوناني خلال سنتين من التاريخ المفترض لوفاته على أبعد تقدير كنبي دجال ظهر بين العرب مسلحاً بسيف ومزوداً بعربة.

2. رسالة محمد واضحة من خلال القرآن والذي لا يخبرنا الكثير عن حياة محمد وإن أعطانا فكرة اكثر من وافية عن فكره والعقيدة التي بشر بها.

3. مكان الدعوة بعيد عن الوضوح إذ ليس هناك ذكر لمكة قبل الفتوحات خارج المصادر العربية ولربما استطاع علماء الآثار في المستقبل ان يجدوا أدلة في هذا الصدد وإن كان التنقيب في الأماكن المقدسة حالياً من المحرمات.



https://www.opendemocracy.net/faith-europe_islam/mohammed_3866.jsp