Wednesday, March 27, 2019

حوادث دمشق اليوميّة


رأينا كيف وصلتنا مخطوطة ابن بدير الحلّاق منقّحة ومعدّلة عن طريق محمّد سعيد القاسمي. ما قام به هذا الأخير غير مقبول من وجهة نظر أكاديميّة تتوخّى الأمانة في النقل ومع ذلك فالفضل له في تعريفنا على هذا الكتاب النفيس وليس من العدل الحكم عليه بالمقاييس المدرسيّة المعاصرة. في كلّ الأحوال لم يحاول القاسمي إخفاء تعديلاته -إن لم نقل تشويهاته- بل على العكس كان فخوراً بها كما تدلّ على ذلك مقدّمة الكتاب:

"أمّا بعد، فإنّ حوادث دمشق اليوميّة التي صدر غالبها في أيّام الوزيرين العظيمين سليمان باشا وأسعد باشا اللذين هما من أعيان وزراء بني العظم العظام، جمعها الفاضل شهاب الدين أحمد بن بدير البديري الشهير بالحلّاق من سنة ١١٥٤ إلى سنة ١١٧٦ قد اشتملت على غرائب وعجائب وأهوال، ولبساطة مؤلّفها كتبها بلسان عامّي ثمّ أطنب بزيادات الحوادث وأدعية مسجّعة يملّ سامعها ويسأم قارئها، فحذفت القشر من هذه الحوادث ووضعت اللباب وهذّبتها على حسب الاستطاعة بالصواب، وإليه تعالى المرجع والمآب آمين".  

هل التزم القاسمي فعلاً "بحذف القشر ووضع اللباب"؟ وهل نقل لنا فعلاً الصورة كما رسمها ابن بدير؟ 

قامت الدكتورة دانا سجدي بمقارنة نصّ البديري كما غربله القاسمي مع مخطوطة أصليّة فريدة من مجموعة Chester Beatty في Dublin. هذه المخطوطة كانت محتواة في مجلّد شمل إضافة إليها مخطوطتين إضافيّتين مغمورتين الأولى لزين العابدين بن السيّد محمّد البرزنجي المكّي (توفّي ١٧٥٩) بعنوان "كشف الحجب والستور عمّا وقع لأهل المدينة مع أمير مكّة سرور" والثانية لأبي كمال محمّد سعيد السويدي البغدادي (توفّي ١٨٣١) بعنوان "ورود حديقة الوزراء بورود وزارة مواليهم في الزوراء".   

ما يهمّنا هنا مخطوطة ابن بدير وباستقراء هذه المخطوطة وصلت الدكتورة سجدي إلى تنائج بالغة الأهميّة ومنها:

١. تعديلات القاسمي تجاوزت اللغة والأسلوب والقواعد بكثير وحتّى فيما يتعلّق باللغة انطلق المحقّق من العربيّة المعاصرة التي كانت بداياتها في النهضة الأدبيّة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ولم يكن دوماً موفّقاً في تهذيب وتنقيح اللغة الأقدم للنصّ. أي بعبارة ثانية ما اعتبره القاسمي "اللسان العامّي" لابن بدير عكس إلى حدّ كبير تطوّر اللغة خلال قرن من الزمن وليس جهل المؤلّف. 

٢. بجّل القاسمي الدولة العثمانيّة ونوّابها من آل العظم أكثر بكثير ممّا فعل ابن بدير وعلى سبيل المثال ذكر هذا الأخير لإنجازات أسعد باشا العماريّة في قصر العظم وخان البزوريّة كان للتوكيد على تبذير الوالي والظلم الذي وقع بالناس من جرّاء هذا التبذير بينما اعتبر القاسمي هذه العمائر التي "عزّ نظيرها في الدنيا" فخراً لآل العظم ومجداً لهم. ابن بدير يركّز  على الحوادث الجارية بينما همّ القاسمي التاريخ والتراث بالدرجة الأولى. يذكّر القصر والخان ابن بدير بالملك النمرود الكافر (أو فلنقل شدّاد ابن عاد وإرم ذات العماد) والقاسمي بالنبي سليمان وهيكله في القدس.

٣. حذف القاسمي الكثير عن ابن بدير كإنسان وعن عائلته وشعره والناس الذين خالطهم وأهمل التراجم في المخطوط الأصلي اللهمّ إلّا من اعتبرهم جديرين بالذكر  وبذل قصارى جهده لتجنّب الخوض في علاقات ابن بدير مع أكابر القوم. 

٤. من الواضح أنّ القاسمي منحاز لآل العظم وبالتالي فهو ضدّ أعدائهم ومنافسيهم وعلى رأسهم فتحي أفندي الدفتري وعلّ هذا عكس رغبة لديه في التقرّب من هذه العائلة التي استمرّ نفوذها في دمشق حتّى مطلع ستّينات القرن العشرين. 

رغم هذه الاعتراضات وغيرها ما كان لنا التعرّف على ابن بدير و"حوادثه" دون وساطة القاسمي وسعيه المشكور ومن حسن الحظّ أنّنا اليوم نمتلك نسخة من النصّ الأصلي للمقارنة. ختاماً قام التلفزيون السوري عام ٢٠٠٧ ببثّ مسلسل "الحصرم الشامي" استناداً إلى الحلّاق وكتابه. لم يتح لي مشاهدته وبالتالي لا أستطيع الحكم فيما إذا كان أقرب إلى البديري من منظور القاسمي أم إلى ابن بدير الحقيقي.   





Tuesday, March 26, 2019

صالون الحلّاق وحكايات الشام


غطّت مخطوطة "حوادث دمشق" لشهاب الدين أحمد بن بدير الحلّاق الفترة بين ١٧٤١ و ١٧٦٢ كما رأينا. تربّع إثنان من آل العظم على ولاية دمشق وقتها الأوّل سليمان باشا (١٧٤١-١٧٤٣) والثاني ابن أخيه أسعد باشا (١٧٤٣-١٧٥٧) أشهر ولاة هذه الأسرة وباني القصر والخان جنوب الجامع الأموي. شهدت بدايات ولاية أسعد باشا نزاعاً على السلطة بينه وبين فتحي أفندي الفلاقنسي الدفتردار أو الدفتري انتهت بمصرع هذا الأخير عام ١٧٤٦ عندما هاجم أسعد باشا معقله في حيّ الميدان. تعرّض ابن بدير لهذه الحوادث ولكنّها أهميّتها بالنسبة له كانت بالدرحة الأولى الضرر الذي ألحقته بالناس العادييّن وغلاء المعيشة وفساد الأخلاق وجور الأقوياء. 

تركيز الحلّاق كان على الفوضى وكتاباته الأصليّة -على عكس النصّ المنقّح والمعدّل الذي نقله القاسمي- لم تكن شديدة التبجيل لآل العظم خصوصاً والإمبراطوريّة العثمانيّة عموماً. تتكرّر في ابن بدير الإشارة إلى أسعار السلع الغذائيّة وهو يهدف عندما يذكر عمليّة بناء فصر العظم وتحويل المياه إليه إلى إظهار جشع أسعد باشا وتبذيره وحبّه للتظاهر. رواية ابن بدير تسلّط الأضواء على عامّة الناس ومن الواضح أنّ الرجل محافظ رغم غنى أسطره بالفضائح الجنسيّة وغير الجنسيّة فهو على سبيل المثال يدين ما رآه من تصرّفات النساء اللواتي يشربن القهوة ويمارسن التدخين علناً ولا يتردّد في استعمال كلمات عاميّة مبتذلة يربأ العلماء الذين يزدرون المقاهي ولغتها عموماً عن استعمالها (وهي بالطبع أقلّ من عاديّة مقارنة مع القصص الساخنة في "ألف ليلة وليلة")  وإن كان هذا دوماً عندما يندب انحطاط الأخلاق بغية شجب الفسق والفجور والمجون وليس بغرض التسلية. على سبيل المثال:

رواية انتحار حسن ابن الشيخ يوسف الرفاعي:
"فذهب إلى جامع الدقّاق وصلّى الصبح مع الإمام وصلّى على نفسه صلاة الموت وصعد المنارة ونادى يا أمّة الإسلام الموت أهون من التعريص مع دولة هذا الأيّام ثمّ أرمى نفسه رحمه الله وعفى عنه".

وأيضاً قصّة احتفال مجموعة من البغايا يشفاء عشيق لإحداهنّ:
"وممّا اتّفق في دولة أسعد باشا العظم أنّ واحدة من بنات الهوى قد عشقت غلام من أبناء الترك فمرض فنذرت عليها ان تعافى تقرأ له المولد عند الشيخ أرسلان. وبعد أيّام تعافى فجمعت شلكّات البلد وحطّت شمع وقناديل ومباخر ومشت في أسواق البلد ودارو بالقناديل والغناء والصفق والكفوف والدقّ بالدفوف والعالم وقوف وصفوف وسارو وهم مكشوفات الوجوه مدلّعات الشعور مدهونات الوجوه والناس تنظر لذلك".

هناك أيضاً قصّة مسرح خيال الظلّ (كراكوز):
"وكان حاضر بالجمع رجل نصراني وكيل البطرك يقال له ابن توما فأطلقو له السراح فعمل عمايل موهومة ولعب خيال أنوار وعمل واحد بصفة ابن توما وكان غليظ طويل وعمل واحد صفة يهودي وجعل اليهودي ينيك إلى ابن توما النصراني في داخل الجمع والمحفل وكلّ منهم إلى ذلك الأمر ينظر ويبصر وقد فعلو أفعال لا تفعلها الجهّال". 

ابن بدير إذاً راوية من الدرجة الأولى واهتمامه يتصبّ على الأحداث الجارية وليس التاريخ ومعاناة الناس العاديين همّه الأوّل وإن لم يفته ذكر احتفالات فتحي الدفتري الباذخة بزفاف ابنته والأبّهة التي رافقت ختان أحد أولاد سليمان باشا العظم. 

بقي علينا التعرّض لرواية الحلّاق كما غربلها القاسمي









Monday, March 25, 2019

شهاب الدين أحمد ابن بدير


ندين للقاسمي بالكثير فهو الذي عرّف الأوساط العلميّة على مخطوطة ابن بدير  وإليه ترجع تسمية هذا الأخير بالبديري وعنوان "حوادث دمشق اليوميّة". فضل القاسمي إذاً لا يمكن إنكاره مع الأخذ بعين الاعتبار أنّه أجرى تعديلات هامّة على النصّ الأصلي (كما سنرى) وليس فقط على العنوان واسم المؤلّف واللغة والأسلوب. يحسن قبل التعرّض لهذه الناحية الشديدة الأهميّة أن نتعرّف على المؤلّف الأصلي.

ولد شهاب الدين أحمد ابن بدير جنوب وخارج سور مدينة دمشق في حيّ القبيبات وكان ذلك في الربع الأوّل من القرن الثامن عشر. كان أبوه وجميع الذكور في عائلته عكّامين (جمع عكّام أي حمّال أو بالعاميّة عتّال) على طريق الحجّ. اشترى ابن بدير داراً في التعديل (خارج سور المدينة إلى الغرب وجنوب حيّ القنوات) بعد وفاة أبيه وحالفه الحظّ عندما تعلّم مهنة الحلاقة في حانوت (صالون إذا شئنا) المدعو أحمد ابن الحشيش (توفّي ١٧٤١) الذي كان المتصوّف عبد الغني النابلسي أحد زبائنه (توفّي ١٧٣١). المهنة وقتها شملت الختان والفصادة والحجامة إى جانب فصّ الشعر وتهذيب اللحى والشوارب وإن لم يعطنا الكاتب تفاصيلاً فيما إذا كان بالفعل قد مارس كلّ هذه النشاطات. افتتح ابن بدير حانوته الخاصّ في موقع باب البريد الاستراتيجي غرب الجامع الأموي وعمل به لعدّة سنوات ويبدوا أنّه اضطّر لاحقاً للانتقال عام ١٧٥٤ إلى مناطق أكثر تواضعاً في الدرويشيّة ثمّ السنانيّة حيث استقرّ حتّى عام ١٧٦٢. ارتادت عليّة القوم محلّه من علماء وصوفييّن وهلمّجرّا وكان هو نفسه متصوّفاً إلى حدّ ما ومن أتباع الطريقة القادريّة. 

لا يخبرنا الحلّاق الكثير عن عائلته ونعلم مع ذلك أنّه أنجب على الأقلّ ثلاثة أولاد: ابنين (مات أحدهما بالطاعون عن عمر لم يتجاوز الأربعة عشر ربيعاً) وبنتاً واحدةً.  

يغطّي "حوادث دمشق" الأعوام ١٧٤١-١٧٦٢ ويبدوا أنّ الكاتب توفّي بعد إنجازه بفترة وجيزة وهو ينتمي لما أطلقت عليه الدكتورة دانا سجدي نعت "محدثي الأدب" وهي تسمية اشتقّتها من "محدثي النعمة" دون اقتباس المضمون السلبي لهذا التعبير الأخير. المقصود بمحدث الأدب هو ظاهرة من المؤلّفين الجدد الذين امتهنوا التأريخ الذي كان سابقاً حكراً على علماء الدين أو كاد. هؤلاء المؤلّفين الجدد تميّزوا بطراز أدبي يغلب عليه الطابع الروائي المشوّق الذي يلقيه الحكواتي في المقاهي ويختلط فيه السجع والشعر واللغة العاميّة مع الفصحى وليس من المبالغة مقارنته بسير الزير سالم وسيف بن ذي يزن وعنترة بن شدّاد والظاهر بيبرس. من الواضح أنّ الكتب وقتها -سواءً التي خطّها "العلماء" أو "محدث الأدب"-كانت عزيزة المنال في عهد يسبق الطباعة وكثير منها لا يوجد منه أكثر من نسخة أو اثنتين ولربّما كان المندثر أكثر من الباقي. 

لمن كتب ابن بدير؟

التاريخ كما كتبه العلماء تراجم وطبقات عمادها الإسناد (أي عن فلان عن فلان عن فلان.... أنّ فلاناً قال تماماً كما في الأحاديث النبويّة)  وكان المؤلّفون الأوائل يرجعون تاريخهم إلى البدايات إلى أن أتى اللاحقون فحاولوا إضافة "ذيل" إلى التواريخ العامّة لتغطية حقبة زمنيّة معيّنة والتركيز على الأحداث القريبة العهد أو حتّى المعاصرة. الخلاصة كتب العلماء للعلماء وهنا يأتي دور "محدث الأدب" ابن بدير وأمثاله: هؤلاء المؤلّفين (وهم بالتأكيد ليسوا أمييّن وإن لم تكن لديهم مؤهّلات العلماء) يكتبون لجمهور أقلّ حنكةً ويستعملون لغة وأسلوباً أكثر تقبّلاً من العامّة وأكثر تسليةً ويمكن اعتبارهم بمثابة أبواق أو جرائد يومهم الناطقة وعلى اعتبار أنّ الطباعة كانت غير موجودة فالنتيجة المنطقيّة أنّهم كانوا يقومون بقراءة ما كتبوه وتلاوته على المستمعين في الأماكن العامّة كالمقاهي وحوانيت الحلاقة. 

للحديث بقيّة.  






Sunday, March 24, 2019

حلّاق دمشق


يعتبر كتاب "حوادث دمشق اليوميّة" لمؤلّفه "البديري الحلّاق" (لنا عودة إلى التسمية) أحد أهمّ المصادر عن المدينة في منتصف القرن الثامن عشر عندما تولّاها آل العظم ولكن هل وصلتنا النسخة المتداولة كما هي؟ حاولت الدكتورة دانا سجدي أستاذة للتاريخ الإسلامي في Boston College الإجابة على هذا السؤال وغيره في دراسة غنيّة بلغ عدد صفحاتها قرابة الثلاثمائة نشرتها جامعة Stanford الأمريكيّة عام ٢٠١٣ وجميع المعلومات أدناه مأخوذة من كتابها هذا. 

وصلنا النصّ الذي يستشهد به الباحثون عن طريق محمّد سعيد القاسمي ١٨٤٣-١٩٠٠ وهو مؤلّف وشاعر ترك لنا -في جملة ما ترك- كتاباً مرجعيّاً بعنوان "قاموس الصناعات الشاميّة" وأمّا عن الطريقة التي وقع فيها على مخطوطة "حوادث دمشق" فهناك روايتان:

الرواية الأولى تقول أنّ القاسمي اشترى شيئاً ما من عطّار في دمشق عندما لاحظ أنّ "ورق الصرّ" مأخوذ من مخطوط أثري وللتوّ عاد إلى التاجر ليستحوذ على بقيّة هذا الأثر الثمين.
حسب الرواية الثانية كانت المخطوطة معروضة للبيع في مزاد علني في الجامع الأموي لمكتبة أحد العلماء ورست البيعة على طاهر الجزائري (توفّي عام ١٩٢٠)  بمبلغ ٣٠٠ قرش وهو مبلغ ليس باليسير في ذلك الوقت. كان القاسمي صديقاً للجزائري فاستعار المخطوطة منه ونسخها وأعاد إليه الأصليّة التي فقدت مع مكتبة الجزائري لاحقاً إلى غير رجعة. 

لا سبيل لدينا للتحقّق من صدق أيّ من هاتين الروايتين وما نعرفه دون شكّ أنّ القاسمي تمكّن بشكل أو بآخر من الحصول على هذه المخطوطة النادرة وقام بتحقيقها و"تنقيحها" ولكن طباعتها ونشرها تأخّرت حتّى عام ١٩٥٩ وكان هذا على يد الجمعية المصريّة للدراسات التاريخيّة والدكتور أحمد عزّت عبد الكريم أستاذ التاريخ الحديث في جامعة عين شمس تحت عنوان "حوادث دمشق اليوميّة ١٧٤١-١٧٦٢". 

شائت الأقدار أن تطّلع الدكتورة سجدي على نسخة أصليّة غير منقّحة من مخطوطة الحلّاق الشهير موجودة في Dublin إيرلندا واستعملت بناءً عليه هذه النسخة الفريدة من مجموعة Chester Beatty كأساس لدراستها مع مقارنتها مع النصّ كما أورده القاسمي وبنت حولها أو حولهما دراسة أكاديميّة مهنيّة وشيّقة في تاريخ الشام الاجتماعي. 



للحديث بقيّة.  





Friday, March 22, 2019

جبّة عسّال أو القلمون في مطلع القرن الخامس عشر


لا يتعرّض كتاب أوقاف الجامع الأموي "الصحيح الجامع لصريح الجامع" لكافّة مدن القلمون والتغطية فقط للمدن-القرى التي كان للأموي فيها أوقاف. تقع جبّة عسّال على بعد خمسين كيلومتراً شمال دمشق وتمتدّ على سفوح جبال لبنان الشرقيّة والقلمون ويضعها ياقوت (توفّي ١٢٢٩) بين دمشق وبعلبك. يستطيع من يرغب بمزيج من المعلومات عن الطبوغرافيا التاريخيّة لهذه المنطقة ولسوريا عموماً الرجوع إلى Dussaud (انظر الرابط المجّاني أدناه) الذي لا يزال المصدر المعتمد في هذا المضمار منذ صدوره عام ١٩٢٧.

سأورد الأماكن حسب تسلسلها في الصريح وللتذكير عدد بنوده ٣٣٧ وهي تشمل أوقاف الجامع داخل سور المدينة وظاهره وفي غوطة دمشق وجبّة عسّال وبعلبك وحوران.

٢٠٤. التلّ
على بعد ١٥ كيلومتر شمال دمشق وارتفاع ١٠٠٠ متر عن سطح البحر وفي موقعها ما أدلّة على استيطان البشر منذ العهد الروماني وحسب الصريح كان حمّامها (رقم ٤١) وكافّة أراضيها وقفاً للأموي عام ١٤١٣ وتمّ ضمّها إلى وقف السلطان سليم الأوّل بعد الفتح العثماني.

٢٠٥. منين
ترتفع ١٢٠٠ متر عن سطح البحر على بعد ٢٠ كيلومتر شمال دمشق وفيها نبع يرفد بردى وتحتوي على آثار حرم روماني ومجمّع بيزنطي مبكّر يشمل كنيسة. آوت العديد من أضرحة الأولياء المسلمين في القرون الوسطى وكانت غنيّة زراعيّاً بالجوز والتين والعنب وقصب السكّر وغيرها. كانت أيضاً تصدّر الثلج لبلاط السلطان في القاهرة وحسب الرحّالة Ludovico di Varthema (توفّي عام ١٥١٧) كان معظم سكّانها من المسيحييّن. كانت كافّة أراضيها وقفاً للأموي عام ١٤١٣ وتمّ ضمّها إلى وقف السلطان سليم الأوّل بعد الفتح العثماني.

٢٠٦. الموهوبيّة
تلقّى الأموي ريعاً منها حتّى عام ١٩٠٨.

٢٠٧. الكريسيّة
تلقّى الأموي ريعاً منها حتّى عام ١٩٠٨.

٢٠٨. الطويليّة

أرنكوس (حاليّاً) رنكوس مذكورة بشكل مقتضب ولكنّها لا تدخل في أوقاف الأموي أمّا عن صيدنايا ومعلولا والنبك وكثير غيرها فهي ليست مدرجة على الإطلاق والسبب كونها ليست في الوقف أولاً وغير مستعملة كنقاط علّام ثانياً. 

جميع المعلومات أعلاه من كتاب "أوقاف الجامع الأموي" أو  "الصحيح الجامع في صريح الجامع" لمؤلّفيه Astrid Meier و Élodie Vigouroux و Mathieu Eychenne.







Thursday, March 21, 2019

غوطة دمشق وفروع بردى في القرن الخامس عشر


توزّعت أوقاف الجامع الأموي عام ١٤١٣ كما رأينا من مخطوطة "الصحيح الجامع لصريح الجامع" داخل مدينة دمشق وظاهرها (أي خارج السور) وفي الغوطة وما ورائها (القلمون وحوران والبقاع). 

غوطة دمشق غنيّة عن التعريف من الناحية التاريخيّة ولربّما لم يبالغ الجغرافي الفرنسي Richard Thoumin عندما وصفها عام ١٩٣٦بأنّها "أغنى منطقة زراعيّة في غرب آسيا". قرى واحة دمشق أكثر وأهمّ من أن يغطّيها مقال واحد أو حتّى كتاب واحد وبالتالي سأقتصر على نبذة سريعة عن بردى وفروعه يليها استعراض موجز لبعض المواقع ويمكن الرجوع للمصادر أدناه لمن يرغب في المزيد من التفاصيل.

ينبع بردى من سلسلة جبال لبنان الشرقيّة قرب الزبداني على ارتفاع ١١٠٠ متر عن سطح البحر. ترفده عدّة ينابيع في طريقه إلى غوطة دمشق أهمّها الفيجة  وينقسم إلى ستّة فروع (إضافة للنهر الأمّ) لدى دخوله سهل المدينة الخصب هي من الشمال إلى الجنوب: 

نهر يزيد
يعود إلى القرن الأوّل قبل الميلاد والتسمية من ثاني خلفاء أميّة يزيد بن معاوية الذي جدّده. يروي الصالحية ويتابع شرقاً إلى حرستا.

نهر ثورة
أو تورا أو ثورا. آرامي الأصل من القرن الحادي عشر قبل الميلاد. يروي الصالحيّة والأراضي بينها وبين دمشق ويتابع شرقاً إلى جوبر ودوما (حيث يستمرّ تحت اسم الدوماني).

سرير بردى
يخترق دمشق في أخفض مستوى لها "الزور" لينتهي في بحيرة العتيبة وكانت قديماً بحيرتين إحداهما قبليّة والثانية شرقيّة.

باناس أو بانياس
آرامي (قرن ١١ قبل الميلاد). يسير جنوب بردى خلف القصر الأبلق (التكيّة السليمانيّة) ومنها لحكر السمّاق حيث يعبر جامع تنكز ويتابع شرقاً إلى القلعة حيث ينقسم إلى فرعين أحدهما يتابع باتّجاه الشرق والجامع الأموي والثاني ينعطف جنوباً باتّجاه الباب الصغير ويخرج منه إلى الشاغور البرّاني حاملاً نفايات المدينة ومتّخذاً اسم نهر قليط أو نهر الأنباط وأيضاً نهر الأبيض عندما يخترق المزّاز. من الجدير بالذكر أنّ بانياس وبردى يتلاصقان في ساحة المرجة التي تمرّ مياههما فيها تحت ثلاثة أقواس: القوسان الجنوبيّتان لباناس والقوس الشماليّة لبردى.

نهر القنوات
روماني ويروي القسم الجنوبي من دمشق داخل السور وأعطى اسمه لحيّ القنوات حيث لا تزال بقايا المنشأة الرومانيّة ظاهرة للعيان.

الداراني
أو نهر داريّا ويروي الغوطة الغربيّة حتّى داريّا.

المزّاوي 
أو نهر المزّة أو القانيّة. يروي أراضي المزّة وكفر سوسة. 

هذا عن المروحة الأولى لفروع بردى فلنتعرّض الآن للمروحة الثانية (أي فروع بردى بعد خروجه من شرق المدينة) وهي من الشمال إلى الجنوب:

الداعياني
أو نهر داعيّة. بنفصل عن بردى والعقرباني لدى الصفوانيّة.

نهر المنيحة
أو المليحة أو المليحي وينفصل عن بردى خارج الباب الشرقي.

نهر عقربا
أو العقرباني ويدعى أيضاً نهر مجدول.

المروحة الثالثة لفروع بردى كثيرة التشعّب وبشكل عام يسمّى المجرى حسب البلدة التي ينتهي فيها مثلاً زبديني لزبدين وجسريني لجسرين وهلمّجرّا. 

اخترت من مواقع الغوطة التالية:

المزّة
غرب دمشق وهي موجودة منذ العهد الروماني وكان اسمها حسب ياقوت (توفّي ١٢٢٩) مزّة كلب نسبة لضريح صحابي من قبيلة كلب.

داريّا
جنوب غرب دمشق. بلدة قديمة مشهورة بعنبها كان فيها عدّة أديرة في بدايات العصر البيزنطي. أحرقها الإفرنج خلال الحملة الصليبيّة الثانية عام ١١٤٨. بنى فيها نور الدين مشهداً للشيخ المتصوّف سليمان الداراني (توفّي ٨٣٠) . كان نصف داريّا في العهد المملوكي وقفاً لجامع السلطان حسن في القاهرة.

قبر الستّ
جنوب دمشق ويدعى الموقع أيضاً الراوية وحسب الروايات دفنت فيه زينب ابنة علي بن أبي طالب المكنّاة بأم كلثوم. لا يزال جوار السيّدة زينب لليوم مزاراً هامّاً للشيعة.

القابون
شمال شرق دمشق ويخبرنا البدري (توفّي ١٤٨٩) بوجود علوة فيه تدعى مصطبة السلطان وقربه قصر للسلاطين ينزلون فيه خلال ترحالهم.

جوبر
بين دمشق والقابون. فيها جالية يهوديّة قديمة وحسب رواية الحاخام الإيطالي موشيه بن موردخاي (توفّي ١٥٦٠) كان فيها ستّون عائلة يهوديّة وكنيس بديع.

معظم المعلومات أعلاه من كتاب "أوقاف الجامع الأموي" أو  "الصحيح الجامع في صريح الجامع" لمؤلّفيه Astrid Meier و Élodie Vigouroux و Mathieu Eychenne.








Wednesday, March 20, 2019

ظاهر دمشق المملوكيّة


حاول فريق علماء المعهد الفرنسي لدراسات الشرق الأدنى رسم ملامح دمشق في مطلع القرن الخامس عشر استناداً على مخطوطة أوقاف الجامع الأموي "الصحيح الجامع لصريح الجامع" ومقارنة مع العديد من نصوص القرون الوسطى التاريخيّة والدراسات المبنيّة عليها. استعرضنا من خلال عشر خرائط نشرتها في الأيّام العشرة الماضية وضع دمشق داخل السور وننتقل اليوم إلى ظاهر المدينة (أي خارج سورها) حيث تواجدت للأموي الكثير من الأوقاف من أراض وبساتين وهلمّجرّا. 

الخطوط الزرقاء تمثّل بردى وفروعه وهي من الشمال إلى الجنوب: يزيد يليه ثورا ثمّ بردى ثمّ باناس (بانياس) وأخيراً القنوات. تعرّضت لها سابقاً (١) استناداً إلى ما كتبه Richard Thoumin ولنا إليها عودة. فيما يلي ما وجدته أكثر إثارة للاهتمام في هذه الخريطة ولتجنّب الإطالة لن أحاول تغطية جميع المواقع. فلنبدأ من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب:

الصالحيّة
في الشمال والغرب. تعرّضت لها سابقاً في مقال مستقلّ (٢).

قصر اللبّاد
جنوب تورا. تواجد فيه قديماً حسب الكتبي (توفّي ١٣٦٣) دير مسيحي وعرف باسم قصر اللبّاد حتّى مطلع القرن العشرين حسب محمّد كرد علي. يوافق اليوم أحياء القصور والتجارة على وجه التقريب. 

بيت أبيات
شرق الصالحيّة على الضفّة الجنوبيّة لقناة أو نهر تورا وذكر ابن عساكر وجود مسجد آدم فيها.

مقرى
جنوب شرق الصالحيّة وغرب بيت أبيات. حسب ابن الأثير (توفّي ١٢٣٣) عاش فيها هابيل ورعى ماشيته.

بيت لهيا
أو بيت الإلهيّة نسية للأصنام التي قيل أنّ آزر نحتها في هذا الموقع قبل أن يحطّمها ابنه ابراهيم. تواجدت شمال شرق دمشق باتّجاه برزة وقال ابن جبير (زار دمشق ١١٨٤) بوجود جامع فيها كان في الأصل كنيسة وذكرها محمّد كرد علي كقرية مستقلّة في مطلع القرن العشرين. امتصّتها المدينة لاحقاً. حسب العلّامة محمّد أحمد دهمان في كتابه "في رحاب دمشق" بني المستشفى الإتجليزي أو مستشفى فيكتوريا (حاليّاً الزهراوي) في موقعها (مع جزيل الشكر للأستاذ عماد الأرمشي). 

الصفوانيّة
خارج باب توما وهي مذكورة في النعيمي (توفّي ١٥٢٠) وتعرف اليوم بالصوفانيّة.

السبعة
بين باب توما وباب السلامة والتسمية مشتقّة من موزّع بقسم مياه بردى إلى سبعة فروع في هذا المكان وذكر ابن عساكر (توفّي ١١٧٦) وجود جامع السبعة أنابيب فيها.

مسجد الأقصاب 
كتبت عنه في موضع آخر (٣).

مرج الدحداح والعقيبة
جرى تغطيتها أمس (٤) وامتدادها إلى الغرب سويقة أو سوق ساروجا الشهير.

أرزة
على طريق الصالحيّة قرب مقبرة الشهداء وجسر البطّ (الواقع غرب مسجد الشهداء) ويرويها نهر تورا.

الشرف الأعلى
غرب سوق ساروجا على الضفّة الشماليّة لبردى. تأسّست فيه خانقاهات للصوفييّن ومدارس-أضرحة اعتباراً من مطلع القرن الثاني عشر. أخذ بالتدريج طابع المنتزه وبنى فيه أثرياء أمراء المماليك دوراً في القرنين الرابع عشر والخامس عشر. يقابله الشرف الأدنى على ضفّة باناس الجنوبيّة ويطلّ الإثنان على القصر الأبلق والميدان الأخضر. 

النيرب
أو النيربين. يقع بين الربوة والصالحيّة ويقسمه تورا إلى نيرب أعلى ونيرب أدنى. استعملت حجارة جامع النيرب لبناء التكيّة السليمانيّة فيما بعد وكان فيه مزارات للخضر (مصلّى الخضر) وضريح أمّ العذراء قديماً.

حكر السمّاق 
غرب باب النصر وعرف أيضاً تحت تسمية درب المرج ويوافق اليوم ما نعرفه باسم شارع النصر الذي شقّه جمال باشا. يرويه نهر باناس أو بانياس وبنى فيه نائب دمشق الأمير تنكز الناصري جامعاً عام ١٣١٧.

الميدان الأخضر
غرب المدينة حيث بنى بيبرس القصر الأبلق (موضع التكيّة السليمانيّة اليوم) وحيث يوجد متحف دمشق الوطني وحيث تواجد معرض دمشق الدولي في ماضٍ ليس بالبعيد.

الشاغور
المقصود الشاغور البرّاني خارج الباب الصغير. تواجد فيه قديماً مسجد الجنائز الذي رمّمه في القرن الثاني عشر جرّاح المنيحي وترك له تسمية الجرّاح. حوّل الأيّوبي الأشرف موسى المسجد إلى جامع. يخترق نهر قليط أو الأنباط هذه الضاحية.

القنوات
نسبة إلى قناة بردى الرومانيّة وفروعها.

قبر عاتكة
جنوب غرب دمشق خارج باب الجابية والنسبة لعاتكة ابنة يزيد بن معاوية وزوجة عبد الملك بن مروان وكان لها حسب ياقوت (توفّي ١٢٢٩) أرضاً وقصراً في هذه الضاحية. بنى الأمير خليل التوريزي حاجب دمشق جامعاً وحمّاماً في هذا الحيّ بين الأعوام ١٤١٢ و ١٤٢٣. 

مصلّى العيدين
ذكره ابن القلانسي (توفّي ١١٦٠)  وابن عساكر وكان وقتها فضاءً مفتوحاً يصلّي فيه الناس في الأعياد والجنائز وأيضاً للاستسقاء. أحيط بجدران في عهد الأيّوبي العادل لمنع المواشي والقوافل من النفوذ إليه وتطوّر لاحقاً. يعرف اليوم باسم جامع باب مصلّى.

ميدان الحصا
تطّر في عهد نور الدين وذكر ابن عساكر وجود جامع الفلوس في نهايته الجنوبيّة (الزاوية الرفاعيّة اليوم).  تقع القبيبات (٥) جنوب الميدان.

كفر سوسيّة 
اليوم كفر سوسة. جنوب غرب دمشق. كان فيه دير في القرن السادس وهي مذكورة في ابن شدّاد (توفّي ١٢٨٥). ابتلعتها المدينة في أواخر القرن العشرين ومطلع الحادي والعشرين.

يستطيع من يرغب في التوسّع في طبوغرافيا دمشق ومحيطها في العصور القديمة والوسطى الرجوع إلى كتاب الفرنسي René Dussaud الصادر عام ١٩٢٧ (٦). 


كافّة المعلومات أعلاه من كتاب "أوقاف الجامع الأموي" (٧) أو  "الصحيح الجامع في صريح الجامع" لمؤلّفيه Astrid Meier و Élodie Vigouroux و Mathieu Eychenne.


نظام التروية في غوطة دمشق



جامع الأقصاب


عقيبة دمشق ومرج الدحداح وبين السورين في مطلع القرن الخامس عشر

حي الميدان في دمشق



Le waqf de la mosquée des Omeyyades de Damas

Tuesday, March 19, 2019

عقيبة دمشق ومرج الدحداح وبين السورين في مطلع القرن الخامس عشر


نقوم اليوم بوداع دمشق داخل السور كما كانت عام ١٤١٣ أو بالأحرى كما بناها شارعاً شارعاً ولبنة لبنة علماء المعهد الفرنسي لدراسات الشرق الأدنى استناداً على مخطوط أوقاف الجامع الأموي أو "الصحيح الجامع لصريح الجامع". فلنلق معاً نظرة على المنطقة التاسعة والأخيرة الواقعة شمال وغرب المدينة.

يخترق بابان سور دمشق في هذه المنطقة:

باب الفراديس أو باب العمارة 
دعي حسب الكتبي (توفّي عام ١٣٦٣) باب عطارد في العهد الروماني ولربّما وافق باب المحاملييّن الذي ذكره المقدسي (توفّي عام ٩٩١). بنى نور الدين باباً جديداً في هذا الموقع وأضاف الصالح اسماعيل قبيل منتصف القرن الثالث عشر جداراً جديداً وباباً جديداً يبعد خمسين متراً إلى شمال الباب الأصلي ليصبح السور مزدوجاً. جدّد هذا الباب الثاني عام ١٢٨٨.

باب الفرج
يعود هذا الباب لعهد نور الدين الذي أمر بفتحه شرق سور القلعة الشمالي مباشرة بعد أن جرى إغلاق باب كيسان. أضيف باب ثاني إلى شمال الأوّل في عهد الصالح اسماعيل كما في حال باب الفراديس وجدار إضافي (السور المزدوج المذكور أعلاه). أصابته مع باشورته أضرار خلال حريق في عام ١٣٩٦ وطرأت عليه تعديلات في القرن الخامس عشر.   

يمكن تقسيم الخارطة إلى المناطق التالية:

بين السورين أي داخل السور المضاف في عهد الصالح اسماعيل.
العقيبة وهي منطقة ذات انحدار طفيف باتّجاه نهر بردى ذكرتها المصادر تحت هذا الاسم اعتباراً من القرن الثاني عشر وفيما بعد توسّعت غرباً مع تكوين سوق ساروجا. قطن العديد من أمراء وعسكر المماليك هذا الحيّ. دعي القسم شمال باب الفراديس مباشرة العقيبة الصغرى والامتداد إلى الغرب العقيبة الكبرى.
مرج الدحداح نسبة للصحابي أبو الدحداح الذي قيل أنّه دفن فيه. احتلّ هذا المرج المكان الذي شغله ميدان سباق الخيل hippodrome في القرن الأوّل قبل الميلاد. 

الأوابد الدينيّة

جامع الجوزة: مذكور في ابن عساكر كمسجد قرب قناة ابن العوني ولكن البنية اللاحقة (الجامع) مملوكيّة.
المدرسة المجاهديّة البرّانيّة (انظر مقال الأمس وخريطة المنطقة الثامنة لموقع المجاهديّة الجوّانيّة) تعود لعهد نور الدين.
مسجد الرأس خارج الباب الداخلي لباب الفراديس (أي بين السورين) وهو تحت اسم مسجد باب الفراديس في ابن عساكر وذكر الكتبي أنّه مثوى الستّ رقيّة ابنة علي ابن أبي طالب وأنّ رأس الحسين دفنت فيه ولكن ابن شدّاد وابن عساكر قالا أنّ مشهد الحسين ورأس الحسين -ومسجد الرأس- تواجدتا خارج الباب الشرقي للجامع الأموي.  
المدرسة المقدّميّة الجوّانيّة (أيّوبيّة).
المدرسة العمريّة (وهي طبعاً غير عمريّة الصالحيّة الأكثر شهرة).
جامع التوبة: أمر ببنائه الأيّوبي الأشرف موسى عام ١٢٣٥ في موقع خان الزنجاري وازدهر حيّ العقيبة حول نواته فيما بعد.

الحمّامات

حمّام اسرائيل مذكور في ابن شدّاد وليس في ابن عساكر. تاريخ البناء الدقيق غير معروف ولكنّه كان موجوداً عام ١٢٤٠ كوقف للمدرسة الدمّاغيّة ولربّما كان ما عرف فيما بعد تحت تسمية حمّام السكاكري الذي ذكره Ecochard و Le Coeur وكان شغّالاً في القرن العشرين.
حمّام العجمي مذكر في ابن شدّاد وليس في ابن عساكر ولربّما وافق ما نعرفه اليوم تحت تسمية حمّام أمّونة وحسب Ecochard و Le Coeur بني في نهاية القرن الثاني عشر.
حمّام العمري (التسمية تعود للعهد العثماني).

الطواحين

طاحون السوق: بين حمّام اسرائيل وجامع الجوزة ولربّما وافق طاحون السكاكري الذي درّ ريعاً على الأموي حتّى عام ١٩٠٨. 
طاحون الزبيرة: الموقع مرج الدحداح قرب حمّام العجمي ودعي أيضاً رحى الزبيرة وهو مذكور في ابن عساكر. كان قسم منه وقف للجامع الأموي ودرّ ريعاً لهذا الجامع حتّى عام ١٩٠٨.

المقال المقبل عن ظاهر مدينة دمشق. 



للتذكير والتوكيد المعالم دون دائرة سوداء مرقّمة لا تدخل في وقف الجامع الأموي وإذا تمّت الإشارة إليها فهذا فقط كنقاط علّام لتحديد موضع الأملاك الموقوفة. 


كافّة المعلومات أعلاه من كتاب "أوقاف الجامع الأموي" أو  "الصحيح الجامع في صريح الجامع" لمؤلّفيه Astrid Meier و Élodie Vigouroux و Mathieu Eychenne. مفاتيح الخريطة كما يلي: 

١. كلّ ما هو دائرة سوداء مرقّمة فهو ملك وقف جزئيّاً أو كليّاً بغضّ النظر عن حجمه أو أهميّته (حانوت أو سوق أو قيساريّة إلخ).
٢. اللون الأخضر مخصّص للمباني الدينيّة (جامع أو مدرسة...).
٣. اللون الأحمر للمؤسّسات التجاريّة (خان أو قيساريّة أو سوق...).
٤. اللون الأزرق للحمّامات والسيل والمراحيض.
٥. اللون الأسود كلّ ما هو غير مشمول أعلاه.
٦. الخطّ المتقطّع يمثّل الموضع التقريبي لمعلم دارس.





Monday, March 18, 2019

غرب الجامع الأموي عام ١٤١٣


ننتقل اليوم إلى المنطقة الثامنة داخل سور دمشق المملوكيّة كما كانت في مطلع القرن الخامس عشر الميلادي. المعلومات تستند بالدرجة الأولى على تحقيق كتاب الأوقاف "الصحيح الجامع لصريح الجامع" من قبل علماء المعهد الفرنسي لدراسات الشرق الأدنى يضاف إليها ما ورد في المصادر التاريخيّة والدراسات المشتقّة منها.  

إذا بدأنا بالأحياء من باب البريد فلدينا الآتية:

الزابوق: يقع مباشرة غرب باب البريد وشمال بيمارستان دقاق.
الحويرة أو الجويرة: جنوب غرب الأموي.
الرصيف: غرب الأموي.
حجر الذهب: بين الأموي والقلعة ويوافق العصرونيّة حاليّاً.

المحاور
من الشرق ألى الغرب درب الأنصاري يصل باب البريد بسور القلعة الشرقي.
من الشمال إلى الجنوب: درب بيرم خجا وكان اسمه سابقاً درب السلسلة. 

المدارس 
العزيزيّة والظاهريّة والعادليّة أشهر من نار على علم وكلّ منها يستحقّ بحثاً مستقلّاً وبالتالي لن أتوقّف عندها.
المدرسة الصادريّة: سلجوقيّة وهي أقدم مدارس دمشق وكانت تقع بملاصقة الأموي إلى الشمال والغرب. أسّسها شجاع الدولة صادر ابن عبد الله عام ١٠٩٧ ودمّرت آخر معالمها عام ١٩٨٣.
المدرسة الأمينيّة: جنوب الأموي. أسّسها الأمير أمين الدين كمشتكين ابن عبد الله الطغتكيني عام ١١٤٦ في العهد الأتابكي-البوري. 
المدرسة المجاهديّة الجوّانيّة (عهد نور الدين).
المدرسة الصمصاميّة (مندثرة) أسّسها القاضي المالكي جمال الدين محمّد الزواوي (توفّي ١٣١٧).
دار الحديث النوريّة.
دار القرآن (الحديث؟) الأشرفيّة وهي أيّوبيّة.
يمكن هنا ذكر دويرة حمد المندثرة للصوفييّن غرب باب البريد وأسّسها حمد ابن عبد الله الدمشقي المقري (توفّي ١٠١٠)،   

الحمّامات
حمّام العقيقي: كان في الأصل ملحقاً ببيت أحمد ابن الحسين الدمشقي العقيقي (توفّي ٩٨٨) شريف تولّى دمشق في العهد الفاطمي. آلت دار العقيقي وحمّامها إلى نجم الدين أيّوب والد الناصر صلاح الدين وبنيت المدرسة الظاهريّة لاحقاً في موقع الدار بينما تجوّل حمّام العقيقي إلى من نعرفه اليوم باسم حمّام الملك الظاهر.
حمّام القاضي (مندثر) شمال غرب الأموي على وجه التقريب.
حمّام القصير غرب الأموي باتّجاه حجر الذهب. لا يدخل في أوقاف الجامع.

عدد القيساريّات في هذه المنطق اثنتان وكلاهما مندثرتان
فيساريّة البندق غرب الأموي.
قيساريّة القوّاسين (لا تدخل بالوقف). 

بيمارستان دقاق
سلجوقي يعود لعام  ١٠٩٧ أسّسه شمس الملوك دقاق ابن تتش ابن ألب أرسلان الذي حكم دمشق  ١٠٩٥-١١٠٤ للميلاد. تواجد البيمارستان غرب الأموي وجدّد في ستّينات القرن الرابع عشر حسب ابن كثير. البناء بالطبع مندثر. 



للتذكير والتوكيد المعالم دون دائرة سوداء مرقّمة لا تدخل في وقف الجامع الأموي وإذا تمّت الإشارة إليها فهذا فقط كنقاط علّام لتحديد موضع الأملاك الموقوفة. 


كافّة المعلومات أعلاه من كتاب "أوقاف الجامع الأموي" أو  "الصحيح الجامع في صريح الجامع" لمؤلّفيه Astrid Meier و Élodie Vigouroux و Mathieu Eychenne. مفاتيح الخريطة كما يلي: 

١. كلّ ما هو دائرة سوداء مرقّمة فهو ملك وقف جزئيّاً أو كليّاً بغضّ النظر عن حجمه أو أهميّته (حانوت أو سوق أو قيساريّة إلخ).
٢. اللون الأخضر مخصّص للمباني الدينيّة (جامع أو مدرسة...).
٣. اللون الأحمر للمؤسّسات التجاريّة (خان أو قيساريّة أو سوق...).
٤. اللون الأزرق للحمّامات والسيل والمراحيض.
٥. اللون الأسود كلّ ما هو غير مشمول أعلاه.
٦. الخطّ المتقطّع يمثّل الموضع التقريبي لمعلم دارس.