Tuesday, June 30, 2020

سور دمشق: البرج الجنوبي الشرقي


نشر الأستاذ نسيب صليبي مقالاً موجزاً في المجلّد الثاني والثلاثين للحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة (١٩٨٢) بعنوان "أسبار البرج الجنوبي الشرقي لسور دمشق" عرّفنا فيه على قصّة اكتشاف هذا البرج وزوّدنا بمخطّطات فنيّة مع بعض الصور. للمزيد من المعلومات يمكن الرجوع للدراسة المفصّلة عن أبواب وسور دمشق التي أصدرها المعهد الفرنسي للشرق الأدنى عام ٢٠١٨ وهي للأساتذة Mouton و Guilhot و Piaton




كانت البداية بمحض الصدفة عندما اكتشفت أحجار كبيرة (الصورة الأولى) عند الزاوية الجنوبيّة الشرقيّة لسور دمشق على بعد ٩٠ متر جنوب الباب الشرقي و ٣٣٠ متر شرق ياب كيسان (المخطّط الأوّل) خلال أعمال تحت إشراف أمانة العاصمة. أدرك المعنيّون أهميّة ما صادفوه وبناءً عليه تولّت المديريّة العامّة للآثار والمتاحف مهمّة الإشراف على التنقيب الذي بدأ في أواخر حزيران ١٩٦٧ وأسفر عن مداميك ضخمة من الحجر المنحوت تشكّل قاعدة مستطيلة لبرج كبير بلغ طول واجهته ٢١ متراً أمّا عرض البرج فحوالي التسعة أمتار (المخطّط الثاني).




يقع البرج خارج السور ويبعد عنه قرابة الأربعة أمتار مهيمناً على البدنة (courtine وهي الجزء من السور بين برجين) إلى شماله وغربه ممّا عزّز وسهّل عمليّة الدفاع إذ بإمكان الناظر منه تأمّل الفضاء بينه وبين برج باب كيسان دون عائق. 


فصل بين هذا البرج وبين الباب الشرقي برج صغير أزيل بكامله (الصورة الثانية) وعلّه أحدث عهداً.




قلّت أهميّة سور المدينة في العهد العثماني مع تطوّر التقنيّة العسكريّة وتقدّم التعبويّة (التكتيك) ونقض ابراهيم باشا في ثلاثينات القرن التاسع عشر قسماً لا بأس به من مكوّناته لاستعمالها في منشآت رآها أكثر جدارة. استمرّت عمليّة الهدم بعد رحيله ردحاً من الزمن. 


للحديث بقيّة.      




 نسيب صليبي. أسبار البرج الجنوبي الشرقي لسور دمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة  المجلّد الثاني والثلاثون (١٩٨٢).  



Jean-Michel MoutonJean-Olivier Guilhot et Claudine PiatonPortes et murailles de Damas



Monday, June 29, 2020

جامع بني أميّة الكبير: الجدار القبلي


لا خلاف أنّ القسم السفلي لجدار الجامع الأموي الجنوبي روماني أمّا عن أبراج الزوايا الأربعة والواجهتين الشرقيّة والغربيّة فيرى الدكتور عفيف بهنسي أنّها إضافات إسلاميّة جرت في عهد الوليد عندما تمّ توسيع المعبد الوثني الداخلي temenos شرقاً وغرباً (التوسّع نحو الغرب هو الأهمّ) وبناء الأبراج والمشاهد الأربعة والمدخلين والدهليزين. 

الأدلّة على كون الجدار الجنوبي روماني واضحة وملموسة عماريّة كانت أم كتابيّة (النقش اليوناني المقتبس عن المزمور  ١٤٥ الذي يذكر ملك المسيح والذي لا يزال موجوداً على الجزء المرئي لبوّابة المعبد الجنوبيّة). 



من الناحية الهندسيّة من الواضح أنّ القسم العلوي من الجدار القبلي أموي وينطبق نفس الكلام على المجاز المعترض الذي نعاين في القسم السفلي منه الباب الروماني الكبير الثلاثي الفتحات (فتحة وسطى كبيرة تحيط بها فتحتان أصغر). بالتدقيق في المخطّط  الذي زوّدنا به العالم Phené Spiers  نلاحظ دون عناء أنّ الباب الروماني لا يتوسّط المجاز المعترض ولا يتمحور بالتالي مع الجامع ممّا يؤكّد أنّ بناء هذا المجاز تمّ في العهد الإسلامي بدلالة أنّه أقيم متمحوراً مع الفتحة الغربيّة للباب الروماني حيث يتواجد محراب الجامع الرئيس وهذا الأخير ينصّف جدار الجامع بدقّة.   




عفيف بهنسي. تحقيق في هويّة الأبراج والمشاهد في الجامع الأموي بدمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الثاني والثلاثون ١٩٨٢. 



Sunday, June 28, 2020

مقارنة بين معبد المشتري الداخلي وجامع بني أميّة الكبير‎


قدّر الدكتور عفيف بهنسي أبعاد معبد المشتري الروماني الداخلي أو temenos بطول ١١٩ متراً وعرض ٩٧ متر. حوّل الوليد هذا المعبد إلى جامع دمشق الأموي الكبير مع إجراء تعديلات مهمّة عليه ليس أقلّها توسيعه من الجهة الغربيّة بحيث أصبحت أبعاده ١٥٧متراً x  ٩٧ متر أي بزيادة بلغت ٣٨ أضيفت من الغرب والدلائل على كون هذه الزيادة أمويّة هي التالية:

- انحراف بابيّ الأموي الشمالي والجنوبي إلى الشرق.
- ينصّف باب الزيادة (وهو إسلامي قطعاً) الإضافة الغربيّة في الجدار القبلي.
- وجود عضادة ضخمة في الجدار القبلي تحدّد النهاية القديمة للجدار الجنوبي الروماني.
- موقع المعبد الداخلي temenos أكثر انسجاماً مع المعبد الخارجي peribolos إذا كانت أبعاد المعبد الداخلي ١١٩ متر x ٩٧ متر. 
- اختلاف بسيط في عرض جدار المعبد الداخلي الغربي عن نظيره الشرقي.

يختلف الجدار الجنوبي في أحجاره ومداميكه عن بنية البرج


بالنسبة للثمانية والثلاثين متراً التي أضيفت على طول المعبد الداخلي الأصلي فيمكن تقسيمها إلى قسمين: الأوّل أضيف إلى طول الصحن لتوسيعه من الغرب على امتداد ١٧ متر (أبعاد صحن الأموي ١٢٢،٥ متر x ٥٠ متر) والثاني (٢١ متر) يشمل مشهد عمر (أو مشهد عروة) ومشهد عثمان. 

الجدار الغربي منسجم في حجارته ومداميكه عكس الجنوبي


الخلاصة يسلّم بهنسي أنّ الوليد استعمل أطلال المعبد الروماني في بناء الجامع ولكنّه يعتقد أنّ ما تبقّى من temenos في عمارة الوليد لا يتعدّى الجدار الجنوبي وجزء من الجدران الداخليّة المطلّة على الصحن التي كساها بالرخام وزيّنها بالفسيفساء أمّا أبراج الزوايا الأربعة فقد أضيفت مع القاعات المتعامدة عليها في العهد الأموي ولا يزال البرجان الجنوبيّان قائمين تعلوهما مئذنتا عيسى وقايتباي أمّا البرجين الشماليّين فقد اندثرا لسبب أو لآخر واستعيض عنهما بمئذنة العروس في منتصف الجدار الشمالي.  

المئذنة الممملوكيّة (قايتباي) فوق البرج الغربي الجنوبي





عفيف بهنسي. تحقيق في هويّة الأبراج والمشاهد في الجامع الأموي بدمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الثاني والثلاثون ١٩٨٢. 


Saturday, June 27, 2020

هيكل دمشق الروماني


نقلت هذا المصطلح من مقال للدكتور عفيف بهنسي رحمه الله في المجلّد الثاني والثلاثين للحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة (عام ١٩٨٢) بعنوان "تحقيق في هويّة الأبراج والمشاهد في الجامع الأموي بدمشق". 

قصد الدكتور بهنسي بالهيكل ما يسمّى باللاتينيّة Cella وباليونانيّة Naos وعلّ التعريب الأفضل لهذين المصطلحين "قدس الأقداس" أي الموضع الذي يتواجد فيه تمثال الإله أو صورته في المعبد وهو عادة محظور على العامّة ويسمح بدخوله فقط لكهنة وسدنة الحرم. تواجد "قدس الأقداس" هذا على الأغلب في القسم الغربي للمكان الذي يشغله صحن الجامع الأموي حاليّاً حسب رأي عدد من العلماء والأخصّائييّن ودون توافر دليل قاطع يبتّ في الموضوع ويؤمّن بهنسي على ذلك مضيفاً أنّه يعتقد بأنّ كنيسة القدّيس يوحنّا حلّت لاحقاً محلّ cella الرومانيّة (هناك عدّة أمثلة على تحويل الهياكل الوثنيّة لكنائس مسيحيّة تماماً كما حلّت دور العبادة الإسلاميّة محلّ عدد من سابقاتها المسيحيّة).



كلام منطقي لا غبار عليه بيد أنّ العالم الراحل ذهب إلى أبعد من ذلك فحدّد أبعاد cella بدقّة  ٣٠ متر x ٤٠ متر ولا أعلم إلى ماذا استند في ذلك في غياب أي دليل مادّي ولربّما كانت استنتاجاته مبنيّة على مقارنة أجراها مع المعابد المماثلة (معبد بل في تدمر مثلاً).

من ناحية المساحة شغل "قدس الأقداس" حيّزاً صغيراً من معبد المشتري الداخلي temenos (قدّر بهنسي أبعاده بعرض ٩٧ متر وطول ١١٩ متر) الموافق لحدود جامع بني أميّة الكبير حاليّاً على وجه التقريب (الأموي أكبر كما سنرى) وشغل المعبد الداخلي بدوره مركز المعبد الخارجي peribolos الضخم (٣٠٥ x ٣٥٨ متر)  الذي لا تزال آثار بوّابتيه الشرقيّة والغربيّة موجودتين حتّى اليوم (الرابط الملحق). 

للحديث بقيّة. 




عفيف بهنسي. تحقيق في هويّة الأبراج والمشاهد في الجامع الأموي بدمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الثاني والثلاثون ١٩٨٢. 




Friday, June 26, 2020

محراب الصحابة


للجامع الأموي أربع محاريب موزّعة على المذاهب الفقهيّة الأربعة ومن المتّفق عليه أنّ أقدمها هو محراب الصحابة الواقع في القسم الشرقي لجدار الجامع القبلي والمخصّص اليوم للمذهب المالكي. بني هذا المحراب بعد الجدار الروماني وتشبر الدلائل أنّه استحدث في العهد الإسلامي في منتصف قاعة مسجد الصحابة. من أين أتت فكرة المحراب وكيف تطوّرت؟ حاول العالم الراحل عفيف بهنسي الإجابة على هذين السؤالين في مقال نشر في المجلّد الحادي والثلاثين من الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة عام ١٩٨١.

ارتأى لفيف من المستشرقين ومنهم Gertrude Bell و K.A.C. Creswell و Henri Lammens أنّ المحراب الإسلامي مقتبس عن حنية exedra الكنيسة واستندوا في ذلك إلى ما ذكرته المصادر الإسلاميّة التاريخيّة عن استعانة الأموييّن بحرفيّي الأقباط والبيزنطييّن بينما يتحفّظ بهنسي فيقول أنّ أوّل محراب في الإسلام كان في مسجد المدينة الذي أعاد بنائه عمر بن عبد العزيز عندما كان والياً عليها في خلافة الوليد بن عبد الملك وبالتالي ففكرة المحراب في نظره إسلاميّة محضة. لا أعتقد بإمكانيّة الجزم في موضوع شائك ومعقّد كهذا.

من المثير للدهشة أنّ أوّل من ذكر وجود المحراب في الأموي (أو على الأقلّ أقدم من وصلتنا كتاباته حسب الدكتور بهنسي) هو مرتضى بن العفيف في منتصف القرن السابع الهجري أو الثالث عشر الميلادي ولربّما كان عاد السبب إلى عناية المؤرّخين -ابن عساكر مثلاً- بوصف الكيفيّة التي حوّل فيه الوليد الكنيسة المسيحيّة وبقايا المعبد الروماني الداخلي temenos إلى جامع ونفقات بناء هذا الجامع وعزوفهم عن وصفه من الناحيتين الفنّيّة والعماريّة باستثناء مقتطفات في المقدسي وما تركه لنا الرحّالة المدقّق ابن جبير الأندلسي. 

يتوصّل الدكتور بهنسي في نهاية البحث بعد استقراء المعطيات المحدودة المتوافرة لدينا وفي غياب الأدلّة الماديّة الدامغة أنّ الظهور الأقدم للمحراب كان في مسجد المدينة أمّا المحراب كما نعرفه اليوم فأنشىء للمرّة الأولى في الجدار الجنوبي لمسجد الصحابة في دمشق وشكّل نموذجاً للمحاريب التالية في جامع القيروان (٦٧٠ للميلاد) وقبّة الصخرة في القدس (٧٠٢ م) والمحراب الكبير في الجامع الأموي (٧٠٥) ثمّ محراب مسجد النبي في المدينة (٧٠٧ أي عندما جدّده عمر بن عبد العزيز) فمحراب عمرو في الفسطاط  (٧١٢) وهكذا دواليك. 


عفيف بهنسي. المحراب الأوّل في الجامع الأموي. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الحادي والثلاثون ١٩٨١.



Thursday, June 25, 2020

خان سليمان باشا للعظم


تولّى سليمان باشا دمشق ١٧٣٣-١٧٣٨ للميلاد ثمّ ١٧٤١-١٧٤٣ وهو عمّ أسعد باشا العظم. 

المعلومات التالية مع مخطّط الخان والخريطة التي تبيّن موقعه مأخوذة عن الدكتور عبد القادر ريحاوي والمجلّد الخامس والعشرين للحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة أمّا الصورة الملوّنة فهي عن Keenan و Beddow (عام ٢٠٠٠) بينما الصورة بالأبيض والأسود عن Wulzinger و Watzinger التقطت خلال الحرب العالميّة الأولى ونشرت في دراستهما عن دمشق الإسلاميّة عام ١٩٢٤.


يقول ريحاوي ما يلي:

يقع خان سليمان باشا في سوق مدحت باشا على طرفه الجنوبي قرب محلّة الدقّاقين وأطلق عليه قديماً اسم خان الحماصنة حسب القساطلي إذ كان تجّار حمص ينزلون فيه. بني الخان خلال الولاية الأولى لسليمان باشا ويتألّف من ممرّ مسقوف يلي الباب وصحن مسقوف بقبّتين كبيرتين وفيه جناح خاصّ مع باحة سماويّة للمنافع ودورة المياه يتّصل بالصحن بواسطة ممرّ مسقوف ضيّق. للخان طابق علوي يصعد إليه بواسطة درجين في جانبيّ دهليز المدخل أمّا عن واجهاته وعقوده فهي مبنيّة بالحجر الأبلق يتناوب في مداميكها اللونان الأبيض والأسود. 







عبد القادر ريحاوي. خانات مدينة دمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الخامس والعشرون ١٩٧٥.

فؤاد يحيى. جرد أثري لخانات دمشق.  الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الحادي والثلاثون ١٩٨١.











Keenan, Brigid & Beddow, Tim. Damascus: Hidden Treasures of the Old City. Thames & Hudson 2000. 

Karl Wulzinger Carl Watzinger. Damaskus, die Islamische Stadt. Walter de Gruyter 1924.

Yahia, Fouad. Inventaire archéologique des caravansérails de Damas. Présenté par Fouad Yahia; Sous la direction de Solange Ory. Th. Doctorale: Archéologie islamique: Université de Provence, Aix-Marseille I: [1978].  

Wednesday, June 24, 2020

خان أسعد باشا العظم


تعرّضت في مكان آخر (الرابط أدناه) لوصف هذا الخان وسأحاول قدر الإمكان تجنّب تكرار نفس المعلومات في الأسطر التالية نقلاً واختزالاً عن الدكتور عبد القادر ريحاوي والمجلّد الخامس والعشرين من الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة. 



الخان أحد أهمّ أوابد سوق البزوريّة ويعود لمنتصف القرن الثامن عشر. الشكل قريب إلى المربّع ويحتلّ مساحة قرابة ٢٥٠٠ متر مربّع. يتألّف الخان من طابقين أخذت مخطّط الأرضي منهما عن Wulzinger و Watzinger والعلوي عن ريحاوي. تطلّ الواجهة الرئيسة مع المدخل المسقوف على سوق البزوريّة ويتوسّط الخان صحن وتعلوه تسعة قباب متساوية سقطت ثلاث منها في زلزال ١٧٥٩ (أي بعد إنجاز الخان بستّة سنوات) أو خمس حسب المصدر. من المثير للاهتمام أنّ Lamartine الذي وصف الخان عام  ١٨٣٣ ذكر قبّة واحدة ضخمة محمولة على عضائد ذكّرته بكاتدرائيّة القدّيس بطرس في روما وكذلك فعل الدكتور Lortet في كتاب La Syrie d'aujourd''hui الصادر عام ١٨٨٤. حتّى نعمان القساطلي قال: "في الصحن بركة مستطيلة فوقها قبّة عظيمة شاهقة العلوّ قائمة على سواري عظيمة متينة"! 


لا ريب أنّ هذه الشهادات -على فضل أصحابها- خاطئة إذا أخذنا الوضع العماري للخان بعين الاعتبار وتبقى آثار المعالم على أرض الواقع الشواهد الأكثر مصداقيّة في غياب التوثيق بالصور الضوئيّة حتّى منتصف القرن التاسع عشر وندرة اللوحات المائيّة والزيتيّة عن دمشق قبل هذا العهد. 



الخان فريد في نوعه ويختلف كثيراً عن أقرانه وهو أقرب ما يكون إلى تصميم القصور الأمويّة كما في حالة قصر الحير الغربي. 



عبد القادر ريحاوي. خانات مدينة دمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الخامس والعشرون ١٩٧٥.

فؤاد يحيى. جرد أثري لخانات دمشق.  الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الحادي والثلاثون ١٩٨١.




Yahia, Fouad. Inventaire archéologique des caravansérails de Damas. Présenté par Fouad Yahia; Sous la direction de Solange Ory. Th. Doctorale: Archéologie islamique: Université de Provence, Aix-Marseille I: [1978].  

Karl Wulzinger Carl Watzinger. Damaskus, die Islamische Stadt. Walter de Gruyter 1924.

خان الزيت‎


الموقع الجانب الشمالي لسوق مدحت باشا (الخريطة الملحقة) والعهد عثماني أواخر القرن السادس عشر أو مطلع القرن السابع عشر للميلاد. يتوسّط الخان صحن سماوي وبحرة في المنتصف وتحيط بالصحن أروقة قائمة على عضائد وأقواس. يتألّف الطابق العلوي من رواق مسقوف بقباب صغيرة ومزوّد بصفّ واحد من الغرف ويطلّ على الصحن المركزي بقناطر مماثلة لقناطر الطابق الأرضي. 




يمكن بشكل عامَ تصنيف الخانات تحت بابين: خانات الطرق (سلطانيّة) وخانات المدن (أكثرها خاصّة). في الأصل كانت الخانات بمثابة رباطات عسكريّة إلى أن أقام السلاجقة محطّات خاصّة للجيش وتركوا الخانات للقوافل التجاريّة. للخان أيضاً وظيفة بريديّة علاوة على تأمين مبيت المسافرين ودوابّهم ومع الزمن استعمل الخان كمستودع للبضائع ومكان للتبادل التجاري وجباية الضرائب والمكوس. استعمل الخان أيضاً من قبل بعض القنصليّات الأجنبيّة  وأحياناً كحانة أو ماخور (مع فرض ضريبة على البغاء والخمور) كما في حالة خان الزنجاري الذي أمر الأشرف موسى بهدمه وبناء  جامع التوبة مكانه. 



يلحق بالخان مسجد كان قديماً خارج البناء الرئيس إلى أن تمّ تخصيص إحدى الغرفتين المحيطتين بالمدخل للصلاة مع مرور الزمن وبالنتيجة انتقل المسجد للصحن. أضيف لبعض الخانات حمّام اعتباراً من العهد السلجوقي وتلاها مطابخ ومخابز ودكاكين وطواحين ومقاهي ومطاهر. يدعى صاحب الخان خاني أو خانجي.





عبد القادر ريحاوي. خانات مدينة دمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الخامس والعشرون ١٩٧٥.

فؤاد يحيى. جرد أثري لخانات دمشق.  الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الحادي والثلاثون ١٩٨١.



Yahia, Fouad. Inventaire archéologique des caravansérails de Damas. Présenté par Fouad Yahia; Sous la direction de Solange Ory. Th. Doctorale: Archéologie islamique: Université de Provence, Aix-Marseille I: [1978].  



Tuesday, June 23, 2020

خان المراديّة


ذكر الدكتور عبد القادر ريحاوي هذا الخان باختصار في عدد الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة الصادر عام ١٩٧٥ والخريطة الملحقة تظهر موقعه في باب البريد. النسية لوالي دمشق مراد باشا أمّا عن التاريخ فقد أنجز البناء عام ١٠٠٥ للهجرة (١٥٩٦-١٥٩٧ للميلاد) بعد ثلاث سنوات من مباشرة العمل. 

كان الخان أصلاً جزءاً من مشروع عمراني كبير شمل  إقامة سوق الطواقية عند باب البريد وقبّة عالية على مربّع باب البريد ملاصقة للخان ولبوّابة معبد المشتري الخارجيّة propylaeum وضمّ بدستان أو بزستان مراد باشا (خان الجمرك حاليّاً ويقع جنوب غرب خان المراديّة كما نرى في الخريطة).



الخان الحالي مختلف عن الأصلي كما يتبيّن من مقارنة الصورتين. تعود اللقطة الأولى (المصدر Fine Arts Library) لحوالي عام  ١٨٨٠ (قبل ردم خندق القلعة الجنوبي) وتظهر في مقدّمتها قبّة خان المراديّة الأصليّة وهي مختلفة تماماً عن القبّة الحاليّة في الصورة الثانية. دمّرت القبّة الأصليّة في حريق ١٩١٢ أو لربّما -حسب الحصني- عندما أنجز القسم الشرقي من سوق الحميديّة في عهد الوالي راشد ناشد باشا في ثمانينات القرن التاسع عشر.








عبد القادر ريحاوي. خانات مدينة دمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الخامس والعشرون ١٩٧٥.

فؤاد يحيى. جرد أثري لخانات دمشق.  الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الحادي والثلاثون ١٩٨١.







Yahia, Fouad. Inventaire archéologique des caravansérails de Damas. Présenté par Fouad Yahia; Sous la direction de Solange Ory. Th. Doctorale: Archéologie islamique: Université de Provence, Aix-Marseille I: [1978].  

Weber, Stefan. Damascus: Ottoman Modernity and Urban Transformation (1808-1918). Proceedings of the Danish Institute in Damascus, 2009.  

Monday, June 22, 2020

خانات دمشق


نشرت الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة مقالين هامّين عن خانات دمشق الأوّل عام ١٩٧٥ للدكتور عبد القادر ريحاوي بطول ٣٩ صفحة والثاني عام ١٩٨١ للدكتور فؤاد يحيى بطول ٣٦ صفحة. المقالان غنيّان بالمعلومات الممتعة مع التحفّظ أنّ هناك حدوداً لما يمكن تغطيته من موضوع بهذا الشمول في حيّز بهذا الضيق ومن البدهي أنّ خان أسعد باشا وحده يستحقّ كتاباً إن لم نقل كتباً ومئات من الصفحات ويبقى ما كتب عن أوابد مدينة دمشق وسوريا عموماً أقلّ بكثير ممّا تستحقّه. في كلّ الأحوال للدكتور يحيى دراسة مفصّلة عن الخانات بالفرنسيّة صدرت كأطروحة تخرّج تحت إشراف الدكتورة Solange Ory عام  ١٩٧٨ومع الأسف ليست هذه الدراسة متوافرة لديّ في الوقت الحاضر.

يتميّز مقال الدكتور يحيى بدقّته وحسن تبويبه وحرصه على إيراد أسماء كافّة الخانات التي وصلنا خبرها المندثرة منها والتي لا تزال قائمة إلى اليوم (خان في العهد الأموي وإثنان في العبّاسي وإثنان في الفاطمي وخان سلجوقي وإثنان وعشرون خاناً من العهد الزنكي وأربع وعشرون من الأيّوبي ومائة وتسع وأربعون خان مملوكي وثمانون خان عثماني). 

العهد المملوكي إذاً هو الأغنى بالخانات مع التوكيد على اختلاف التسمية (خان أو قيساريّة أو فندق أو وكالة) عبر العصور. مع الأسف اندثرت جميع الخانات المملوكيّة وقبل المملوكيّة باستثناء خان جقمق وخان الدكّة وما تبقّى منها اليوم فيما عدا ذلك عثمانيّة. 


الصور في المقالين قليلة ونوعيّتها متوسّطة والمخطّطات أقلّ ويعوض عن ذلك شرح سلس يسير المنال للهواة وبنفس الوقت مفيد كمراجعة سريعة للأخصّائييّن. 

أرفق خريطتين لتحديد موقع الخانات في المدينة عن ريحاوي وسأحاول التعرّض لبعضها في الأيّام المقبلة. 




عبد القادر ريحاوي. خانات مدينة دمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الخامس والعشرون ١٩٧٥.

فؤاد يحيى. جرد أثري لخانات دمشق.  الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الحادي والثلاثون ١٩٨١.


Yahia, Fouad. Inventaire archéologique des caravansérails de Damas. Présenté par Fouad Yahia; Sous la direction de Solange Ory. Th. Doctorale: Archéologie islamique: Université de Provence, Aix-Marseille I: [1978].  

Sunday, June 21, 2020

مسيحيّو دمشق


شكلّ المسيحيّون حوالي ٢٠٪ من سكّان دمشق في عهد الانتداب الفرنسي وبلغ عددهم بجميع طوائفهم ٥٠ ألف نسمة حسب الجغرافي الفرنسي Richard Thoumin في مقاله المنشور عام ١٩٣٧. 

تواجد الحيّ المسيحي شرق المدينة القديمة وتجاوز السور الروماني شمالاً إلى حيّ القصّاع كما تجب الإشارة إلى مسيحيّي الميدان وباب مصلّى وأيضاً الأحياء الجديدة الممتدّة من المشفى العسكري والمقبرة الفرنسيّة إلى الجسر الأبيض. 

ورثت دمشق المسيحيّة إلى حدّ ما الدور الذي لعبته أنطاكيا في الماضي وتطوّر فيها عدد من المذاهب يمكن تقسيمها بشكل عامّ إلى تلك التي تعترف يسلطة روما والبابا وتلك التي ترفضها ويمارس الطرفان الشعائر والطقوس نفسها: الروم الأورثوذوكس والروم الكاثوليك يمارسون الشعائر البيزنطيّة كما يمارس السريان اليعاقبة والسريان الكاثوليك الشعائر السريانيّة  والنساطرة والكلدان الكاثوليك الشعائر الكلدانيّة والأرمن الأورثوذوكس (الغريغوريّون) والأرمن الكاثوليك الشعائر الأرمنيّة. جميع الموارنة متّحدون مع روما ولهم شعائرهم الخاصّة.  

إذاً لم تغيّر الطوائف التي قبلت السلطة البابويّة طقوسها ويرجع هذا إلى سياسة الفاتيكان التي قرّرت احترام كافّة مظاهر العبادة الخارجيّة والتنظيم الكنسي لتسهيل ضمّ الكنائس الشرقيّة تحت لواء الكرسي البابوي. ممّا يسترعي الانتباه في مقال Thoumin أنّه لم يتعرّض بكلمة واحدة لأي تواجد إنجيلي (بروتستانتي) في دمشق. لا شكّ أنّ أعداد البروتستانت كانت قليلة ولكنّهم كانوا موجودين بالتأكيد بدلالة أحد مشاهيرهم ألا وهو الدكتور ميخائيل مشاقة. 

تعرّضت باختصار للخلافات العقائديّة بين الطوائف المسيحيّة في مكان آخر (الروابط أدناه) ولن أكرّرها هنا مكتفياً بترديد ما أورده المؤلّف عن العداوة بين بيزنطة واليعاقبة ممّا حمل هؤلاء على تسهيل الفتح العربي. 

عدديّاً الفرع "المنشقّ"  schismatique (حسب Thoumin) هو الأهمّ وكان محميّاً من قيصر روسيا حتّى بداية الحرب العظمى عام ١٩١٤. يشكّل الروم الأورثوذوكس أكثر من ثلث المسيحييّن ويحتلّون القسم الغربي من الأحياء المسيحيّة بين اليهود جنوباً والإسلام في باب السلام (أعتقد أنّ المقصود القيمريّة) شمالاً بينما يتركّز الروم الكاثوليك شرق باب توما وفي أزقّة الباب الشرقي قرب الحيّ اليهودي. أعداد بقيّة الطوائف زهيدة.

يتعيّن إضافة اللاتين إلى ما سبق ولا يجب الخلط بين هذه الطائفة الحديثة نسبيّاً وبين الروم الكاثوليك رغم أنّهم -أي اللاتين- يدعون Roman catholic في الغرب. يقطن اللاتين أحياء الشهداء وعرنوس والجسر وجلّهم أوروبيّون منهم فرنسيّون يمارسون عباداتهم في كنيسة فرنسيسكانيّة جديدة وطليان يقع مصلّاهم chapelle في مشفاهم المعروف. تتجاوز أهميّة اللاتين عددهم إذ لهم دور قيادي في ربط الطوائف المسيحيّة بروما وبالتعليم خصوصاً كما تشهد بذلك المدارس الكاثوليكيّة حيث يتمّ تدريس اللغة الفرنسيّة والأدب الفرنسي والتاريخ الفرنسي دون أن يبدي الطلّاب الحدّ الأدنى من الاهتمام بالثقافة العربيّة والتاريخ العربي ويعتبرون أنفسهم نتيجة لهذا التعليم متفوّقين على عامّة المسلميين الذين يصعب وجود مترجم مقبول بينهم بينما يتكلّم نصف المسيحييّن الذين يعترفون بروما اللغة الفرنسيّة بطلاقة وخمس الأورثوذوكس. يقارب اليهود الكاثوليك في إلمامهم بالفرنسيّة والفضل يعود إلى جهود الأليانس Alliance israélite universelle.

أكثر من ثلثيّ العائلات المسيحيّة الدمشقيّة لها أقارب وفروع في المهجر وكثيرون منهم من أمّوا مصر وأمريكا وهكذا تضافرت عدّة عوامل: جهود المبشّرين والبحث عن فرص اقتصاديّة وحياة عصريّة لتزيد التقارب بين مسيحيّي الشام من جهة والغرب الأوروبي الأمريكي من جهة ثانية. 












Thoumin, R. (1936). Géographie humaine de la Syrie centrale, Paris: Librairie Ernest Roux.