Sunday, June 7, 2020

عشيّة هدم جامع يلبغا


كل جامع مسجد والعكس ليس صحيحاً وإن تلاشى التمييز بين المصطلحين أو كاد اعتباراً من العهد العثماني. للمدينة الإسلاميّة مساجد كثيرة وجامع واحد يكون لها بمثابة المركز الروحي والسياسي وحتّى الاقتصادي واستمرّ الوضع هكذا لعدّة قرون مع استثناءات قليلة كالقاهرة وإن وجب التوكيد أنّ هذه الأخيرة تشكّلت من عدّة مدن (فسطاط عمرو فقطائع ابن طولون فقاهرة المعزّ). بالنسبة لدمشق كان الأموي جامعها الوحيد لقرابة خمسمائة عام إلى أن بني جامع الحنابلة في الصالحيّة عام ١٢٠١-١٢٠٢ للميلاد فجامع التوبة في العقيبة (شمال دمشق) ١٢٣٣-١٢٣٤ فجامع تنكز  ١٣١٧-١٣١٨ في حكر السمّاق (شارع النصر حاليّاً) وجامع يلبغا ١٣٤٦-١٣٥٦ غرب سوق الخيل ومحلّة تحت القلعة وغيرها. كافّة الجوامع بعد الأموي عمليّاً بنيت خارج سور المدينة ويمكن إلى حدّ ما اعتبار كلّ منها بمثابة نواة لمدينة جديدة. 

استغرق بناء جامع يلبغا على ضفّة بردى إذاً عشرة سنوات وأمّا عن نسبته فهي للأمير سيف الدين يلبغا اليحياوي نائب السلطنة في دمشق وترك لنا ابن كثير وصف افتتاحه على يد "سيف الدين يلبغا الناصري". الجامع كغيره مشيّد على غرار الأموي من ناحية التخطيط والتوزيع بشكل عامّ.

جامع يلبغا إذاً أحد جوامع دمشق الكبرى وأحد أهمّ جوامع العهد المملوكي فيها. بعضنا يذكر بقاياه المطلّة على الضلع الشمالي لساحة المرجة إلى أن "قرّر المسؤولون في وزارة الأوقاف الإفادة من مساحة الجامع الكبيرة ٤٥٠٠ متر مربّع واستثمارها في إقامة بناء جديد وتقرّر لذلك هدم الجامع وبدىء بهدم أجزاء منه عام ١٩٦٨ ولم يبق منه إلى وقت كتابة هذا البحث سوى الحرم والباب الغربي".

الاقتباس عن المؤرّخ الراحل عبد القادر ريحاوي الذي نشر دراسة عن هذا الجامع بطول  ٢٥ صفحة في المجلّد الرابع والعشرين للحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة الصادر عام ١٩٧٤. أمّا اليوم فلم يبق شيء من هذا الحرم العريق لا جدار غربي ولا شرقي ولا من يحزنون اللهمّ إلّا الصور التاريخيّة والأبحاث المنشورة في الدوريّات والمؤلّفات العربيّة والأجنبيّة.

للحديث بقيّة.    




عبد القادر ريحاوي. جامع يلبغا في دمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الرابع والعشرون ١٩٧٤



Rihawi, Abdul-Qadir. Yalbugha Mosque in Danascus (Arabic). Annales Archéologiques Arabes Syriennes tome XXIV 1974.

Ernerst Herzfeld. Damascus: Studies in Architecture IV. Ars Islamica 1948. 

No comments:

Post a Comment