Thursday, June 18, 2020

أقلّيّات دمشق الدينيّة في ثلاثينات القرن العشرين


تعرّضنا أمس لتوزيع سكّان دمشق من الناحية الإثنيّة وننتقل اليوم إلى استعراض سريع للتوزيع الديني والطائفي في دمشق كما بدى عام ١٩٣٧ حسب الجغرافي الفرنسي Richard Thoumin الذي قدّر عدد الدمشقييّن وقتها بربع مليون نسمة ١٩٠٠٠٠ منهم مسلمون و ٥٠٠٠٠ مسيحيّون و عشرة آلاف يهودي. 

لكلّ من الطائفتين المسيحيّة واليهوديّة حديث خاصّ وتجدر الإشارة هنا أنّ تركيب المدينة الطائفي تغيّر إلى حدّ كبير خلال الثمانين ونيّف من الأعوام التي انصرمت منذ كتابة المقال قيد البحث. الوجود اليهودي في دمشق انقرض عمليّاً أمّا المسيحييّن فلا شكّ أنّ نسبتهم تقلّ اليوم كثيراً عن ٢٠٪ كما قدّرها Thoumin وإن كان من المعقول أنّ عددهم المطلق تجاوز الخمسين ألفاً (مجرّد تخمين فعلى علمي لا يوجد أي إحصاء رسمي سوري حسب الدين أو الطائفة) بينما أصبح الوجود الإسلامي أكثر تنوّعاً مع هجرة الريف إلى المدينة بما فيها قدوم أعداد لا بأس بها من العلوييّن والاسماعيلييّن إلى العاصمة -وغيرها من المدن- للدراسة والعمل وبناء مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم وبناتهم في الدولة السوريّة الفتيّة تماماً كما هاجر ملايين من السورييّن من كلّ الأديان إلى الغرب على مدى أجيال  لأسباب اقتصاديّة بالدرجة الأولى على الأقلّ حتّى بداية المأساة عام ٢٠١١.  لا يشير Thoumin إلى أي تواجد لهاتين الطائفتين -العلويّة والاسماعيليّة- في دمشق في ذاك الزمن وإن ذكرهما في سياق الفسيفساء المذهبيّة السوريّة عموماً. 

الغالبيّة العظمى من مسلميّ دمشق سنّة بالطبع أمّا عن الشيعة -والكلام هنا عن الإثني عشريّة أو الإماميّة أو الجعفريّة تحديداً- فلم يتجاوز عددهم وقتها بضع مئات من "الغرباء" الذين قدم معظمهم من إيران وحفنة منهم "المتاولة" من جنوب لبنان أو البقاع. شكّل الشيعة في دمشق نواة صغيرة في جوار النهاية الشماليّة الغربيّة للحيّ اليهودي. يزدري السنّيون الأقليّة الشيعيّة وفي كلّ الأحوال تبقى أعداد الجعفرييّن قليلة للغاية ممّا لم يسمح لهم بممارسة أي نوع من التكتّل الاجتماعي أو الاستقلال أو الإدارة الذاتيّة مهما كان ضئيلاً.

ما ينطبق على الشيعة ينطبق على الدروز القادمين من حوران وحرمون. استقرّ هؤلاء في الحيّ المسيحي الواقع في باب مصلّى وعاشوا فيه حياة أقرب إلى البؤس فضّلوا فيها جوار المسيحييّن على المسلمين السنّة.

حاولت في الأسطر أعلاه توخّي الأمانة في النقل وتلخيص أفكار ومطارحات Thoumin دون تشذيب أو تهذيب وللقارىء أن يقارن مع النصّ الأصلي الفرنسي المتوافر في روابط المنشور. 

للحديث بقيّة. 







Thoumin, R. (1936). Géographie humaine de la Syrie centrale, Paris: Librairie Ernest Roux. 





No comments:

Post a Comment