Wednesday, July 20, 2016

سوريا الكبرى، قصة طموح



عنوان كتاب صدر عن جامعة أكسفورد عام 1990 لمؤلفه دانيل بايبس و هو أمريكي من مواليد 1949 و حائز على دكتوراة من جامعة هارفارد. تعلم العربية و درس القرآن و يعتبر من الخبراء في قضايا الشرق الأدنى و له في هذا الخصوص عدد كبير من المؤلفات. الكاتب يميني الإتجاه و عدو لدود "للإسلام المحارب". كان علاوة على ذلك من أشد المتحمسين "لتحرير" الولايات المتحدة للعراق عام 2003 و عل هذا كان أحد الأسباب التي حملت جورج بوش على تعيينه مديراً لمعهد الولايات المتحدة للسلام رغم معارضة الكثيرين. 


يستعرض بايبس مفهوم سوريا الكبرى منذ البدايات و هو مفهوم أو بالأحرى إصطلاح (و هناك مرادفات له كما هو مبين أدناه) سبق الحزب القومي السوري الإجتماعي و أنطون سعادة و إن لم يكن بالضرورة متطابقاً 100% من الناحية الجغرافية. ينوه بايبس منذ البداية لإزالة كل إلتباس بأنه لا يعتقد بوجود أمة سورية و لا أمة عربية و هو في هذا الصدد يتفق مع كثير من المستشرقين و منهم لورانس و جرترود بل.



سوريا كمفهوم جغرافي و ليس جيوسياسي قديمة للغاية و أما فكرة "الأمة السورية" فهي وليدة القرن العشرين أو نهاية القرن التاسع عشر على أبعد تحديد و قد إتخذت أكثر من شكل حسب الشخص أو الجهة التي تبنتها و على سبيل المثال: 
أولاً: شريف مكة حسين طالب بدولة (بالأحرى إمبراطورية) عربية تشمل سوريا و العراق و الجزيرة العربية و بالنتيجة حكم إبنه فيصل سوريا ثم العراق بعد أن طرده الفرنسيون من دمشق و إبنه الثاني عبد الله شرق الأردن. تقتضي الموضوعية الإقرار بأن الهاشميين كانوا يبحثون عن مملكة أو ممالك دون إلتزام فكري أو وطني و قد حصلوا على هذه الممالك فعلاً بغض النظر عن شكواهم ليلاً نهاراً أن الإنجليز "خدعوهم". بالطبع كانت حصة عبدالله (الأول) في الأردن أقل بكثير من غنيمة فيصل في العراق و عل هذا كان وراء مشروع "سوريا الكبرى" كأحد بنات أفكار حاكم عمان. 


ثانياً: الأمير عبد الإله (الوصي على عرش بغداد) أتى بمشروع "الهلال الخصيب" بمساهمة من السياسي المخضرم نوري السعيد. هذا المصطلح و خلافاً لما يعتقده الكثيرون حديث نسبياً و قد أتى به المؤرخ الأمريكي جيمس برستد في مطلع القرن العشرين. 




ثالثاً: سوريا الكبرى كما عرفها الحزب القومي السوري و سعادة. 



في النهاية يصل الكاتب إلى نتيجة مفادها أن الراحل حافظ الأسد وبغض النظر عن المسميات كان الأكثر نجاحاً في محاولة تحويل حلم سوريا الكبرى إلى حقيقة و يبني رأيه بالطبع على وضع الشرق الأدنى في منتصف إلى أواخر الثمانينات: النفوذ السوري في أوجه في لبنان، منظمة التحرير الفلسطينية (أو على الأقل عديد من فروعها) موالية لسوريا، و حتى ملك الأردن حسين بدا وكأنه يتقارب مع دمشق بعد أن نبذ الإخوان المسلمين عام 1985 و الذين إكتشف فجأة أنهم خدعوه واستغلوا طيبة قلبه وحسن نواياه. الكتاب طبعاً سبق غزو العراق للكويت و سقوط الإتحاد السوفيتي و إتفاقية أوسلو ثم تبادل العلاقات الدبلوماسية بين الأردن وإسرائيل.