Saturday, February 29, 2020

قصر العدل


احترقت السرايا القديمة أو دار المشيريّة في أواخر عهد الانتداب الفرنسي وهدم ما بقي منها عام ١٩٤٥ ليحلّ محلّها -أي النهاية الشرقيّة على الطرف الجنوبي لشارع النصر- القصر العدلي الذي بني بين الأعوام ١٩٤٧-١٩٤٨ ونقلت إليه الدوائر المختصّة عام ١٩٥٢. تزامن هذا على وجه التقريب مع هدم مبنى العدليّة في ساحة الشهداء (المرجة) في مطلع الخمسينات.  

يتبع طراز البناء خصوصاً للواجهة المهيبة النماذج الشرقيّة أو العربيّة الإسلاميّة إذا شئنا باستثناء التوجّه نحو الشارع أي من المركز للمحيط عكس العمائر التقليديّة (العامّة منها والخاصّة أي البيوت) المتمركزة حول الصحن أي من المحيط إلى المركز أمّا عن التسمية فهي تعريب أمين عن الفرنسيّة Palais de Justice كما في قصر عدل باريس. 

الصورة العليا مأخوذة من كتاب "مصوّر الإقليم السوري" الصادر في زمن الوحدة عن المديريّة العامّة للدعاية والأنباء في دمشق ويعود الفضل في إخراجه الفنّي للسيّد سليم ديراني. الصورة الثانية الأقلّ جودة مأخوذة من دليل دمشق  ١٩٤٩ وعلى ما يبدوا كان البناء على وشك الإتمام وقتها يلزمه بعض اللمسات الأخيرة. 




عندما كانت دمشق عاصمة الإقليم الشمالي

قتيبة الشهابي. دمشق تاريخ وصور الطبعة الثانية ١٩٩٠ عن مؤسّسة التوري ومطبعة محمّد هاشم الكتبي.





Stefan Weber. Ottoman Modernity and Urban Transformation 1808-1918. Proceedings of the Danish Institute in Damascus V 2009. 


Friday, February 28, 2020

بناء الهاتف الآلي


يعود أوّل دليل تليفون لدمشق أذكره إلى ستّينات القرن العشرين ولا يعني هذا بالطبع كونه الأقدم. كان الرقم خماسيّاً وقتها وانصرمت عشر سنوات أو نحوها بين هذا الدليل والدليل الأقلّ جودة الذي تلاه في السبعينات عندما أصبح الرقم سداسيّاً. 

كان الهاتف (مع التلفزيون والراديو والبرّاد والغسّالة) واسع الانتشار في الشقق السكنيّة في ذلك الوقت رغم العقبات الييروقراطيّة أمّا عن الأماكن العامّة والبزنس فلم يخل منه متجر أو بقّاليّة ناهيك عن الشركات والمؤسّسات ومكاتب المهنييّن. 

لم تكن الأمور بهذا اليسر عندما صدر دليل دمشق عام  ١٩٤٩ وعلى الأغلب كانت الأغلبيّة العظمى من البيوت السكنيّة إن لم نقل جميعها عمليّاً تجهله إذا أخذنا بعين الاعتبار غيابه في عيادات أغلبيّة الأطبّاء وقتها ومعظم الصيدليّات. 

تمتّعت دوائر الحكومة والمفوّضيّات والقنصليّات والصحف والمجلّات ووسائل النقل وشرطات الطيران والمصارف ودور العرض والفنادق والشركات وكثير من التجّار وعدد من المطاعم بهواتف وكان حظّ المحامين منها أكبر من الأطبّاء بينما لم تعرفها محلّات الخياطة عموماً ولا المقاهي (باستثناء البرازيل) ولكن أكثر ما أدهشني هو غيابها في جميع أقسام الشرطة دون استثناء أو على أقلّ تقدير عدم ذكر رقم هواتف هذه الأقسام (أستبعد إغفالها لو كانت موجودة). 

أغلب الأرقام أدرجت كما يلي: **-** وبعضها **-*-* ويخيّل لي أنّها لم تكن أرقاماً مباشرة وأنّ الاتّصال استلزم وساطة عامل أو عاملة الهاتف "السنترال" كما كنّا نفعل في الماضي في الاتّصالات الخارجيّة. 

البناء في الصورة أعلاه لا يزال موجوداً على شارع النصر. 





Thursday, February 27, 2020

طبابة دمشق في مطلع عهد الاستقلال


المعلومات أدناه مأخوذة بتصرّف من "دليل دمشق" الصادر عام ١٩٤٩. يحدّد الكتيّب عدد السكّان برقم ٦٤٩٨٣٣ يتوزّعون كما يلي:

مدينة دمشق: ٣١٠٣٤٦
ناحية المزّة: ٤٣٢٠١
ناحية الغوطة: ٤١٨٤٩
قضاء دوما: ٧١٩١٨
قضاء النبك: ٧٥٨٠١
قضاء وادي العجم: ٣٦٠٩٤
قضاء القنيطرة: ٤٦٩٧٣
قضاء الزبداني: ٢٣٧٥١

يسمّي نفس الدليل أطبّاء دمشق واحداً واحداً مع عناوينهم وجميع هؤلاء متمركزون في مدينة دمشق أي يخدمون أقلّ بقليل من نصف الرقم الإجمالي. لا ريب في تواجد أطبّاء في النواحي والأقضية المذكورة ولكن نسبتهم إلى عدد السكّان كانت بالتأكيد أقلّ بكثير وفي كلّ الأحوال لم يذكر الدليل أسمائهم. 

عددت من أطبّاء الصحّة ٢٠٣ أضف إليهم تسعة "أطبّاء متمرّنين في مستشفى كليّة الطبّ" و ٣٣ من الأطبّاء الموظّفين في وزارة الصحّة والشؤون الاجتماعيّة و ٤٧ من أطبّاء الأسنان. كثيرون منهم من كان مشهوراً على مستوى سوريا وقتها ومزيد من سيشتهر في العقود التالية. يمكن الرجوع للرابط أدناه للحصول على القائمة الشاملة بمسلميها ومسيحييّها ويهودها اخترت منهم الأسماء التالية: 

أمين رويحة:  صاحب كتاب عن طبّ الأعشاب.

أنسطاس شاهين: من روّاد اختصاص الأنف والأذن والحنجرة في الجامعة السوريّة وسار ابنه نقولا على خطاه.

بشير العظمة: أخصّائي في أمراض الصدر وشغل منصب رئيس وزراء في عهد الانفصال (لم يكن آخر طبيب اشتغل بالسياسة في سوريا).

حسني سبح: شغل عدداً ما أرفع المناصب في الجامعة السوريّة الفتيّة منها رئاسة الجامعة. ابنه أنس سبح أستاذ للأمراض العصبيّة في جامعة دمشق.

أحمد حمدي الخيّاط: رائد في علم الجراثيم في سوريا. درّس ابنه هيثم الخيّاط في جامعة دمشق فيما بعد.

حنين سياج: أستاذ الأمراض الجلديّة والزهريّة في جامعة دمشق.

سعيد السيوطي: من أوائل المعرّبين في الجامعة السوريّة.

شوكة الشطّي: مشرّح مرضي ووالد إياد الشطّي وزير الصحّة وعميد كليّة الطبّ في جامعة دمشق وأستاذ التشريح المرضي فيها.

صيري قبّاني: محرّر مجلّة طبيبك ومؤلّف كتاب الغذاء لا الدواء ووالد رائد جراحة القلبيّة في سوريا سامي القبّاني.

طاهر المرادي: أستاذ التشريح المرضي في جامعة دمشق.

فايز المطّ: أستاذ التشريح في جامعة دمشق وله كتاب التشريح الوصفي.

فؤاد قدح: عمّ أبي رحمهما الله وكان يهوى الفلسفة وما وراء الطبيعة وله كتاب "حقائق الوجود". 

لطفي اللبابيدي: أستاذ الجراحة في جامعة دمشق وله كتاب مدرسيّ فيها بالاشتراك مع محمّد الشامي.

لوريس ماهر: خرّيجة ١٩٣٠ وأولى أوانس سوريا من حملة شهادة الطبّ.

مدني الخيمي: عميد كليّة الطبّ ووزير الصحّة وأستاذ الأمراض القلبيّة والخمجيّة (الإنتانيّة).

ابراهيم قندلفت: من أوائل أطبّاء الأسنان في دمشق وخرّيج الجامعة الأمريكيّة في بيروت. 

مرشد خاطرله بالاشتراك مع صلاح الدين الكواكبي وأحمد حمدي الخيّاط معجم Clairville الطبّي في خمسينات القرن العشرين لتعريب المصطلحات.

مظهر المهايني: أستاذ جراحة في جامعة دمشق لاحقاً وكان يدير مشفىً ضغيراً في الحلبوني. 

يوسف عرقتنجي: أوّل مدير صحّة وإسعاف عامّ في سوريا.

فيصل الصبّاغ: أستاذ الأمراض العصبيّة في جامعة دمشق ورئيس قسم الأمراض الباطنة.

راتب كحّالة: أستاذ طبّ الأشعّة. 





Wednesday, February 26, 2020

ساحة النجمة


أخذت هذه الساحة شكلها الحالي في إطار توسّع دمشق باتّجاه الشمال والغرب في عهد الانتداب الفرنسي. ابتلع هذا التوسّع بالنتيجة الغوطة الغربيّة التي تحوّلت إلى أحياء جديدة منها أبي رمّانة وغرب المالكي والروضة إضافة للأبنية التي حلّت محلّ البساتين المحيطة بطريق الصالحيّة.  

النجمة ساحة صغيرة يتفرّع منعا ستّة شوارع منها شارع المجلس النيابي الذي يتابع طريقه شرقاً تحت اسم شارع العابد إلى السبع بحرات وغرباً حتّى شارع الجلاء أو أبو رمّانة. هناك عدد من الأبنية المطلّة على الساحة أو القريبة منها يعرفها الشوام جيّداً ومنها دير ومدرسة الفرنسيسكان للبنات (دار السلام) وكنيسة اللاتين أو كنيسة القدّيس أنطوان البادوي ومطعم نادي الشرق

من الواضح أنّ التسمية مأخوذة عن النموذج الفرنسيّ الأكبر والأشهر  ألا وهو ساحة النجمة في باريس المعروفة أيضاً باسم ساحة شارل ديغول والتي يتوسّطها قوس نصر نابوليون ويتفرّع منها لا أقلّ من إثني عشر شريان عريض من أشهرها شارع ومنتزه الشانزيليزيه Avenue des Champs-Élysées . تعتبر Place de l'Étoile المهيبة ومحيطها تتويجاً لتخطيط البارون  Georges Eugène Haussmann العمراني الذي غيّر وجه العاصمة الفرنسيّة في عهد نابوليون الثالث إلى الشكل الذي نعرفه اليوم ويمكن اعتبار خطّة Michel Écochard الذائعة الصيت تطبيقاً لمبادىء هوسمان في دمشق بحسناتها وسيّئاتها. 

الصورة من دليل دمشق للعام ١٩٤٩ (الرابط أدناه). 






Tuesday, February 25, 2020

قصر ناظم باشا


طال الهدم الكثير من دور دمشق التاريخيّة مع شديد الأسف ولحسن الحظّ لم يكن قصر ناظم باشا في المهاجرين أحدها. جرى البناء بين ١٩٠٢-١٩٠٤ وكان مقرّاً للوالي حسين ناظم باشا وتمّ بيع الدار لاحقاً لوهبة خورشيد باشا  المصري بمبلغ خمسة آلاف ذهبيّة عثمانيّة وإليه تنسب التسمية الثانية "قصر خورشيد" واعتقد البعض خطأً أنّ خورشيد هذا كان مهندس العمارة الذي صمّم القصر.  

ذكر البارودي أنّ ناظم باشا اكترى منزلاً من عائلته في القنوات للأعوام  ١٨٩٥-١٩٠٢ ولا يوجد ذكر لقصر المهاجرين قبل ١٩٠٤ (Baedeker) ومن ثمّ  ١٩٠٥ عن الخارجيّة الألمانيّة. 

تحوّل القصر إلى مقرّ رسميّ لأحمد جمال باشا وقيادة الجيش خلال الحرب العظمى واعتباراً من ١٩١٥ حتّى ١٩١٨ عندما أصبح مشفىً عسكريّاً تحت ولاية (؟!) جمال باشا المرسيني. أقام فيه الملك فيصل عندما توّج على سوريا في آذار ١٩٢٠ حتّى غادر البلاد بعد ميسلون في تمّوز من نفس العام. أصبح القصر مقرّاً لسفارة المملكة العراقيّة في فترة بين الحربين وأخيراً قصراً جمهوريّاً من الأربعينات إلى السبعينات. 

تنتمي الشرفة-السطح على يمين الصورة أعلاه (دليل دمشق عام ١٩٤٩)  إلى بناء الدكتور سعيد السيوطي الواقع على الطرف الشمالي للشارع مقابل القصر وكان هذا البناء موقعاً استراتيجيّاً لمشاهدة الاستقبالات الرسميّة واستعراض حرس الشرف من قبل رؤساء سوريا ولا زلت أذكر الراحلين الدكتور نور الدين الأتاسي ومن بعده الرئيس حافظ الأسد مع ضيوفهما العرب والأجانب والفرقة الموسيقيّة ومعزوفاتها من النشيد الوطني والأنغام التي يسير على إيقاعها الجنود ببزّاتهم الرسميّة الرائعة. 



الصورة الثانية من مجموعة Gertrude Bell أقدم وتعود لعام  ١٩٠٥.




قتيبة الشهابي. دمشق تاريخ وصور الطبعة الثانية ١٩٩٠ عن مؤسّسة التوري ومطبعة محمّد هاشم الكتبي.




Stefan Weber. Ottoman Modernity and Urban Transformation 1808-1918. Proceedings of the Danish Institute in Damascus V 2009. 

Monday, February 24, 2020

مؤسّسة مياه عين الفيجة


هناك خلاف على بداية تنظيم توزيع المياه إلى دمشق كخدمة عامّة إذ حدّدها René Tresse بعام ١٨٩٢ بينما ارتأى M. L. Gross أنّ هذا التاريخ يعود بالأحرى لعام ١٩٠٣. في كلّ الأحوال لا جدال في كون الوالي حسين ناظم باشا رائداً في هذا المضمار وإليه يعزى جرّ مياه عين الفيجة إلى دمشق من مصدرها الواقع على بعد ٢٣ كيلومتراً غرب المدينة ممّا سمح للمرّة الأولى ببناء أحياء جديدة شمال نهر يزيد. حصل هذا في العقد الأوّل من القرن العشرين. 

كانت هذه الخطوة حدثاً جللاً في وقتها ولكنّها لم تكن حلّاً لتزويد عاصمة الأموييّن المتوسّعة باستمرار على المدى البعيد حيث أنّ كميّة المياه لم تتجاوز الألفين متر مكعب واحتياجات دمشق تجاوزت هذا بكثير خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار تلوّث بردى بفضلات المدينة بعد المرور بها.

المشكلة إذاً ذات شقّين: الأوّل تأمين المياه النظيفة والثاني التخلّص من المياه الملوّثة والشقّ الثاني لا يقلّ أهميّة عن الأوّل نظراً لعدم وصول شبكة الصرف الصحّي لمعظم البيوت الشاميّة حتّى العقد الأوّل من عهد الانتداب الفرنسي. أدّى غياب السياقات إلى الحدّ من توسّع المدينة وكان معدوماً في اتّجاه الشرق من الناحية العمليّة. 

تمّ حلّ هذه المضلة المزدوجة "تزويد-تصريف" في عهد الانتداب وبالنسبة للشقّ الأوّل تأسّست لجنة عين الفيجة عام ١٩٢٢ وأنجز المشروع الذي كان لدولة السيّد لطفي الحفّار اليد الطولى في نجاحه عام ١٩٣٢. بلغت الكلفة ٢،٧ مليون ليرة ذهبيّة عثمانيّة وبلغ عدد المشتركين خمسة عشر ألفاً أضف إلى استهلاكهم ٦٥٠٠ متر مكعب خصّصت لمناطق عسكريّة و ٣٠٠٠٠ متر مكعب لسبلان المدينة. أشرف على زينة وزخرفة البناء الجميل على شارع النصر الفنّان محمّد علي الخيّاط "أبو سليمان" وأولاده (المزيد من المعلومات عن البناء في الرابط أدناه).  









Arnaud, Jean-Luc. Damas : urbanisme et architecture. Sindbad 2006. 

Gross M.L. Ottoman Rule in the Province of Damascus 1860-1909. Georgetown University 1979.

Tresse, René. L'Irrigation dans la Ghouta de Damas. P. Geuthner, 1929. "Revue des études islamiques.

Sunday, February 23, 2020

دمّر ووادي بردى‎




دمّر اليوم أو بالأحرى مشروع دمّر مدينة قائمة بذاتها وكان الوضع مختلفاً عندما صدر "دليل دمشق" عام ١٩٤٩. 


إذا خرجنا من دمشق متّجهين من الشرق إلى الغرب بمحاذاة بردى تتوالى المحطّات التالية:

الربوة
تبعد أربعة كيلومترات عن المدينة وهي مشهورة بمقاهيها.

دمّر
سبعة كيلومترات وفيها محطّة للقطار وتشتهر بقصر شمعايا. قربها نجد قدسيّا وإذا تابعنا نصادف منتزهات جديدة والأشرفيّة والفيجة وعين الخضرا وللقطار محطّات في معظمها. 

الزبداني
على بعد ٥١ كيلومتراً وهي "مصيف دمشق الأوّل". 

بقّين
 ٤٨ كيلومتر وترتفع ١٣٥٠ متراً عن سطح البحر. مياه بقّين نار على علم وليس مضايا عنها بالبعيدة. 

بلودان 
٥٧  كيلومتراً ويرتفع جبل بلودان  ١٥٠٠ متراً عن سطح البحر. يقع نبع أبو زاد قربها وهي مشهورة بفنادقها. الجرجانيّة أحد المصايف المعروفة في هذه المنطقة.







Richard Thoumin.  Géographie humaine de la Syrie centrale. Paris, Librairie Ernest Leroux, 1936.

Saturday, February 22, 2020

مدخل دمشق الشرقي


الصورة الملحقة للباب الشرقي مأخوذة من "دليل دمشق" الصادر عام ١٩٤٩ ولربّما كانت كلمة مدخل أقرب إلى الصواب من باب إذا أخذنا بعين الاعتبار النقاط التالية:

أوّلاً: وظيفة الباب قديماً دفاعيّة بالدرجة الأولى فهو فتحة في أسوار المدينة لا بدّ منها لعبور المشاة والدوابّ والبضائع والمؤن (أي شرّ لا بدّ منه) يتوجّب حمايتها بالجسور والخنادق والرواشن والسقّاطات (لصبّ الزيت المغلي على رؤوس المهاجمين ورجمهم بالحجارة والسهام إلى آخره) وفرجات مرامي النبال والكماة الساهرين على الأمن. كلّما كانت فتحة الباب أصغر والممرّ الذي يتلوها أكثر تعرّجاً كلّما كان ذلك أفضل من ناحية عسكريّة بحتة.  

ثانياً: "الباب الشرقي" أبعد ما يكون عن المواصفات أعلاه بفتحاته الثلاث الفخمة المهيبة المؤدّية إلى شريان المدينة المتمثّل في الشارع المستقيم. يبلغ طول هذا الشارع حوالي  ١٥٠٠ متر وعرضه خمس وعشرون متراً ونصف المتر وينتهي كما هو معروف لدى باب الجابية. حتّى يكون الباب الشرقي "باباً" في العصور القديمة والوسطى يتعيّن أن يكون الأمن مستتبّاً كما في عاصمة امبراطوريّة مترامية الأطراف تحمي ثغورها جيوش لهام ولا تخشى الغزاة على أبوابها. لا يوجد ما يدعوا للاعتقاد أنّ هذا كان وضع دمشق في العهد الروماني عندما شيّد هذا "الباب". 

ثالثاً: قام نور الدين في القرن الثاني عشر للميلاد بسدّ قوسيّ الباب الوسطى والجنوبيّة وأبقى فقط على الشماليّة وأضاف باشورة بهدف دفاعيّ واضح. الذود عن فتحة واحدة محصّنة أسهل بكثير منه عن قوس ثلاثيّة فخمة أشبه ما تكون بمحارب عاري الصدر في مواجهة حراب الأعداء. عزّزت تحصينات الباب في العهد الأيّوبي. 

رابعاً: طرح فريق من العلماء الفرنسييّن (الروابط أدناه) استناداً إلى ما سبق فرضيّة جديدة مفادها أنّ الباب الشرقي الروماني لم يكن باباً على الإطلاق وإنّما كان نصباً تذكاريّاً فخماً يقع شرق المدينة وتفصله عن سورها عشرات الأمتار ولم يدخل في جدران المدينة المحصّنة إلّا في العهد البيزنطي.










Jean-Michel MoutonJean-Olivier Guilhot et Claudine PiatonPortes et murailles de Damas


Friday, February 21, 2020

أسبازيا في متحف دمشق


بإمكان زائر متحف دمشق الوطني عام ١٩٤٩ أن يتأمّل هذا التمثال الرخامي الصغير الجميل وكثير غيره من مقتنيات المتحف الثمينة لقاء رسم لا يتجاوز نصف الليرة للعموم وربع الليرة للطلّاب والعسكر. ارتفاع التمثال ٣٩،٥ عشير المتر ويعود الغضل في اكتشافه لتنقيب بعثة دانماركيّة في منطقة حماة. الوصف التالي تعريب عن وصفه بالفرنسيّة للدكتورين سليم وآندريه عبد الحقّ

يعدّ هذا التمثال المنتصب على قاعدة أحد روائع المتحف. ترتدي المرأة معطفاً فضفاضاً يغطّي قسماً من رأسها ويكشف شعرها الأجعد الذي يتوسّطه فرق يقسمه إلى جزئين متناظرين كما يغطّي هذا المعطف ثوبها باستثناء القسم الأسفل منه حيث نرى ثنايا مستقيمة عميقة ومتناظرة. اليد اليمنى ملاصقة للصدر وتؤلّف بالتالي مجموعة من الطيّات المائلة التي تعطي فكرة عن القسم العلوي لجسد المرأة وتبدوا كسلسلة من الطيّات العريضة والعميقة.

تزيد الأجفان البارزة والشفة السفلى الممتلئة من حدّة التعبير الصارم الذي ينعكس على الوجه البيضويّ ويلتفت الرأس قليلاً إلى اليسار. يعزوا السيّد Ingholt هذا التمثال إلى القرن الثاني الميلادي ويرتأي أنّه أوّل نسخة كاملة عن النموذج الأصلي الذي يمثّل Aspasie (عشيقة Périclès حاكم أثينا في القرن الخامس قبل الميلاد). بالمقابل يرجّح السيّد Picard أنّ النحت يمثّل Elpinicé أخت Cimon وقرينته (أيضاً من أدبيّات القرن الخامس قبل الميلاد) ويعتقد أنّ أوّل مجسّم برونزي لها نفّذ في الربع الثاني للقرن الخامس ويننمي إلى نحت الشقق (appartment) الذي ابتكر في الاسكندريّة خلال العهد الهلنستي.

اليد اليسرى مفقودة وهناك آثار من الطلاء الأحمر حول الوجه وفي طيّات الثوب تحت المعطف.

النصّ الفرنسي في منشور مستقلّ. 















Sélim et Andrée Abdul-Haq. Catalogue Illustré du Département des antiquités Greco-Romaines au Musée de Damas, 1951.

Femme debout sur une plinthe



C’est l’un des chefs-d’oeuvre du département gréco-romain du musée. La femme est vêtue d’un ample manteau qui lui couvre une partie de la tête et laisse apparaitre ses cheveux ondulés divisés symétriquement de chaque côté d’une raie médiane ainsi que le bas de sa robe avec des cannelures droites, profondes et symétriques. Sa main droite, sous le manteau, est ramenée vers la poitrine créant ainsi un système de plis obliques qui laissent deviner les formes de la partie supérieure du corps et occasionnent une cascade de plis larges et profonds.

Une expression sévère, accentuée par ses paupières saillantes et sa lèvre inférieure épaisse, se reflète sur son visage ovale légèrement tourné vers la gauche. C’est d’après M. Ingholt, qui le date du second siècle de notre ère, le premier exemple complet de statue représentant le type original d’Aspasie. M. Ch. Picard préfère y voir une Elpinicé, soeur de Cimon, dont le premier exemple en bronze fut exécuté au second quart du cinquième siècle, et elle appartiendrait à la sculpture “d’appartement” crée à Alexandrie à l’époque hellénistique. 

La main gauche manque. Des traces de peinture rouge subsistent autour du visage et dans les plis de sa robe sous le manteau. 

Haut: 39 cm.5
Provenance: Hama (fouilles de la mission danoise). 














Sélim et Andrée Abdul-Haq. Catalogue Illustré du Département des antiquités Greco-Romaines au Musée de Damas, 1951.

Thursday, February 20, 2020

دليل دمشق ١٩٤٩


يقارب عدد صفحات هذا الكتيّب ١٦٠ ويحتوي على أكثر من خمسين صورة بالأبيض والأسود من نوعيّة متوسّطة أو أقلّ من متوسّطة ويشفع له كمّ لا بأس به أبداً من المعلومات التي لا تقدّر بثمن عن دمشق في مطلع عهد الاستقلال تشمل إحصائيّات عن عدد السكّان وتوزيعهم ومعلومات عن الدوائر الرسميّة والقنصليّات والمدارس والجامعة والفنادق والملاهي والمطاعم والمصارف ووسائل النقل وأنظمة السير والصحف والمجلّات والأطبّاء وأطبّاء الأسنان والمحامين والصيادلة والصناعة والتجارة والمجلس النيابي ومعالم المدينة وهلمّجرًا. 

لا تخلوا المقدّمة عن تاريخ سوريا من البهارات والأفاويه أضف إليها بعض الأخطاء هنا وهناك وعلى سبيل المثال عن تاريخ نشر تقرير بعثة King & Crane وولادة الجامعة العربيّة وهي تعتمد عموماً النبرة السياسيّة المعاصرة في ذمّ كلّ ما هو عثماني وفرنسي وتمجيد "الثورة العربيّة الكبرى" التي شبّت بقيادة الشريف حسين. لا داعي للدخول في التفاصيل فهي معروفة من تيهور من المصادر لكلّ طريقته الخاصّة في النظر إليها.

أهدى المدير العامّ للشرطة والأمن الدكتور زكي الجابي الكتاب إلى الرئيس القوّتلي بلغة لا تخلوا من الملق والمداهنة:

"إلى فخامة الزعيم السيّد شكري القوّتلي ابن العروبة البارّ ورئيس الجمهوريّة السوريّة نرفع هذه الصفحات فهي الدليل المسطور على ازدهار العاصمة الخالدة في عهده العظيم".

التاريخ الأوّل من كانون ثاني ١٩٤٩.

وفي مكان آخر:

بعد عيد الجلاء عام ١٩٤٨ "عدّل المجلس النيابي الدستور وجدّد الولاء لفخامة الزعيم السيّد شكري القوّتلي بانتخابه للمرّة الثانية رئيساً للجمهوريّة وبدأت هذه المدّة المباركة في السابع عشر من آب ١٩٤٨".

بالكاد مضت ثلاثة أشهر على صدور الدليل عندما قام حسني الزعيم بانقلابه الشهير في الثلاثين من آذار ١٩٤٩. 



أنوي تحميل بعض صور الدليل في الأيّام المقبلة مع شرح موجز أتوخّى منه وضعها في إطارها التاريخي.   

رابط الدليل