Tuesday, February 18, 2020

شكري وجمال


"لقاء بمحض الصدفة. يجتمع ثنائي الغزل المصري-السوري قوّتلي-ناصر مع شارلي شابلن على مدخل إحدى دور السينما في دمشق". 

هكذا علّقت مجلّة Paris Match على الصورة أعلاه في عددها الصادر في الثامن من آذار ١٩٥٨. بالنسبة لتسلسل الأحداث قبيل الوحدة مباشرة أقوم في الأسطر التالية بتعريب عن الأصل الإنجليزي لفقرات من الصفحة ٤٠١-٤٠٢ لكتاب "تاريخ سوريا الحديث" بقلم الكاتب الراحل عبد اللطيف طيباوي وهو أكاديمي فلسطيني إسلاميّ الفكر.

{نجم نجاح المبادرة إلى حدّ كبير عن جهود حزب البعث. كان البعث وقتها حزب أقليّة نجح في جرّ الأكثريّة معه بفضل تبنّيه لقضيّة وطنيّة شعبيّة ما كان باستطاعة أي جماعة سياسيّة وقتها أن تستمرّ إذا عارضتها. الوحدة العربيّة هدف الحركة الوطنيّة منذ ولادة سوريا نفسها حالت الإمبرياليّة البريطانيّة والفرنسيّة دون تحقيقه. بذهاب هذه الإمبرياليّة أتت الآن فرصة رائعة لضمّ سوريا إلى مصر كحجر زاوية للوحدة العربيّة تفتح الطريق لدخول دول عربيّة أخرى إليها.

قيل الكثير عن أهداف البعث التعبويّة (التكتيكيّة) في محاولة منه للالتفاف حول الأحزاب السوريّة المنافسة وقيل المزيد عن الخطر الشيوعي المبالغ فيه إلى درجة طمس معالم الطبيعة المثاليّة للمبادرة. هناك تماثل بين فلسفة البعث واشتراكيّة عبد الناصر من ناحية الجوهر ولكن عندما آن الأوان لمناقشة بنود الوحدة كان عبد الناصر مدركاً أنّ البعث لا يمثّل سوريا وبناء عليه كان لا بدّ من جذب المزيد من القادة المدنييّن والعسكرييّن إلى هذا المشروع ومنهم بالنتيجة الرئيس القوّتلي ورئيس وزرائه. فابل الوفد الذي شكّل وأرسل على عجلة إلى القاهرة عبد الناصر وكان هذا الأخير متعاطفاً معه وإن تردّد في المضي قدماً. كان الرئيس المصري بالتأكيد بحاجة لكثير من الإقناع.

في النهاية وافق عبد الناصر على الوحدة ولكن بشروط اقترحها عليه البعث ووافق عليها بقيّة القادة السورييّن: يجب أن ينصهر البلدان في وحدة اندماجيّة وليس اتّحاد فدرالي ويجب أن يوافق الشعبان المصري والسوري على الوحدة من خلال استفتاء. على الجيش -السوري- أن يحجم عن التدخّل في السياسة ويتعيّن حلّ جميع الأحزاب السوريّة ليحلّ محلّها الاتّحاد الوطني كما في مصر. أعلن القوّتلي في الخامس من شباط ١٩٥٨ الوحدة الوشيكة مع مصر وسمّى عبد الناصر رئيساً للجمهوريّة. وجّهت الدعوة إلى لبنان للانضمام بعد أربعة أيّام مع ضمانة للمحافظة على وضعه الخاصّ ودعيت سائر الدول العربيّة إلى النظر في اتّخاذ خطوات في هذا الاتّجاه.

تمّت الموافقة على الوحدة وعلى رئاسة عبد الناصر بأغلبيّة ساحقة وأعلنت هذه الوحدة في الثاني والعشرين من شباط عندما تنحّى القوّتلي عن الرئاسة مع تكريمه بلقب المواطن الأوّل في الجمهوريّة العربيّة المتّحدة.} 


No comments:

Post a Comment