Monday, February 17, 2020

استفتاء ١٩٥٨ وأطماع عبد الناصر في بترول الغرب


سأبدأ بتعريب التعليق على الصورة (النصّ الفرنسي في منشور مستقلّ) عن مقال قصير صدر يوم السبت في الثامن من آذار ١٩٥٨ لمجلّة Paris Match الفرنسيّة:

[الأمر بسيط بالنسبة للناخبين إذ يوجد مرشّح واحد وبطاقة اقتراع واحدة جرى تدقيقها في الهواء الطلق في كلّ مكان دون اللجوء لخلوات أو ظروف مغلقة.] 

نأتي الآن إلى فقرة مثيرة للاهتمام كنموذج لتفكير ساسة فرنسا والغرب عموماً و"الإعلام الحرّ" في خدمتهم:

[ألقى عبد الناصر خطابين يتّسمان بالحذر أمام الأعيان السورييّن في الوقت التي استقبلته دمشق التي اعتراها الجنون استقبال الملوك. صرّح الرئيس "أنّ مسؤوليّة عظيمة تثقل أكتافنا" وما عناه أكتافه هو. في الواقع حقّق زعيم "الضبّاط الأحرار" حلمه فها هو الآن على رأس الوحدة العربيّة محدّداً بهذا مخطّطاته التي تستهدف النفط الغربي".] 

الجملة المسترعية للانتباه من مزيج ذرف دموع التماسيح على الديموقراطيّة المهدورة والعبارات المستنكرة -إن لم نقل الهازئة- بطريقة الاقتراع المكشوفة والمرشّح الوحيد والخطب الرئاسيّة المنمّقة.... هي "مخطّطاته التي تستهدف النفط الغربي" أو كما جاء في الأصل الفرنسي:

 "ses visées sur le pétrole occidental"

ما هو هذا "النفط الغربي" وفي أي بلد "غربيّ" يتواجد؟ بالتأكيد ليس في فرنسا ولا في غرب أوروبا. الكلام واضح لا لبس فيه: نفط البلاد العربيّة من العراق إلى الجزائر مروراً بشبه جزيرة العرب هو المقصود "إيّاك أعني واسمعي يا جارة". نفط العرب غربي تماماً كما قناة السويس غربيّة والغرب مستعدّ للقتال في سبيلها كما فعل في عدّة مناسبات متذرّعاً بأنبل الأهداف ورافعاً شعارات الحريّة والديموقراطيّة وحقوق الإنسان ومندّداً بالإبادة الجماعيّة وقتل الطغاة لشعوبهم واستعمالهم أسلحة الدمار الشامل إلى آخر المألكة-المونولوج الذي عشناه جميعاً. اعتراض الغرب على عبد الناصر لا علاقة له بطبيعة حكومته السلطوية ولا بفساد بعض أفرادها لا كثيراً ولا قليلاً. جريمة الرئيس المصري الوحيدة هنا أنه استهدف أو بالأحرى قد يستهدف "نفط الغرب" أو على أقلّ تقدير مصالح الغرب في نفط الشعوب الضعيفة. بالطبع لم تقتصر هذه العقليّة على الفرنسييّن وعلى سبيل المثال أفرد رئيس الوزراء البريطاني السابق Anthony Eden في مذكّراته فصلاً عن تأميم قناة السويس بعنوان "السرقة"  theft مفترضاً أنّ القناة ملك مشروع للغرب سرقه الديكتاتور المصري نهباً وقنصاً. هناك المزيد من الأمثلة وبعضها معاصر كما نعلم جميعاً. 

رحم الله المطربة السوريّة سحر وأغنيتها الشهيرة "بترول العرب للعرب".   

No comments:

Post a Comment