تعرّفنا على" بيت منيّر" المندثر بفضل مجموعة من الصور تعود لعشرينات القرن الماضي تركها لنا المستشرق الألماني البارون Oppenheim ورأينا أنّ هذا البيت كان واقعاً في الشاغور الجوّاني قرب مئذنة القلعي. مررنا أيضاً بسرعة على "بيت وجيه بك الأيّوبي" الأحدث بناءً وطرازاً في منطقة العفيف. موضوع اليوم ما أسماه العالم الراحل "بيت وزير" ووصفه تصويريّاً من خلال إحدى عشرة صورة بالأبيض والأسود يبلغ عمرها قرابة المائة عام. ماذا عن هذا البيت؟
للوهلة الأولى يبدوا اللغز بالغ الصعوبة فالمراجع الموجودة العربيّة منها والأجنبيّة صامتة فيما يتعلّق بهذه الدار -شأنها في ذلك شأن بيت "منيّر"- ومقارنة الصور مع مثيلاتها من البيوت الشاميّة لتحديد هويّة البيت المذكور عمليّة ليست من السهولة بمكان نظراً لتشابه التوزيع ونمط البناء وطراز الزخرفة في معظم البيوت الشاميّة باستثناء المساحة والتفاصيل والإضافات اللاحقة حسب الحقبة الزمنيّة. أضف إلى ذلك تغيّر أسماء البيوت عبر الزمن (مثلاً بيت خزنة كاتبي الذي عرف لاحقاً ببيت نظام وبيت فارحي-الدحداح وهلمّجرّا).
من حسن الحظّ أنّنا نعيش في العهد المعلوماتي ونجحت بمقارنة ثلاثة من الصور أحدها لقاعة والثانية لصحن مع بحرته والثالثة لأحد أسقف البيت مع صور الشبكة الحديثة وصورة ملوّنة عن Anke Scharrahs بحلّ الشطر الأوّل من الأحجية والوصول إلى نتيجة قاطعة بأنّ هذا البيت ما هو إلّا بيت جبري أمّا الشطر الثاني المتعلّق باشتقاق تسمية "بيت وزير" فلا يزال الغموض يكتنفه ولم أجد أي إشارة لهذه التسمية في Weber أو غيره (آل جبري عائلة دمشقيّة معروفة ولا علم لي إذا تبوّأ أحد أفرادها سدّة الوزارة في عهد الانتداب أو في أواخر العهد العثماني).
موقع البيت داخل سور المدينة جنوب شرق الجامع الأموي وشمال غرب مكتب عنبر وهو لا يزال موجوداً ولله الحمد وإن تحوّل مؤخّراً إلى مطعم. تحويل البيوت الأثريّة لمطاعم وفنادق أمر مختلف عليه وله مساوئه بالتأكيد ولكن إذا كان الخيار بين هدمه والاستعاضة عنه ببناء قبيح وبين ترميمه بشكل معقول واستثماره كائناً من يكون المستثمر فالخيار الثاني خير وأبقى.
المزيد عن هذا البيت في منشور مقبل.
Anke Scharrahs. Damascene 'Ajami Rooms. 2013
Stefan Weber. Ottoman Modernity and Urban Transformation 1808-1918. Proceedings of the Danish Institute in Damascus V 2009.
Stefan Weber. Ottoman Modernity and Urban Transformation 1808-1918. Proceedings of the Danish Institute in Damascus V 2009.
No comments:
Post a Comment