صورتان من بيت جبري إحداهما لقوس يفصل بين عتبة وطزر القاعة أو بالأحرى أحد طزراتها كما رأينا والثانية لدرج في الصحن يختفي أو يكاد خلف النباتات الخضراء ويذكّر بأغنية هدى حدّاد الجميلة "درج الياسمين". اللقطتان بعدسة المستشرق الألماني البارون Oppenheim الذي يسمّي هذه الدار دوماً "بيت وزير".
يتفاوت عدد صحون البيت الشامي وتتفاوت مساحة وبذخ الصحن حسب إمكانيّات أصحاب الدار. من الصحون ما هو غاية في البساطة ولا يخلوا مع ذلك من لمسة من السحر الشرقيّ تضفيها تعريشات الدوالي والأزهار وأشجار النارنج والكبّاد والليمون التي يعبق عطرها في ربوعه وحول بحرته. أضف إلى هذا وذاك السلاحف المختبئة بين النباتات (سمعت أنّه "يللّي عندو زلحفة ما بيعلق عليه سحر") وزقزقة العصافير على الأغصان وهديل الحمام على السطح. أذكر حديث أبي رحمه الله أنّ "كشّاش الحمام" لا تقبل شهادته في المحكمة وعلّ السبب "البصبصة" على نساء الجيران بذريعة كشّ الحمام. أذكر أيضاً في هذا الصدد حلقة من مسلسل حكم العدالة الشهير في مطلع الثمانينات عندما قتل النسونجي وكشّاش الحمام "جاسم" رجلاً اتّهمه بسرقة "الطير الأبلق". طبعاً باء جاسم بالخيبة وبئس المصير بفضل نفاذ ذهن الرائد هشام واستنطاق المساعد جميل المشهور بفعاليّته (لا أذكر إذا كان مع أو دون "الفلقة") والقضاء السوري الذائع الصيت وكان في ذلك عبرة لذوي الألباب ولكلّ من تسوّل له نفسه القتل واستراق النظر وكشّ الطيور.
Brigid Keenan & Tim Beddow. Damascus: Hidden Treasures of the Old City. Thames & Hudson 2001.
No comments:
Post a Comment