Saturday, February 15, 2020

جمال عبد الناصر


دامت الوحدة المصريّة-السوريّة من ٢٢ شباط ١٩٥٨ وحتّى ٢٨ أيلول ١٩٦١. في ذكرى هذه المناسبة أقوم اليوم بتعريب منشور قصير ظهر في الثامن من آذار عام ١٩٥٨ في مجلّة Paris Match الفرنسيّة دون تعديل باستثناء بعض التعليقات التالية للنصّ الأصلي. أنوي نشر بعض الصور الإضافيّة المتعلّقة بهذا الحدث في الأيّام القليلة المقبلة. 

السيّد ٩٩٪
زواج مصر وسوريا في دمشق

الصورة أعلاه بعدسة René Burri بعنوان: "تهيمن ابتسامة ناصر على رقصة بطن مرتجلة يقوم بها الطلّاب في الشارع احتفالاً بالبكباشي".

عمّ الحبور دمشق إذ استقبلت رئيس الجمهوريّة العربيّة المتّحدة الجديد ناصر استقبال المنتصرين. مع ذلك وصل السيّد ٩٩٪ إلى عاصمة "إقليمه الشمالي"خلسة من الناحية العمليّة والسبب يعود لأولويّة الاعتبارات الأمنيّة. تدفّق مدّ حقيقيّ من الحشود الشعبيّة في الشوارع حاملة صور الرئيس الجديد والرئيس السابق القوّتلي جنباً إلى جنب بمجرّد انتشار الخبر وجلبت الباصات جمهوراً متنوّعاً من كلّ حدب وصوب ومن كافّة أرجاء البلاد إذ نفذ صبر الناس لرؤية الابتسامة الشهيرة -والمقلقة إلى حدّ ما- لصلاح الدين الجديد. 

من الواضح أنّ الكاتب ورئيس تحريره يسخرون من شبه إجماع المقترعين على تأييد الوحدة ومن البدهي أنّ أي نسبة تتجاوز التسعين بالمائة مطعون فيها سيّان كان الاستفتاء في مصر أو سوريا أو العراق وسواء كان الكلام عن عبد الناصر أو الأسد أو صدّام حسين ومع ذلك لا بدّ من إقرار الحقائق -وليس الآراء الشخصيّة- التالية:

أوّلاً: أوّل "سيّد ٩٩٪" على حدّ علمي ليس عبد الناصر وإنّما رأس أوّل إمبراطوريّة فرنسيّة أي نابوليون بونابارت أو نابوليون الأوّل. صوّت "نعم" موافقاّ على "ترفيعه" من قنصل أوّل إلى إمبراطور ٩٩،٩٣٪ من المقترعين وكان ذلك عام ١٨٠٤ أي قبل الوحدة المصريّة السوريّة بقرن ونصف.

ثانياً: بغضّ النظر عن نسبة المؤيّدين أي مراقب منصف لا يملك إلّا الإقرار بأنّ شعبيّة جمال عبد الناصر في أعقاب أزمة السويس عام ١٩٥٦ كانت كاسحة في معظم بلاد الشرق الأدنى ولربّما تجاوزت شعبيّته في سوريا نظيرتها في مصر في أواخر الخمسينات. بالطبع كان هناك من عارض الوحدة من السورييّن وأبرزهم"الخالدين" أي خالد بكداش رئيس الحزب الشيوعي السوري وخالد العظم الذي نعته البعض "المليونير الأحمر" ولكن غالبيّة السورييّن كانت وحدويّة وكم من أسرة شاميّة أسمت وليدها "جمال عبد الناصر" في هذه الفترة. نزار قبّاني عاش ومات ناصريّاً حتّى النخاع شاء من شاء وأبى من أبى إلى درجة أنّه رثا عبد الناصر بقصيدة أسماه فيها "آخر الأنبياء". 

ثالثاً. فرنسا الخمسينات كانت عدوّاً لدوداً لمصر وعبد الناصر والسبب ليس فقط تأميمه لقناة السويس بل أيضاً دعمه لثورة الجزائر. ليس سرّاً أنّ فرنسا تحالفت مع إسرائيل وإنجلترا عام  ١٩٥٦ فيما دعي بالعدوان الثلاثي وليس بخافٍ أنّ لفرنسا الباع الأطول في البرامج النووي الإسرائيلي ومن المعروف أنّ إسرائيل دمّرت الطيران السوري والمصري عام ١٩٦٧ بفضل طائرات الميراج الفرنسيّة الصنع. أذكر تصفّح أحد الكتب الفرنسيّة القديمة ومشاهدة صورة "الديكتاتور المصري جمال عبد الناصر" وعلى الصفحة التالية صورة "البطل الإسرائيلي موشيه دايان". 

للحديث بقيّة. 


  





No comments:

Post a Comment