الباب الشرقي

يوجد مبنى آيل للتداعي على مسافة قصيرة إلى شمال الباب الشرقي وهو مستعمل حاليّاً كمشفى للمجذومين ويقال أنّه يشغل الموقع الذي احتلّه قديماً نعمان الأبرص (١). هذا الجوار يحتوي على الأكواخ البائسة التي يقطنها المصابون بهذا الداء الشنيع الذي لا يزال -وهي حقيقة لافتة للنظر- يعيث فساداً في هذه المدينة منذ عهد نعمان إلى اليوم. لا تزال بعض الآثار المخيفة لهذا البلاء الإلهي الفظيع ظاهرة في ضحاياه الأشقياء في مشفى جذام دمشق وحوله. 

يستحقّ الباب الشرقي أن يفحص بعناية ومن الواضح أنّه روماني وأمّا عن أقواسه وجدرانه فعلّها النماذج القديمة (٢) الوحيدة التي يمكن رؤيتها في هذه المدينة المحمّديّة المبنيّة من الطين. بلغ طول البوّابة الثلاثيّة الكامل حوالي مائة قدم وارتفاعها خمسين قدماً على وجه التقريب. كان ارتفاع القوس المركزيّة أربعين قدماً وعرضها عشرين بينما وصل ارتفاع القوسين الجانبيّتين إلى عشرين قدماً وعرضهما عشرة أقدام للقوس. انهارت القوس المركزيّة منذ زمن بعيد وسدّت البوّابة منذ أكثر من ثمانية قرون مع المدخل الأصغر الواقع إلى جنوبها. يتمّ الدخول إلى المدينة حاليّاً من الفتحة الشماليّة الصغيرة وبنيت مئذنة مربّعة فوق الركيزة الشماليّة للقوس المركزيّة. يمكن الحصول على مشهد بديع للمدينة ومحيطها من قمّة هذه المئذنة. هناك بقايا برج إسلامي شرق البوّابة (٣). تمتلك دمشق حاليّاً حوالي اثني عشر باباً وكان لها قديماً أكثر من ثلاثة أضعاف هذا العدد (٤) معظمها تهدّم أو أغلق عبر القرون. علاوة على ذلك للكثير من الشوارع الرئيسة المؤدّية إلى مختلف الحارات بوّابات خاصّة بها تغلق عندما يحلّ الظلام ولكن البوّاب يسمح بدخول عابري السبيل المتأخّرين في الليل حتّى ساعات متقدّمة إلى حدّ ما لقاء بخشيش (٥).

١. قصّة نعمان الأبرص موجودة في الإصحاح الخامس من سفر الملوك الثاني.

٢. المقصود بالقديم antique السابق للإسلام وأحياناً يقسّم إلى العهود المسيحيّة والكلاسيكيّة (الإغريقيّة-الرومانيّة) وما قبلها.

٣. علّ المقصود الباشورة. 

٤. لم أسمع أو أقرأ في حياتي عن وجود ٣٦ باب أو أكثر لدمشق في أي فترة من تاريخها ولم يذكر المؤلّف مصدره أو مصادره.

٥. النصّ أعلاه (مع الصورة) مترجم من الصفحات ٤٠٧-٤٠٩ من أحد أجزاء كتاب The Land and The Book الثلاثة بعنوان Lebanon, Damascus, and Beyond Jordan طبعة ١٨٨٦ للمؤلّف W.M.Thomson. 

https://archive.org/stream/landbookorbiblic00thom#page/n7/mode/2up