الموقع جنوب شرق دمشق على الحدود الشرقيّة للغوطة في منطقة المرج المتاخمة لبادية الشام. لهذه القرية الصغيرة ماض مجيد شأنها في ذلك شأن العديد من المواقع السوريّة ويخبرنا العالم Thomas M. Weber (المرجع أدناه ١ صدر عام ٢٠٠٦) عن وجود نقوش كتابيّة فيها تعود لمطلع القرن الثالث الميلادي وعن معبد إيوني بقي منه ثلاثة أعمدة بازلتيّة من منتصف القرن الثالث أعطت البلدة اسمها ولربّما كانت هذه الأعمدة من عهد فيليب العربي. ماذا عن معلوماتنا عن حران العواميد في القرن التاسع عشر؟ فيما يلي ترجمة ما كتبه المبشّر الأمريكي W.M. Thomson في كتاب The Land and The Book طبعة ١٨٨٦:
لم يلزمنا أكثر من أربعة ساعات للوصول إلى حران التي تقع في سهل مستو يمتدّ إلى سبخة البحرة القبليّة (٢) التي يمرّ خلالها بردى في طريقه إلى مصبّه.
نستطيع إذا وقفنا على سقف المسجد في غرب الضيعة رؤية هامش القصب المحيط بالبحرة والذي يغطّي بعضاً من سطحها ولكن البحيرة ذاتها غير مرئيّة وإن أكّد لنا البدو وجود مساحة معتبرة من المياه الصافية قرب مصبّ بردى حتّى في أكثر أشهر السنة جفافاً. لم يرتح أدلّتنا أبداً لمظهر العرب والبدو الشرّير وناشدونا ألّا نطيل زيارتنا للقرية أكثر من اللزوم وهكذا قمنا فوراً بتفحّص هذه الأعمدة الثلاث الطويلة في مركزها والتي اشتقّت منها تسمية حران العواميد. لا تتّصل هذه الأعمدة بأي آثار قديمة وهي من عدّة أوجه فريدة ومثيرة لدهشة زائريها.
هذه الأعمدة مصنوعة من البازلت الأسود وهو إلى حدّ ما ذو مسام ولكنّه شديد القساوة. يبلغ محيطها ١٢ قدم وارتفاعها بما فيه القاعدة والتاج حوالي ٤٠ قدم. تتكوّن سارية العمود من ستّة أو سبعة أجزاء وهي مهترئة ومنصدّعة انفصلت عنها قطع كبيرة وسقطت . تعلوا اثنان من هذه الأعمدة تيجان إيونيّة (٣) وأمّا عن تاج الثالث الذي يشكّل زاوية مع العمودين السابقين فقد هوى من علوائه ولا يمكن معرفة الهدف منه خاصّة وأنّ المبنى الذي انتمي إليه قد اندثر. على الأرجح هذه الأعمدة بقايا معبد قديم تتناثر أطلاله بحجارتها المنحوتة وأعمدتها المحطّمة في أنحاء القرية. هناك نقش إغريقي في قطعة من سارية عمود استعملت في جدار الجامع ولكنّه ممحي ومغطّى جزئيّاً وبالتالي لم نتمكّن من فكّ طلاسمه. حران العواميد آخر قرية باتّجاه البحيرة ولا يوجد فيها شيء يستحقّ أقلّ قدر من الانتباه ولا ما يدلّ على أنّها كانت مكاناً ذي أدنى أهميّة في تاريخها باستثناء الأعمدة.
١. من كتاب عن المنحوتات الرومانيّة في متحف دمشق الوطني.
٢. بحيرة العتيبة وكانت حتّى العقد الثالث للقرن العشرين على الأقلّ مكوّنة من بحيرتين قبليّة وشرقيّة.
٣. تيجان الأعمدة الكلاسيكيّة دوريّة أو إيونيّة أو قورنثيّة.
https://archive.org/stream/landbookorbiblic00thom#page/n7/mode/2up
Thomas M. Weber. Sculptures from Roman Syria 2006. Wernersche Verlagsgesellschaft, Worms.
https://books.openedition.org/ifpo/3692?fbclid=IwAR2XR9JtiDu533UmpmSRJqmMdTCnvrSApLdu1DjOxJ5W9RdH984hnOqKm3A
https://www.dummies.com/education/architecture/greek-architecture-doric-ionic-or-corinthian/
No comments:
Post a Comment