هذا الكتاب ترجمة من العربيّة إلى الإنجليزيّة صدرت عام 1980 ويحاول المؤلّفون فيه تعداد ووصف موجودات المتحف بمهنيّة من خلال 255 صفحة بالإضافة إلى العشرات من الصور بالأبيض والأسود وأحياناً بالألوان.
يبدأ الكتاب بمقدّمة مختصرة للدكتور عفيف بهنسي المدير العام للآثار والمتاحف يليها سرد سريع لتاريخ المتحف الذي بدأ عام 1918 في المدرسة العادليّة ومن ثم انتقل إلى المكان الذي يشغله حاليّاً غرب التكيّة السليمانيّة عام 1936 وتوسّع أكثر من مرّة منذ ذلك الوقت. كلفة دخول المتحف لدى صدور الدليل كانت ليرة سوريّة للجمهور ونصف ليرة للجنود والطلّاب ومجّاناً للوفود المدرسيّة والعلميّة والرسميّة.
يتوزّع متن الكتاب على ثلاثة أجزاء. الجزء الأوّل يتناول العهود القديمة "قبل الكلاسيكيّة" أي السابقة للإسكندر الأكبر وهو بقلم السيّد عدنان الجندي ويغطّي الكثير من الموجودات التي جمعت من مختلف أرجاء سوريا مع مكانة بارزة لمدينتي أوغاريت وماري.
الجزء الثاني مخصّص للبقايا الإغريقيّة والرومانيّة والبيزنطيّة وحرّره السيّد بشير زهدي ونجد فيه أطول مقدّمة تاريخيّة في الكتاب (17 صفحة) وهذا منطقي إذ المعلومات المتوافرة عن هذه الفترة أكثر بكثير من التي سبقتها ومع ذلك تبقى حتّى الآن مجهولة أو تكاد للكثيرين في الشرق والغرب. هناك تركيز خاصّ على تدمر ودورا أروبوس وحوران.
الجزء الثالث والأخير يفصّل في الموجودات الإسلاميّة والكاتب هو السيّد محمّد أبو الفرج العشّ الذي يستهلّ البحث بقصر الحير الغربي قبل أن ينتقل بشكل منهجي إلى وصف بقيّة الموجودات: النقود والخشب والمخطوطات والفخّار والنحت على الحجر والأشغال المعدنيّة والزجاج والمجوهرات إلى آخره. عني المؤلّف بتعداد الكثير من السلالات الحاكمة وتسلسلها الزمني: الأموييّن والعبّاسييّن والأغالبة والإخشيدييّن والطولونييّن والفاطمييّن والأتابكة والأيّوبييّن.
باختصار هذا العمل دليل مفيد للزائر المهتمّ والأخصّائي الباحث وهو أكثر من مجرّد كشف أو كاتالوج لمقتنيات المتحف إذ يعطي اهتماماً خاصّاً للتفاصيل التقنيّة والفنيّة والخلفيّة التاريخيّة.
حسنات الكتاب إذاً كثيرة ولكن عليه مع ذلك بعض المآخذ:
- إذا كانت المادّة غنيّة فالإخراج متواضع: الكتاب يفتقر إلى فهرس ونوعيّة الصور متوسّطة إلى سيّئة وهذا أمر جلل في عمل توثيقي وفنّي من هذا النوع. علاوة على ذلك توزيع الصور لا يتوافق دائماً مع تسلسل النصّ وكثيراً ما يختلط فيه الحابل بالنابل ممّا يصعّب المراجعة والمقارنة إلى درجة لا بأس بها. لحسن الحظّ الكثير من هذه الصور موجودة في مصادر أخرى بنوعيّة أدقّ وأفضل وأجمل.
- الأخطاء المطبعيّة كثيرة وبعضها يتعلّق بتواريخ وتفاصيل تقنيّة.
- الترجمة الإنجليزيّة بحاجة ماسّة إلى التنقيح إذ نرى من الأخطاء الإملائيّة والنحويّة أكثر بكثير من الحدّ المقبول (أحياناً عدّة أغلاط في نفس السطر). إذا كان هذا العمل موجّهاً للناطقين باللغة العربيّة فلا داعي له إذ يكفي الرجوع للأصل العربي أمّا إذا كان موجّهاً للأجانب فيتعيّن مراجهته عدّة مرّات ومن أكثر من أخصّائي (باللغة والآثار) قبل إرساله إلى المطبعة. التاريخ السوري عريق ويستحقّ أن نزهو به وأن نعطيه حقّه.
No comments:
Post a Comment