Tuesday, July 11, 2017

دمشق وتدمر وبعلبك ١٩٤١



كتيّب من إصدار المطبعة الكاثوليكيّة في بيروت عام ١٩٤١، وأحد أقدم الأدلّة السياحيّة لدمشق وجوارها. العملُ نتاج تعاون بين دار نشر Green Guide Books الأوروپيّة ومكتبة Librairie Universelle في دمشق. المؤلّف السيّد روحي جميل.

الدليل كتابُ جيبٍ صفحاتُهُ ٢٥٠ من القطع الصغير (١٥ في ١١من عشيرات المتر)، خفيف الحمل كأغلب الكتب السياحيّة، ومع ذلك فخم الإخراج ذو غلاف جلديّ أنيق وورق جيّد مع العديد من الصور الصغيرة الحجم والمقبولة الدقّة بعدسة بعض أشهر مصوّري دمشق آنذاك.

____________

خصّص المؤلّف عدداً لا بأس به من الصفحات لتاريخ المدينة، نفهم من خلالِها دون عناء جهدَهُ لتحاشي المشاكل مع سلطات الانتداب الفرنسي. استعمل جميل على سبيل المثال تعبير "عصيان" rebellion (صفحة ٣١) لما وصفه التاريخ السوري الذي كُتِبَ بعد الاستقلال بالثورة السوريّة الكبرى، وتباكى على تدمير حيّ سيدي عامود (الحريقة) بما فيه "قصر القوّتلي الذي أقام فيه إبراهيم باشا تسع سنوات"، دون كلمةٍ واحدة عن المسؤول عن هذا القصف. من الواضح أيضاً أنّ المؤلِّف أورويّي الهوى، على الأقلّ فيما يتعلّق بمشاريع تحديث المدينة التي طرحها الفرنسيّان Danger و Écochard عام ١٩٣٦. يعكس الكتاب الفترة قبل ١٩٤٠، بدلالة غياب أدنى إشارة إلى الحرب العالميّة الثانية، وعلّ آخر سنة غطّاها كانت ١٩٣٩، عندما زار صاحب السموّ الإمبراطوري ولي عهد إيران الشهبور محمّد رضا بهلوي دمشق في آذار.

احتلّت مدينة دمشق ١٥٠ صفحة من ٢٥٠. الباقي موّزع بين محيطها المباشر (١٥ صفحة عن الغوطة ومعلولا وصيدنايا ويبرود ومنطقة الزبداني)، ثمّ تدمر (٢٠ صفحة)، فبعلبك (٢٥ صفحة)، وأخيراً حمص وحماة وحلب وبيروت وطرابلس واللاذقيّة التي مرّ عليها الكاتب مرور الكرام في أقلّ من ٢٥ صفحة، كما لنا أن نتوقّع في كتابٍ وُجِّهَ أوّلاً وآخراً إلى زوّار دمشق ولا يقتصر على تاريخها ومعالمها وشوارعها وأسواقها، بل يفصّل أيضاً في عادات وتقاليد أهلها ولباسِهم وأمثالِهِم والخرافات المتداوَلة بينَهم وبيوتهم وهلمّجرّا.

هناك تركيز خاصّ على الأقليّات الدينيّة. قَدَّرَ السيّد جميل عدد المسلمين في دمشق بحوالي ٢١٠٠٠٠، غالبيّتهم العظمى من السنّة، وذكر وجود "مسجد بهائي" في باب توما لم أقرأ عنه في أي مصدر آخر. عدد المسيحييّن ٢٦٢٠٠، أمّا عدد اليهود فبلغ ١٣٠٠٠ ولديهم ١٥ كنيس، أقدمُها في جوبر وعمره حسب الكاتب أقلّ بقليل من ٣٠٠٠ سنة، بينما تعود بقيّة الكنس للفترة بين مطلع القرن الثالث عشر وحتّى أواخر القرن السادس عشر للميلاد.

____________

يتلخّص ما يهمّ معظم الزوّار في نهاية المطاف بثلاثة أمور: المتعة، والعمل Business، والكلفة؛ هنا يقدّم لنا الدليل الكثير من المعلومات التي لا تقدّر بثمن وعلى سبيل المثال:

- أفخم فنادق دمشق قصر الشرق Orient Palace وأميّة، يليها Damascus Palace قصر دمشق و New Royal.

- بالنسبة للمطاعم الأوروپيّة هناك Trianon و Lido وشهرزاد في شارع محطّة الحجاز، والواحة والنصر Triumph وسقراط في شارع فؤاد الأوّل (بور سعيد حاليّاً)، أمّا المطاعم الشرقيّة فلدينا الأمراء والأسديّة في سوق الحميديّة.

-أفضل محلّات الحلويّات غراوي وقبّاني في شارع فؤاد الأوّل والدالاتي في شارع كليّة الطب.

- متاجر الأنتيكات: الإخوة نعسان في باب شرقي، وأصفر وسركيس في سوق الحميديّة، وقيرواني أيضاً في سوق الحميديّة.

- دور العرض (السينما): Roxy و Empire وعائدة وRoyal.

- المقاهي: كمال والبرازيل.

- الحمّامات: الملكة والقرماني في الدرويشيّة ومسبح يفتح صيفاً في المزّة.

- كبائن الهاتف "في كلّ حيّ" (؟ّ!).

- مكتبات البيع الأوروپيّة: Librairie Centrale (شارع محطّة الحجاز)، و Librairie du Foyer وأميّة و Universelle (شارع فؤاد الأوّل).

- للكتب العربيّة: المكتبة العربيّة للإخوان عبيد والمكتبة الهاشميّة وكلاهما في سوق الحميديّة، ومكتبة البردي Papyrus في شارع المتنبّي.

- المصوّرين: Gulbenk و Gaby-Freddy. كلاهما في شارع فؤاد الأوّل.

- الترام: ستّة خطوط جميعها تنطلق من المرجة باتّجاه الميدان، الجسر، الشيخ محيي الدين، المهاجرين، باب توما، والقصّاع - دوما.

____________


باختصار كتابٌ قيّمٌ وممتع، ذو أهميّة تاريخيّة خاصّة تجعله أكثر من جدير بالتعريب أو على الأقلّ إعادة الطبع لتتعرّف الأجيال الحاليّة على دمشق آباء أجدادها وأجداد أجدادها.

No comments:

Post a Comment