Saturday, July 22, 2017

ريف دمشق في عهد الإنتداب الفرنسي: معلولا

تقع معلولا عل بعد 56 كيلومتراً شمال شرق دمشق وقد تمّ اختيار مكانها بناء على عاملين جوهرييّن: الأوّل توافر الماء العذب والثاني (كما سنرى أدناه) الإعتبارات الأمنيّة وهذان العاملان حدّدا بشكل أو بآخر مواقع بقيّة التجمّعات السكنيّة في منطقة القلمون. 

انتشر الإسلام في سوريا المركزيّة بالتدريج ولكن المسيحيّة ظلّت سائدة في القلمون حتّى حلول القرن الثامن عشر بينما اعتنق حوالي 80% من سكّان المناطق المحيطة الدين الجديد في الشمال (حمص) والغرب (بعلبك) والجنوب (دمشق) . بقيت جاليات مسيحيّة مهمّة حتّى مطلع القرن العشرين في يبرود وصيدنايا ومعلولا وغيرها كما حافظت معلولا على إحدى اللهجات السريانيّة ويضيف المؤلّف أنّ سكّان صيدنايا يتكلّمون العربيّة بلهجة تذكّر بالسريانيّة.   

صيدنايا ومعلولا أشبه بالقلاع منها إلى القرى إذ يشمخ دير العذراء أو سيّدة صيدنايا 60 متراً فوق الأرض المحيطة به وأمّا عن معلولا فهي تحتلّ موقعاً استراتيجيّاً على منحدرات السلسلة الثالثة لجبال القلمون بحيث تستطيع حفنة من المدافعين صدّ هجمات المئات من المسلّحين كما أثبتت أحداث 1925-1926 (يقصد المؤلّف طبعاً الثورة السوريّة وأنّ المسلمين حاولوا أو على الأقلّ فكّروا بمهاجمة المسيحييّن تحت حماية فرنسا). 


بلغ عدد سكّان معلولا حوالي 1500 نحو عام 1930 معظمهم من المسيحييّن أمّا عن تاريخ البلدة فهو قديم للغاية ككثير من المدن السوريّة وما نعرفه أنّ سكّانها في العهد الروماني تجمّعوا في أعلى المرتفعات وحفروا منازلهم في الجدار الصخري والذي اتصلت فيه العديد من الكهوف فيما بينها وكان البعض منها يعلو البعض الآخر بشكل طوابق. مع مرور الزمن بدأ الأهالي باستيطان السفوح بهدف الإقتراب من الأرض المرويّة ولاحتواء الزيادة العدديّة وتطلّب هذا البناء حيثما سمحت تضاريس الارض بذلك ممّا أدّى بالنتيجة إلى تشابك البيوت والحارات بشكل أشبه بالتيه إذ لا يوجد (الكلام هنا طبعاً في مطلع ثلاثينات القرن العشرين) أي شارع جدير بهذا الإسم باستثناء طريق السيّارات الذي يقود لدير مار تقلا والذي تمّ شقّه عام 1928.



تنتهي معظم أزقّة معلولا للزوّار والغرباء بجدران مغلقة أمّا أبناء البلد فيتنقّلون بحريّة من باحة بيت فلان إلى درج البيت المجاور فإلى سطح المنزل الثالث ومنه إلى الزقاق التالي تارة صعوداً وطوراً هبوطاً وفي هذه المنحدرات نرى النساء يتجوّلن مرّتين في اليوم من البيت إلى النبع وبالعكس وجرارهنّ على أكتافهنّ لجلب الماء للإستعمالات المنزليّة. تعيش الحيوانات اللبونة في القرية نفسها إلى درجة استعمال بعض الشرفات لإيواء النعاج والعلف الذي تحتاجه ويمكن القول أنّ القرية كانت في ذلك الزمان منطوية على نفسها في محاولة لتأمين الإكتفاء الغذائي قدر الإمكان.



Richard Thoumin

Géographie humaine de la Syrie Centrale

Tours
Arnault et Cie, Maîtres Imprimeurs
1936











No comments:

Post a Comment