بني هذا الجامع بين الأعوام ١٣٤٦-١٣٥٦ للميلاد بمبادرة النائب سيف الدين يلبغا اليحياوي الناصري ولربّما استغرق إنجازه فترة أطول (حتّى عام ١٣٦١) بدلالة نقش كتابي على لوح خشبي حول محراب في الزاوية الشماليّة الشرقيّة لحرم الصلاة. عاصر ابن كثير الدمشقي بناء الجامع ووصف نقل الأحجار اللازمة من جبل قاسيون على متن الدوابّ واستعمال أعمدة المدينة القديمة أخذ أحدها من سوق العلبييّن (في الشارع المستقيم) "بعدما كان له في هذا الموضع نحواً من أربعة آلاف سنة". يضيف العمري الذي توفّي بعد عامين من مباشرة بناء الجامع أنّ قسماً من معبد المشتري الغربي (المقصود الخارجي أو peribolos) هدم واستعملت حجارته لبناء الجامع. استناداً إلى هاتين الشهادتين ليس من العسير فهم تنوّع العناصر العماريّة المكوّنة للصرح قيد الدراسة.
جدّدت عمارة الجامع ولا سيّما قبّة الحرم وأروقة الصحن عام ٨٠١ للهجرة (١٣٩٨ للميلاد) على يد النائب سيف الدين تنبك بدلالة نصّ كتابي فوق باب المئذنة وكان هذا على الأغلب لترميم الأضرار الناجمة عن حريق ١٣٩٦.
أقيم قوس حجريّ كبير فوق المحراب والمنبر عام ٨٠٩ (١٤٠٦-١٤٠٧ م) كما أشار نقش كتابيّ على حجارة القوس كما رمّم الجامع عموماً في عهد نوروز الحافظي وأرّخت ذلك كتابة في جدار الحرم الجنوبي.
أهمل الجامع في العهود اللاحقة وقلّ ذكره (وصفه أبو البقاء البدري من مواليد ١٤٤٣-١٤٤٤ في "نزهة الأنام في محاسن الشام) إلى أن نأتي إلى زلزال ١٧٥٩ الذي هدم قبّته ومئذنته كما يخبرنا كمال الدين الغزّي. أعيد بناء الجامع بعد هذه الكارثة مع تعديلات جذريّة حيث استعيض عن صفّيّ الأقواس المقنطرة في حرم الصلاة بصفّ وحيد ولم يعاد رفع القبّة المندثرة (يبيّن المخطّط الملحق الوضع الأصلي للجامع).
حوّل ابراهيم باشا الجامع إلى معمل بسكوت في ثلاثينات القرن التاسع عشر وأجهزت وزارة الأوقاف على ما تبقّى منه في منتصف سبعينات القرن العشرين.
عبد القادر ريحاوي. جامع يلبغا في دمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الرابع والعشرون ١٩٧٤.
Rihawi, Abdul-Qadir. Yalbugha Mosque in Danascus (Arabic). Annales Archéologiques Arabes Syriennes tome XXIV 1974.
Ernerst Herzfeld. Damascus: Studies in Architecture IV. Ars Islamica 1948.
No comments:
Post a Comment