انعقد مؤتمر جنيف تحت رعاية الأمم المتّحدة بالإسم والولايات المتّحدة والاتّحاد السوفيتي بالفعل بين الحادي والعشرين والتاسع والعشرين من كانون أوّل ديسمبر ١٩٧٣ وكان ذلك بهدف إيجاد حلّ سلمي للصراع العربي - الإسرائيلي في أعقاب حرب تشرين أوّل (أكتوبر) من نفس العام. استعرت الأسطر التالية عن العدد ١٢٨٧ من مجلّة Paris Match الفرنسيّة الصادر في الخامس من كانون الثاني (يناير) ١٩٧٤. كاتب المقال الصحفي فرنسي كورسيكيّ الأصل يدعى François Caviglioli وما قمت به لا يتعدّى الاختزال دون تحريف أو تعديل باستثناء الشرح والتعريف عندما تدعو الحاجة.
بدأ المحرّر بالقول أنّ كيسنجر "مترنيخ اليوم" يأمل بالتوصلّ - بعد طول انتظار - إلى السلام بين العرب وإسرائيل من خلال هذا المؤتمر. الإشارة للأمير Klemens von Metternich وزير خارجيّة الإمبراطوريّة النمساويّة (١٨٠٩-١٨٤٨) ومستشارها (١٨٢١-١٨٤٨) عرّاب التسوية الأوروبيّة التي أعقبت الحروب النابوليونيّة بداية من مؤتمر فيينّا عام ١٨١٥ وأحد أكثر سياسيّي النصف الأوّل من القرن التاسع عشر تأثيراً إن لم يكن أكثرهم تأثيراً على الإطلاق. المقارنة مفهومة وللدكتور كيسنجر إنجازاته ما في ذلك من شكّ (خصوصاً في انفتاح بلاده على الصين) ولربّما لم يكن من المبالغة القول أنّه أكثر وزراء خارجيّة الولايات المتّحدة نفوذاً والسبب بكل بساطة عائد إلى ضعف الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون على خلفية فضيحة Watergate ممّا عزّز دور كيسنجر كممثّل للشرعيّة الأميركيّة على الصعيد الدولي على الأقلّ.
كتب Caviglioli ما يلي:
"كل شيء جاهز للوليمة التاريخيّة. تبدوّ الجديّة على محيّا غروميكو (وزير الخارجيّة السوفييتي آنذاك) الأشبه بقطّ بدين متربّص يريد إخفاء حبوره. هنري كيسنجر في غاية البشاشة والمجاملة وكأنّه في سبيل تحقيق إحدى اختصاصاته المتمثّلة في تسوية دوليّة للمستقبل المنظور. تابع عرّابا المؤتمر بنظرهما الفرقاء تحت وصايتهما تحت مظهر دمث يخفي التخوّف من رؤية العرب والإسرائيلييّن في آخر لحظة وقد أخذ بعضهم بتلابيب البعض الآخر.
دخل أبا إيبان (وزير خارجيّة إسرائيل) قاعة المؤتمرات محاطاً بالوفد المرافق له وحوله الأمريكيّون والروس الذين يتجنّبون النظر في أعين بعضهم بعضاً مكتفين بمحاولة جسّ نبض إيبان كما يفعل المدرّب مع المصارع تحت إشرافه. دخل الوفد العربي من باب آخر في نفس الوقت. لا تبدوا على العرب من رباطة الجأش أكثر ممّا يبدو على الإسرائيلييّن بل تظهر عليهم إمارات الخرق كلاعب على وشك البدء في منافسة لا يدري قواعدها".
للحديث بقيّة.
François Caviglioli. Paris Match 1287 (5 janvier 1974).
Henry Kissinger: Metternich d'aujourd'hui
No comments:
Post a Comment