Friday, January 14, 2022

عدرا في مطلع القرن العشرين

 


سأخرج اليوم إلى حدّ ما وبصورة مؤقّتة عن كتاب "البيت السوري" للجغرافي Thoumin للتعرّض لعدرا في المرج ومقال بطول عشرين صفحة نشره نفس المؤلّف في إحدى الدوريّات الأوروبيّة (الرابط أدناه) عام ١٩٣٣ أي بعد عام واحد من الكتاب قيد الحديث. 


ارتأى Dussaud أنّ عدرا = خادرة في الحوليّات الأشوريّة ولكن تركيز Thoumin بالدرجة الأولى على الجغرافيا اليشريّة والبلدة بالنسبة له تمثّل أقصى حدود الزراعة في المرج (المنطقة الواقعة شرق الغوطة والتي تفصل بينها وبين البادية) وآخر نقطة بناء في اتّجاه الشرق الذي يغلق أفقه جبل الضمير. 


من الناحية الطبوغرافيّة ليست عدرا واقعةً على مرتفع ولا تملك نبعاً خاصّاً يبرّر موقعها. هذا لا يعني أنّها محرومة من الماء الذي تستمدّه من نهر ثورا ومن نبع على سفح السلسلة الأولى لجبال القلمون أضف إلى ذلك المياه الجوفيّة الطفيفة العمق التي تنهل من معينها بواسطة الآبار المتواجدة في كلّ بيوتها. أفاد السكّان Thoumin أنّ المياه الجارية غزيرة وكانت في منتهى العذوبة قبل افتتاح المصحّ العقلي في خان القصير.  


تبعد عدرا ثلاثة كيلومترات عن طريق الحجّ (من تدمر وحمص إلى دمشق) ويرى المؤلّف أنّ أهلها توخّو ذلك وتعمّدوه حرصاً منهم على أمنهم وخصوصيّتهم. استتبّ الأمن - حسب Thoumin - منذ الاحتلال الفرنسي وخصوصاً بعد قمع تمرّد ١٩٢٥-١٩٢٦ ولم تعد عدرا بحاجة لدفع خوّة للبدو لشراء سلامتها كما كانت تفعل في عهد المماليك والعثمانييّن. 



إذا تأمّلنا مخطّط البلدة نرى أنّها مفتوحة بالكامل تجاه الغرب فقط (على اعتبار أنّ غارات البدو تأتي من الشرق) أمّا عن تنظيمها الداخلي فليس لها إلّا شريان (أي شارع رئيس) واحد يصل بين بابها في الشمال والشرق I وبين مدخلها الرئيس D في الجنوب والغرب. فيما عدا ذلك لا نرى إلّا دخلات وأزقّة مغلقة. 


الأبنية طينيّة مبنيّة من ألواح الخرسانة الخام (تمّ التعرّض إلى هذه التقنيّة في منشور سابق) وهناك بعض الاستعمال للحجر في مسجد السادات السبعة (يقال أنّهم من الصحابة) الواقع على مسافة مئتيّ متر من الحدود الغربيّة للبلدة.


السكّان مزيج من البدو والحضر (العدد الإجمالي ثمانون عائلة منهم إثنا عشر من أصول بدويّة) ولم يجر أي اختلاط بينهم حتّى أواخر القرن التاسع عشر. استقرّت أوّل عائلة بدويّة في جوار عدرا (إلى الجنوب والشرق) في مطلع القرن العشرين دون أن تدخلها وينتمي أفرادها إلى بدو العقيدات أو العكيدات. لا نجد في عدرا قبائل بدويّة كبيرة ولا يقطن فيها أيّ من الرولّة رغم قربهم منها (تغيّر هذا الوضع مع مجيء عشيرة نوري الشعلان بمعيّة الأمير فيصل ويبدو أنّ Thoumin لم يدرك هذا في وقته أو علّ معلوماته تعكس الوضع كما كان في الفترة الانتقاليّة بين العهد الفيصلي والانتداب الفرنسي).   



تقتصر الزراعة على الحبوب ويعمل فيها (خصوصاً في الحصاد) فقراء البدو لحساب الفلّاحين إلى أن فقد هؤلاء أراضيهم تحت وطأة القروض والرهونات وأصبح الملّاك دمشقيّون يستأجرون العمالة البدويّة مباشرة ويفرضونها على الفلّاحين. هناك أيضاً أهل دوما (على بعد خمسة عشر كيلومتراً من عدرا)  الذين يستأجرون أراضي عدرا صيفاً بهدف زراعة البطّيخ والخضار. تستعمل مياه الآبار برفعها بالشلّاف كما شرح Tresse في دراسته الكلاسيكيّة عن الريّ في الغوطة. 


الصورة الأولى لزاوية عدرا الشماليّة الشرقيّة والثانية لباب دخلة في موقع H على المخطّط.







عدرا








Richard Thoumin. De la vie nomade à la vie sédentaire


Richard Thoumin. La maison syrienne dans la plaine hauranaise: le bassin du Baradā et sur les plateaux du Qalamūn. Paris, 1932. Librairie Ernest Leroux.


René Dussaud. Topographie historique de la Syrie antique et médiévale


Dbiyat, Atassi, Bianquis, Boissière, Chatty, David, et Métral. Chaalan. Presses de l'IFPO


René Tresse. L'irrigation dans la Ghouta de Damas. Revue des Études Islamiques 1929.

No comments:

Post a Comment