Tuesday, January 4, 2022

البيت السوري في حوران ووادي بردى والقلمون

 


تردّدت قبل البدء في النقل - مع الاختزال والتصرّف - عن هذه الدراسة الرائدة التي رأت النور قبل تسعين عاماً والسبب بكل بساطة أنّها تتجاوز دمشق ومحيطها المباشر لتدخل في مناطق لا أدّعي معرفتها إلّا ضمن أضيق الحدود أضف إلى ذلك أنّ المعلومات المتوافرة عنها في المصادر  - ورقيّة كانت أم إلكترونيّة - محدودة للغاية. 


دفعني إلى تجاوز هذه الاعتبارات عدّة عوامل منها مكانة الجغرافي الفرنسي Thoumin (*) الذي قرأت له عدداً من الكتب والمقالات القيّمة أوّلاً والأهميّة التاريخيّة للموضوع قيد الحديث ثانياً: البيت في سوريّا الجنوبيّة (أو المركزيّة إذا أدخلنا فيها شرق الأردنّ وفلسطين) قبيل دخول تقنيّة البناء الحديثة والأثاث الحديث والطرق المعبّدة والمواصلات الآليّة ممّا غيّر ملامح المدن والقرى السوريّة إلى أبعد الحدود وإلى غير رجعة. يستشفّ من أسطر الكتاب أنّ المؤلّف تنبّأ بالتغيير الآتي في مستقبل ليس بالبعيد وأراد أن يبحث في أمر البيت السوري ويوثّقه قبل أن يطويه النسيان وكان ذلك في إطار اهتمامه بالجغرافيا البشريّة في بلاد الشام التي نشر عنها كتاباً مستقلّاً.


يعكس المنزل احتياجات الأسرة التي تقطنه وإمكاناتها الماديّة وأذواق أفرادها كما يتبع البيئة والمناخ والمواد المتوافرة (صلصال أو حجر أو خشب). ينعيّن على الدار أن تكون قريبةً من مصادر المياه والأرض الزراعيّة ويراعى في بنائها تعرّضها للشمس توخّياً للدفء والإنارة أضف إلى ذلك العوامل الأمنيّة كما نرى في بعض القرى الأشبه بالقلاع سواءً في ارتفاع موقعها أو تلاصق بيوتها (صيدنايا مثلاً). 


استند Thoumin في عمله على مجموعة لا بأس بها كمّاً ونوعاً من الصور الضوئيّة مع شرح هذه الصور والتعليق عليها وهذا ما سأحاول فعله - مع خالص الشكر والاحترام للعالم الراحل - في الأسابيع القليلة المقبلة.




(*) المؤلّف من مواليد عام ١٨٩٧ علّم في المدرسة العسكريّة école militaire في دمشق في عهد الانتداب وتعاون مع المعهد الفرنسي (١٩٢٩-١٩٣٢) بصفة متواصل correspondant وإليه الفضل في كتاب صدر عام ١٩٢٨ بعنوان "تاريخ سوريّا منذ البدايات حتّى عام ١٩١٤" وآخر عام ١٩٣٦ "الجغرافيا البشريّة لسوريّا المركزيّة" (أطروحته للدكتوراة من جامعة Grenoble) علاوة عن عدد من المقالات المرجعيّة عن دمشق في مجلّة الدراسات الشرقيّة وغيرها تعرّضت لبعض ما ورد فيها في منشورات مستقلّة. أدرج أدناه رابطاً بمثابة دليل لأهمّ مؤلّفاته. 






Richard Lodoïs Thoumin. La maison syrienne dans la plaine hauranaise: le bassin du Baradā et sur les plateaux du Qalamūn. Paris, 1932. Librairie Ernest Leroux. 


Richard Lodoïs Thoumin: bibliographie


L'Institut Français de Damas au Palais Azem (1922-1946) à travers les archives


La maison syrienne

No comments:

Post a Comment