لا مبالغة في اعتبار هذا المشهد أهمّ لوحات كنيسة دورا أوروپوس (باستثناء مشهد الراعي الصالح الذي يحتلّ مكان الصدارة فوق وخلف الجرن في الجدار الغربي) وأفضلها تسلسلاً.
تمثّل الصورة حسب Kraeling مشهد القيامة ولكن هذا مختلف عليه كما سنرى في الأيّام القليلة المقبلة. أكتفي اليوم بوصف المشهد نقلاً عن نفس المصدر.
المكان على النسق الأدنى من الجدارين الشرقي والشمالي لبيت المعموديّة. يمتدّ المشهد على طول خمسة أمتار من يمين الناظر إلى اليسار بدايةً بالجدار الشرقي ويمكن تقسيمه إلى ثلاثة أجزاء أو مكوّنات كما يلي:
١. يحتلّ الجزء الأوّل النسق السفلي من الجدار الشرقي ويستمرّ قليلاً على الجدارين الجنوبي والشمالي. لم يبق من هذا الجزء إلّا شريط من الجصّ على ارتفاع متر فوق أرض الردهة أمّا عن طوله فيكافىء طول الجدار الشرقي أي ٣,١٦ متر. لا يتعدّى ارتفاع ما تبقّى من المشهد ٢٨ من عشيرات المتر أمّا القسم العلوي فتالف بالكامل. مع ذلك لا يوجد انقطاع في الشريط الزخرفي الباقي الذي يمتدّ لمسافة ٢٤ عشير المتر على الجدار الشمالي و ٥١ على الجنوبي. بلغ ارتفاع المشهد (القسم الباقي + القسم التالف وينطبق هذا أيضاً على استمرار المشهد على الجدار الشمالي) ٩٧٥ من معاشير المتر. نميّز في اللوحة خمسة أزواج من الأقدام لا ريب أنّها لنساءٍ استناداً إلى طراز الأحذية الطريّة والسراويل + تتمّة المشهد على الجدار الشمالي.
٢. القسم الثاني في القطعة الشرقيّة الصغيرة من الجدار الشمالي (على يمين الناظر) وهو كما نرى مؤطّر على جانبيه. لم يبق من الإطار العمودي الشيء الكثير ولكنّه على الأرجح امتدّ على كامل ارتفاع النسق. امتدّ هذا القسم على مسافة ٨٨ من عشيرات المتر. يمثّل هذا المشهد القسم السفلي من باب ذو مصراعين.
٣. القسم الثالث على امتداد بقيّة الجدار الشمالي باتّجاه الغرب متجاوزاً واجهة الجرن والمظلّة فوقه. هذا القسم أوّل ما كشفه التنقيب ممّا سبّب إشكالات في تفسير المشهد كما سنرى. ما تبقّى من هذا القسم هو القطع الآتية:
- قطعة صغيرة أبعادها العظمى ٢٣ x ١٢ من عشيرات المتر.
- قطعة كبيرة تمتدّ على ٢,٨١٥ من الأمتار (ارتفاعها = ارتفاع النسق أي ٩٧٥ من معاشير المتر).
- قطعة ثالثة (٣٥ x ٢٧ من عشيرات المتر).
يمثّل المشهد نساءً يحملن مشاعلاً ويمشين إلى يسار الصورة حيث نرى ناووساً (*) جملونيّاً يشغل مسافة ١,٤٢ متر تخترق ذروته إطار النسق العلوي (كما سبق ورأينا في لوحة داود وجليات). زخرفة غطاء الناووس أشبه بالكرمة ونرى على طرفيه العلوييّن نجمتين قطر كلٍّ منهما ثلاثة من أعشار المتر.
بقي من طابور النساء ثلاث، اثنتان منهما متّصلتان مع مشهد الناووس وثالثة في قطعة مستقلّة. فقد رأس المرأة الثانية ولم يبق من الثالثة إلّا خصرها وإحدى ذراعيها. التصوير جباهي (كسائر لوحات الكنيسة) ويلفت النظر فيه قامة النساء التي تتراوح بين ٨٦ ٨٨ من معاشير المتر مقارنةً مع طول الأشخاص في لوحات الكنيسة عموماً وكما رأينا لم يزد طول المسيح عن ٢٩ إلى ٣٢ من عشيرات المتر. ترتدي النساء زيّاً يونانيّاً (خيتون) ويعتمرن وشاحاً سابلاً أبيض اللون. تشبه طريقة تصفيف الشعر الزيّ الذي أدخلته جوليا ماميا كما نرى في منحوتات عصرها. أخيراً تحمل النساء في أيديهنّ قصعةً لا ريب أنّها احتوت الزيت أو الدهن المستعمل في الشعائر.
من الملفت للنظر تلوين المشاعل وخصوصاً لهبها بالأسود. ما السبب؟
بقي علينا أن نحاول تفسير المشهد.
(*) تحفّظ Peppard على هذا التفسير كما سنرى لاحقاً.
William Seston. L'église et le baptistère de Doura-Europos.
Michael Peppard. The World's Oldest Church. Yale University Press 2016.
No comments:
Post a Comment