Saturday, April 2, 2016

سوريا الرومانيّة


يصعب تغطية تاريخ سوريّا في العهد الروماني في مجلّد واحد نظراً لاتّساع رقعة بلاد الشام الجغرافيّة، وطول الفترة الزمنيّة التي تغطي سبعة قرون بدايةً من عزل آخر الملوك السلوقييّن على يد پومپي عام ٦٤ قبل الميلاد، ونهايةً بالفتح الإسلامي في ثلاثينات القرن السابع الميلادي الذي أنهى وجود البيزنطييّن في بلاد الشام إلى غير رجعة، باستثناء بعض الغارات والمناوشات على التخوم ليس إلّا.

تفتقر المكتبة العربيّة إلى مراجع موثوقة في هذا المضمار ويعود هذا لعدّة أسباب، منها عدم توافر الخبرة وقّلة الموارد، ولربّما أيضاً إهمال مُتَعَمّد لتاريخٍ يعتبره العروبيّون إستعماراً والإسلاميّون جاهليةً، تماماً كما يعتبر كثيرٌ من المستشرقين الغربييّن العهد الإسلامي عهدَ تخلّفٍ وانحطاط. 

علّ كتاب "سوريا الرومانيّة" للأستاذ كڤن بوتشر (إصدار ٢٠٠٣)  من أفضل الموجود عن هذا الموضوع، خاصّةً لمن لا يملك الوقت الكافي لمراجعة آلاف الصفحات في المصادر الموجّهة للأخصائييّن. الكاتب مدرّس للتاريخ والآثار في الجامعة الأمريكيّة في بيروت وخرّيج بريستول ولندن وحائز على دكتوراه في المسكوكات الرومانيّة. الكتاب موزّعٌ على ٤٧٠ صفحة غنيّة بالصور البديعة، ٣٠ منها بالألوان و ١٩٨ بالأبيض والأسود.

يحتلّ التاريخ السياسي بالطبع قسماً من الكتاب، بيد أنّ هذا السفر النفيس أغنى من ذلك بكثير، إذ يعالج أيضاً التاريخ الإداري والاقتصادي والفنّي والديني والمعماري والثقافي واللغوي، مع العديد من المخطّطات التوضيحيّة القريبة المتناول للهواة والمحترفين على حدٍّ سواء. من نافل القول أنّ التراث السوري الروماني كان ولا يزال وافر الغنى رغم مرور القرون وتخريب البرابرة على مدى العصور، ورغم الجهل والإهمال والتزمّت. كانت سوريّا خلال مئات السنين أحد أغنى وأجمل أقاليم الإمبراطوريّة الرومانيّة المترامية الأطراف وقد آن الأوان أن تُعْطَى هذه الفترة الزاهية حقّها.

صورة الغلاف لشروق الشمس على أعمدة تدمر والمخطّط الملحق مقارنة نسبيّة بين المدن السوريّة في العهد الروماني، وكما نرى أكبرها أنطاكيا تليها أفاميا ثمّ دمشق وتدمر. 







No comments:

Post a Comment