يمتاز أسلوب المؤرّخ الراحل فيليپ حتّي بالفصاحة والسلاسة والسهولة. كَتَبَ حتّي للأخصّائييّن والعامّة، وتنقَّلَ بمرونةٍ مدهشة من العامّ إلى الخاصّ وبالعكس. أُعيدَ طبعُ الكثيرِ من كتبِهِ عدّة مرّات ممّا جَعَلَها رخيصةً بالمقارنة مع الكتب الأكّاديميّة المحدودة النسخ، أضِف إلى ذلك أنّ معظمَها متوافرٌ بالمجّان على الشبكة للقراءة أو التحميل.
موضوع اليوم كتاب لبنان في التاريخ الصادر عام ١٩٥٧.
ليس تعريف لبنان ككيان جغرافي سياسي بأسهل من تعريف سوريّا. هويّةُ البلدين، خلافاً لمصر، حديثةٌ نسبيّاً. سوريّا أو بلاد الشام كمفهوم جغرافي قديمةٌ للغاية ما في ذلك من شكّ، بيدَ أنَّ حدودَها السياسيّة تبدّلت وتغيّرت إلى ما لا نهاية عبر القرون. لبنان التاريخي هو الجبل المعروف بهذِهِ التسمية، ويمكن دون عناء سلخ البقاع وبعلبك وعنجر والسهول الساحليّة مع مدنِها ومرافئِها عَنْهُ، كما حصل في القرن التاسع عشر في عهد المتصرّفيّة. الدكتور حتّي نفسهُ كان سوريّاً من الرعايا العثمانييّن قبل أن يهاجر إلى الولايات المتّحدة، وقبل أن تتحوّل الكليّة السوريّة الپروتستانتيّة (الإنجيليّة) إلى الجامعة الأمريكيّة في بيروت. يُفْهَم من أحد كُتُب حتّي "السوريّون في أمريكا" (١٩٢٤) أنّ اللبنانييّن مشمولون بهذه التسمية.
لكل إنسان الحقّ في تحديدِ هويّته. حاولَ حتّي في كتاب "لبنان في التاريخ"، في جملةِ ما هَدَفَ إليهِ، تقصّي تطوّر الهويّة اللبنانيّة من الكنعانييّن حتّى منتصف القرن العشرين.
للحديث بقيّة.

No comments:
Post a Comment