دعيت حرب ١٩١٤-١٩١٨ "الحرب العظمى" حتّى عام ١٩٣٩ عندما أعيدت تسميتها لتصبح "الحرب العالميّة الأولى". الأسطر التالية منقولة عن Kiesling وأحتفظ بأي تعليق أو تصحيح للحواشي.
تأثّرت حياة المسلمين الدينيّة بالحرب إلى أبعد الحدود مع إلغاء الحجّ لعدّة سنوات بعد انشقاق أمير مكّة وحرب إنجلترا ضدّ السلطان. مع ذلك حوفظ على بعض مراسمه ولو رمزيّاً اعتباراً من الخامس من رمضان كل عام عندما ينطلق موكب الحجّ بكلّ مهابته خلال طرقات دمشق صوب الميدان نهايةً بباب الله.
تكافل أكثر من عامل قبل الحرب في الإقلال من عدد الحجّاج في دمشق منها إمكانيّة السفر إلى الأماكن المقدّسة على متون السفن الإنجليزيّة عبر البحر الأحمر. أصبح الحجّ أيضاً أقلّ صعوبة مع إنشاء الخطّ الحديدي الحجازي ولكنّه فقد خلال هذه العمليّة بعضاً من أصالته.
يحتلّ جامع سنان باشا مركز المدينة على بداية طريق الحجّ. يعود هذا الجامع إلى فتح دمشق على يد السلطان سليم (١) أمّا عن بانيه فهو المعماري الأشهر سنان باشا (٢) أحد أهمّ أعلام الفنّ التركي الإسلامي وإليه يعزى جامع السليمانيّة الرائع الجمال في القسطنطينيّة بقبّته الرخاميّة ومآذنه الأربعة النحيلة السامقة.
لا يحسد جامع سنان باشا على موقعه لدى تقاطع إثنين من الأسواق الضيّقة التي تتدفّق عبرها حركة السير من وإلى الميدان ولا يمكن أخذ نظرة وافية إلى واجهته أنّى وقف الناظر مع استثناء المئذنة التي تسمو فوق محيطها وتتلألأ تحت أشعّة الشمس بكسوتها من المينا وألوانها الخضراء والزرقاء. هذه المئذنة هي الوحيدة في دمشق ذات النكهة الفارسيّة.
للجامع بوّابة مقرنصة جميلة تفتح على زقاق ضيّق حيث يتقاطع سوق السنانيّة مع آخر يؤدّي إلى داخل المدينة. البناء مكشوف من ثلاثة جهات تتوّجه قبّة مكسوّة بالرصاص ترتكز على رقبة تتخلّلها نوافذ. ليست مساحة الحرم القبلي بالكبيرة أمّا عن الصحن فهو مفروش بالرخام تتوسّطه بحرة جميلة ويتقدّمه رواق يرتفع درجة عن مستوى الأرض ويرتكز على أعمدة سوداء.
(١) خطأ فاضح: أنجز الجامع في بداية العقد الأخير للقرن السادس عشر بعد أكثر من سبعين عاماً من موت السلطان سليم الأوّل.
(٢) خطأ آخر: خلط المؤلّف هنا بين المعماري سنان باشا والوالي المعروف بنفس الإسم.
دمشق نهاية القرن السادس عشر خلال ثلاث وقفيّات عثمانيّة
No comments:
Post a Comment