من شبه المؤكّد أنّ فسيفساء الأموي الأصليّة غطّت مساحاتٍ أكبر بكثير من جدرانها ممّا هو الحال حاليّاً (أنوي العودة إلى هذه النقطة في المستقبل القريب). اندثر من الفسيفساء الكثير وغُطّيَ منها الكثير ولكنّها لم تتلاشى تماماً بدلالة شهادة de Thévenot عام ١٦٦٤ وذكر Pococke (صفحة ١٢٠) عام ١٧٤٣ و Kremer عام ١٨٥٤ ولوحة Spiers المائيّة عام ١٨٦٦ وما عثر عليه Max van Berchem بين الأنقاض بعد حريق ١٨٩٣.
ساهمت الكوارث حصّتها بالطبع أضف إليها إهمال وجهل البشر كما نقل آلان جورج عن عبد اللطيف قزّيها (مهندس كُلِّفَ بالموقع أثناء ترميم ستّينات القرن العشرين) كيف دأب الصبية خلال عبثهم ولهوهم على رجم الفسيفساء بالحصى ليفصلوا عنها الفصوص وكيف قامت سلطات الانتداب الفرنسي يجمع هذه الفصوص في صناديق وتخزينها وإرسال بعضها إلى متحف اللوڤر في پاريس الذي لا يزال يحتفظ بها إلى اليوم.
يعود الفضل بالدرجة الأولى في كشف الفسيفساء وأوّل ترميم جدّي لها والإشراف على نسخها ونشر الأبحاث المتعلّقة إلى Eustache de Lorey و Marguerite van Berchem. كان ذلك عام ١٩٢٨ وقد تعرّضت له سابقاً نقلاً عن السيّدة Simonis. استؤنِفَ الترميم بعد الاستقلال بدايةً من خمسينات و القرن الماضي ونهايةً بالعام ١٩٦٥ - ١٩٦٦ (انظر مقال عبد القادر ريحاوي في عدد الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة الصادر عام ١٩٦٠ الذي فصّل في التقنيّة المستعملة). شمل الترميم الرواق الغربي وباب البريد والزاوية الشماليّة الشرقيّة وواجهة المجاز المعترض المطلّة على الصحن وقبّة الخزنة (لها حديث خاصّ). حاول القيّمون على العمل جهدهم استعمال الفسيفساء الأصليّة وأضافوا إليها قصوصاً مصنّعة حديثاً بهدف سدّ عدد من الفجوات.
يمكن تلخيص المنجزات كما يلي:
- كشف الفسيفساء (خاصّة لوحة بردى الشهيرة في الرواق الغربي).
- ترميم الفسيفساء (سواءً تحت الانتداب أم في عهد الاستقلال كما فصّل مهندس الأوقاف السابق مكين المؤيّد في مقال "الإصلاحات الجديدة" ضمن كتاب الجامع الأموي للشيخ علي الطنطاوي عام ١٩٦٠ الصفحات ٨٩ - ٩٥).
- نسخ قسم من الفسيفساء (تحت إشراف المهندس المعماري Lucien Cavro) بالحجم الطبيعي بهدف عرضها في أوروپّا وأمريكا (الصورة الثانية)
- الدراسات والمنشورات المتعلّقة في مختلف اللغات الحيّة.
الصورة الأولى عن Eustache de Lorey و Marguerite van Berchem.
Alain George. The Umayyad Mosque of Damascus. Art, Faith and Empire in Early Islam. Gingko, 2021.
Eustache de Lorey et Marguerite van Berchem. Les mosaïques de la Mosquée des Omayyades à Damas. Monuments et mémoires de la Fondation Eugène Piot Année 1929 (pp. 111-140).
Eustache de Lorey. Les mosaïques de la Mosquée des Omayyades à Damas. Syria. Archéologie, Art et histoire Année 1931 (pp. 326-349).
أستاذي الفاضل، لاحظت من خلال صور قديمة لفسيفساء الواجهة الرئيسية لبيت الصلاة في الجامع أن كثيرًا مما نراه اليوم من الفسيفساء لم تكن موجودة حينها.. فهل قام المرممون بإبداع رسمٍ جديد لم يكن موجودا على عهد الأمويين، أم أن تلك الفسيفساء كانت مغطاة بطبقة ما ومن ثم أزيحت عنها؟
ReplyDeleteفسيفساء واجهة الحرم الشماليّة المطلّة على الصحن معظمها حديث يعود إلى ترميمات القرن العشرين ولا أعتقد أنّ أحداً يعلم يقيناً تفاصيل فسيفساء الوليد الأصليّة في هذا المكان. بالمقابل فسيفساء الرواق الغربي (لوحة بردى) أصليّة وهي بالدرجة الأولى التي تمّ كشفها في عهد الانتداب. مودّتي
Delete