نَجَحَ فتحي أفندي الفلاقنسي، أحد أغنى الدمشقييّن وأكثرهم نفوذاً في النصفِ الأوّل من القرن الثامن عشر، بفضلِ علاقاتِهِ في القسطنطينيّة، في الحصولِ على منصب دفتردار عام ١٧٣٥ - ١٧٣٦، وهكذا تحكَّمَ بعائداتِ كثيرٍ من الأوقاف الغنيّة، وجَمَعَ ثروةً أنْفَقَ منها على أعمالِ البناء والترميم، ومنها المدرسة المصوّرة أعلاهُ في حيّ القيمريّة والحمّام الفتحي في الميدان، وكلاهما بُنِيَ حوالي عام ١٧٤٥. عزَّزَ فتحي أفندي قوّتَهُ عن طريقِ أحلافٍ مع أعيان المدينة والعلماء والإنكشاريّة المحليّة أو اليرليّة، وعاشَ حياةً باذخةً أشبه بالسلاطين، كما تَجَلّى في عرس ابنتِهِ الذي دامت احتفالاتُهُ سبعةَ أيّامٍ؛ دُعِيَ في اليوم الأوّل الوالي سليمان باشا العظم وحاشيتُهُ، وفي اليوم الثاني العلماء، والثالث الضبّاط، والرابع كبار التجّار، والخامس المسيحيّون واليهود، والسادس القرويّون، والسابع البغايا.
حَصَلَ صراعٌ على السلطة بين فتحي أفندي وأسعد باشا العظم بعد موت سليمان باشا، وبالنتيجة تغلّب نفوذ أسعد باشا في القسطنطينيّة وأُطْلِقَت يداهُ في دمشق. هاجم أزلامُ العظم آخرَ معاقلِ الدفتردار في حيّ الميدان ونهبوا ودمّروا مئات البيوت، وصَدَرَ فرمانٌ شاهاني أمَرَ بموجِبِهِ أسعد باشا بالدفتردار فقُطِعَت رأسُهُ وأُرْسِلَت إلى العاصمة. سُحِلَ جثمان فتحي أفندي ثلاثة أيّام في أزقّة المدينة، وصُودِرَت أموالُهُ وأموالُ عائلَتِهِ، ونُكِّلَ بأنصارِهِ وأعوانِهِ. جرت هذه الأحداث الدامية عام ١٧٤٦، وأصبح أسعد باشا بنتيجَتِها سيّدَ دمشق دون منازع.
Gérard Degeorge. Syrie. Art, histoire, architecture. Hermann, éditeurs des sciences et des arts 1983.

No comments:
Post a Comment