Friday, April 6, 2018

معالم سوريّا التاريخيّة



لربّما كان هذا العمل بالإنجليزيّة أفضل المكتوب عن آثار سوريّا عموماً. الكتابُ موجّهٌ بالدرجةِ الأولى إلى السيّاح الغربييّن، والكاتب الدكتور Ross Burns، مؤرّخ وآثاري وسفير أستراليا إلى سوريّا سابقاً. صدرت الطبعةُ الأولى من "أوابد سوريّة" عام ١٩٩٢. 

من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تغطيةُ أوابد الشام في ثلاثمائة صفحة، مهما كانت كثافتَها بالمعلومات. هذا الحيّز بالكاد يكفي لإعطاء دمشق أو حلب جزءًا من حقِّهِما (١)، وبناءً عليهِ رَكَّزَ Burns على مواقعٍ معيّنة اعتبَرها بيت القصيد، وصَنَّفَ المعالمَ حسب أهميّتِها كما يلي:
 - نالت المواقع الأكثر أهميّةً درجة ***، اي العلامة التامّة كما في حال حلب ودمشق (٢) وبصرى وتدمر وقلعة الحصن والجامع الأموي في دمشق وقلعة سمعان وأفاميا. 
- حَصَلَت بعضُ المواقع على درجة **، ومنها صافيتا وطرطوس وأوغاريت.
- اقتَصّرَت الدرجة على نجمةٍ واحدة * في أمثلة حماة وقلعة دمشق وماري وغيرها. 

من البدهي أنّ هذا التصنيف رأيٌ شخصي، ولا مناص من أن يعترض عليهِ الكثيرون، خصوصاً وأنّ الحيّزَ المخصّص للمعالم الإسلاميّة صغيرٌ نسبيّاً. يمكن تفسير المأخذ الأخير بأنّ تاريخ الإسلام يقلّ عن ١٥٠٠ سنة في بلادٍ عرفت حضارةً مزدهرة منذ الألف الثالث قبل الميلاد. 

____________

استهلَّ المؤلّفُ بمقدّمةٍ تاريخيّة منذ البدايات حتّى الانتداب الفرنسي، تَلَتْها عشرُ صفحاتٍ عن تطوّر العمارة عبر العصور، نأتي بَعْدَها إلى مَتْنِ الكتاب الذي تَناوَلَ المواقعَ الأثريّة حسب التسلسل الأبجدي. أوْرَدَ Burns تحت كلّ باب اسم المكان أو أسمائِهِ المختلفة (٣)، ثمّ زوّدنا بالتفاصيل المتعلِّقة بأفضل السُبُلِ إلى الموقع نأتي بَعْدَها إلى لمحةٍ تاريخيّة، وأخيراً الوصف المعماري والفنّي. العرضُ باختصار أقربُ إلى القاموس أو الموسوعة. خَتَمَ Ross بمجموعةٍ من الخرائط الجيّدة (٤)،  ومعجمٍ للمصطلحات الفنيّة والهندسيّة المعماريّة، وجدولٍ لتسلسلِ الأحداث الزمني من بداية عصر البرونز حتّى جلاء الفرنسييّن، وثَبْتٍ لأهمّ المراجع بعدّةِ لغات.

لا مفرَّ من بعضِ الأخطاء في عملٍ شاملٍ وفردي من هذا النوع (٥)، بيد أنّ غنى الكتاب يعوّضُ القرّاءَ خيراً عن هفواتٍ من هذا النوع. ألْحَقَ المؤلّفُ ٢٠ صورة بالأبيض والأسود لبعض المعالم من نوعيّةٍ مقبولة. هناك بالطبع مراجع أفضل للصور ورقيّةً كانت أم إلكترونيّة، ولربّما فَضَلَّ بعضُ السيّاح استعمالَ كاميراتِهم الخاصّة. 

سوريّا ترحّب بكم!

____________

١. ألّفَ Burns في مطلع القرن الحادي والعشرين كتاباً مستقلّاً عن تاريخ دمشق يُعْتَيَر من أفضل الدراسات عن المدينة. 
٢. احتلّت دمشق ١٠٪ من صفحات الكتاب. 
٣. مثلاً اسم بصرى الرومانيّة Bostra، والسويداء Dionysias، وطرطوس القديمة Antaradus، وهكذا دواليك. 
٤. أضِف إلى هذه الخرائط الكثيرَ من الرسوم والمخطّطات خلال صفحاتِ الكتاب. 
٥. خَلَطَت الخريطة صفحة ٨٤ بين سوق السروجيّة وشارع سوق ساروجا في دمشق، ذَكَرَ المؤلِّف أنّ صلاح الدين ابن أخ أو ربّما ابن أخت nephew نور الدين، إلى آخِرِهِ. 

No comments:

Post a Comment