Saturday, March 31, 2018

سُبُل المياه في دمشق



صورة غلاف الكتاب مأخوذة من كتاب سوريا اليوم للطبيب والمستشرق والرحّالة الفرنسي Louis Lortet الصادر عام ١٨٨٤، وهي لسبيل عبد الله باشا العظم المندثر. الدراسةُ قيد البحث تأليف عبد الرحمن بن حمزة النعسان، أستاذ في كليّة هندسة العمارة في جامعة دمشق. الكتابُ من منشورات المعهد الفرنسي للشرق الأدنى عام ٢٠٠٨، عندما اختيرَت دمشق عاصمةً للثقافةِ العربيّة.

أنْجَزَ المؤلّفُ كتابَهُ عام ١٩٨٦، وشاءت الظروفُ أن تتأخّر طباعتُهُ ٢٢ عاماً. لم يتعرّض النعسان في المقدّمة لأسبابِ هذا التأخير وبالنتيجةِ عملٌ من هذا النوع يستحقُّ الانتظار ولا علم لي إذا طَرَقَ الباحثون هذا الموضوع بالذات سابقاً. اعتمَدَ الكاتبُ منهجاً يتلخّصُ بوضعِ مخطّطٍ لجميع السبلان داخل السور، وتصويرِها، ونقلِ النصوص والكتابات من لوحاتِها (١)، ووصفِها فنيّاً ومعماريّاً، ووصفِ موادِ بنائِها، ووضعِها الراهن.  

بدأ الكاتبُ بالتعريف بالفيجة، وبردى وفروعِهِ، وشبكةِ توزيع المياه في دمشق (٢)، مستنداً في ذلك على أبحاث Thoumin في ثلاثينات القرن العشرين. انتقلَ النعسان بعد هذا التمهيد إلى دراسةٍ لبعض أهمّ السُبُل فيها المختصر المفيد من الوصف والصور المُرْفَقَة بالإسقاطات الهندسيّة. السُبُلُ مبوّبةٌ من البدائيّة التي اقتصر الاهتمام فيها على النواحي النفعيّة والوظيفيّة، إلى آياتِ الفنّ في العهدين المملوكي والعثماني عندما تعاظم الاهتمامُ بالنواحي الزخرفيّة والجماليّة. تزيّنُ الكتابَ عشراتُ الصور بالأبيض والأسود من نوعيّةٍ متوسّطة، ويُلْحَقُ بِهِ ثلاثُ خرائطٍ مطويّة تعيّن مواقع السُبُلان مع بعض التفاصيل الإضافيّة. خصَّصَ المؤلّفُ ثمانية صفحات في نهايةِ الكتاب جَدْوَلَ فيها أسماءَ السبل، وأسماءَ منشئيها ومجدّديها، وتاريخَ الإنشاءِ والتجديد، وموقِعِها، ووضعِها الراهن، وطرازِها، ومقترحاتِهِ للمحافظةِ عليها .هذه المعلومات لا تُقَدَّر بثمن على الأقلّ من الناحيةِ التوثيقيّة، خصوصاً إذا ذهيت هذه التحف ضحيّةَ الإهمال ونَقْص التمويل والجهل وحتّى الطَمَع.  

تزايدَ تلوّثُ بردى مع حلول القرن العشرين، ولم تعد مياهُهُ صالحةً للشرب. ضَرَبَ المؤلّفُ مثالَ وباء الهيضة عام ١٩٠٧، ممّا دَفَعَ الوالي ناظم باشا إلى فرضِ ضرائب لتمويل جرّ مياه عين الفيجة بواسطة قسطل قطره ٢٥ عشير المتر. وُزِّعَت مياهُ الشرب على المدينة بواسطة كبّاسات ظلّت قيد الاستعمال حتّى الربع الثالث من القرن الماضي على الأقلّ. تشكّلت لجنة مياه عين الفيجة عام ١٩٢٤، ومع حلول ١٩٣٢ انتشرت المياهُ العذبة النظيفة والصحيّة في ربوعِ دمشق وتناقصت الحاجةُ إلى السبلِ العامّة.  

____________

١. مهمّةٌ ليس بالسهلة إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ الكثيرَ منها طُمِسَ مع مرور الزمن وإساءة الاستعمال. 
٢. أي نظام الطوالع.

No comments:

Post a Comment