Saturday, February 17, 2024

مئذنة عيسى العرقسوسي

 



أبدأ اليوم بنقل ما كتبه Kremer  عام ١٨٥٤ عن مآذن الجامع الأموي:


عدد مآذن الجامع ثلاثة فقط اثنتان في زاويتيّ الجدار القبلي الشرقيّة والغربيّة وواحدة في منتصف الجدار الشمالي.


مئذنة عيسى الجنوبيّة الشرقيّة هي أعلاهنّ (١) وتدعى مئذنة عيسى أي مئذنة يسوع استناداً إلى أسطورة متداولة بين العوامّ مفادها أنّه سيهبط عليها من السماء لدى نهاية العالم. يروى في هذا الصدد أيضاً عن رجل فقير اسمه عيسى مارس مهنة بيع العرقسوس في أزقّة دمشق أيّام القيظ وكيف تأخّر في دفع المستحقّ عليه لمن باعه جذور النبات التي صنع منها الشراب متعلّلاً بشتّى الأعذار. بالنتيجة عيل صبر الدائن فهدّد العرقسوسي أن يشكوه للقاضي ليرغمه على الدفع. لم يعرف البائع المسكين ملجأً يلوذ به من براثن الدائن إلّا مئذنة عيسى في الجامع الكبير وهكذا تسلّقها والتفّ في عباءته ونام على شرفتها. أتى المؤذّن صباحاً كالمعتاد لينادي المؤمنين إلى صلاة الفجر عندما لمح شكل إنسانٍ مدثّرٍ بعباءة مستلقياً على الأرض فناداه: من أنت؟ أجابه العرقسوسي: أنا عيسى! سارع المؤذّن عندما سمع هذا الردّ بالنزول من المئذنة تاركاً خلفه مصابيح الجامع الموقدة ونادى الناس وأخبرهم أنّ اليوم الآخر قد أتى وأنّ عيسى ابن مريم عليه السلام هبط من السماوات إلى المئذنة. إثر ذلك تجمّع أئمّة الجامع وتسلّقوا درجات المئذنة في سبيلهم إلى تحيّة النبي بما يليق به من الحفاوة والتكريم بيد أنّ النور في هذه الأثناء أصبح كافياً للتحقّق أنّ مظهر عيسى المزعوم لا يوافق الفكرة التي رسمتها مخيّلتهم عن نبي فسألوه بلهجة أميل إلى الخشونة: "من أنت؟" وأتاهم ردّه: "عيسى العرقسوسي!" وعرفوا آنذاك أنّ من زارهم ليس بالنبيّ المنتظر. 


يلي ذلك وصف لا بأس به أبداً للمئذنة وما كان للتفاوت في الشكل بين القسم السفلي والقسم العلوي النحيل منها أن يفوت على Kremer الذي ارتأى أنّ القسم العلوي تركي ولا يمكن أن يكون أقدم من مائتين إلى ثلاثمائة عام (٢) مع احتمال ترميمها في وقتٍ لاحق أمّا عن مسقط القسم السفلي المربّع فقد ذكّره بمئذنة جامع ابن طولون في القاهرة.

      





اللقطة الملحقة سابقة لحريق ١٨٩٣ (المصوّر مجهول). الرسمان عن Kremer. 





(١) ٦٣ متراً نقلاً عن طلال العقيلي (ص ١٩٤ من الطبعة الثانية).  

(٢) عام ١٧٦٠ تحديداً إثر زلزال ١٧٥٨ (طلال العقيلي ص ١٩٩).








Alfred von KremerTopographie von Damascus


No comments:

Post a Comment