تعرّضنا إلى تصوّر Wulzinger و Watzinger، ثمّ Sauvaget، وأخيراً Sack لهيئة دمشق في العهد الهلنستي استناداً إلى محاورها وآثار أوابدها. افترض Sauvaget مخطّطاً شطرنجيّاً تتقاطع فيه الشوارع أفقيّاً وعموديّاً لتحصر بينها جزراً insulae مستطيلةً شكّلت النسيج العمراني للمدينة القديمة.
نأتي الآن إلى طرح فريق فرنسي (Dodinet و Leblanc و Vallat و Villeneuve) عام ١٩٩٠ الذي قَبِلَ "جزر" Sauvaget من ناحية المبدأ وخالفها في تفصيلين هامّين:
- الأوّل: أبعاد الجزيرة حسب Sauvaget ٤٥ متر x ١٠٠ متر أمّا حسب Dodinet وشركاها فقد بلغت ٩٦ متر x ١٤٤ متر.
- اقتصر Sauvaget (ومن قبله Wulzinger و Watzinger) على اعتماد المحاور والمخطّط الشطرنجي للمدينة داخل السور بينما عمّم فريق Dodinet ليشمل الأراضي خارج السور إلى الشمال من بردى.
يختم Will بالتحفّظ على كافّة التصوّرات السابقة خلال النقاط الآتية:
- احتمال تواجد مخطّط نظامي شطرنجي لدمشق الهلنستيّة وارد على الأقلّ في القسم الشمالي الشرقي من المدينة ولكنّنا لا نستطيع التعميم دون أسبار وقرائن ماديّة على أرض الواقع.
- يتعذّر قبول فكرة تخطيط النسيج العمراني في دمشق القديمة على نظامٍ موحّد. ما حدث بالأحرى تطوّر بطيء تراكمت فيه الأحياء المُسْتَحْدَثة إلى جانب التي سبقتها. بعبارة ثانية أُضِيفَ حيّ هلنستي إلى المدينة الآراميّة ونبطي شرق الرحبة agora وشارع باب توما الحالي.
- لا ريب أنّ الحيّ اليهودي كان واقعاً شرق المدينة إلى الجنوب من الشارع المستقيم في القرون الوسطى ولكنّنا لا نملك معلوماتٍ يعوّل عليها عن مكانه وامتداده قبل الإسلام.
- دمشق أقدم بمئات السنين (على أقلّ تقدير) من الإسكندر الأكبر والفتح اليوناني وكانت ولا تزال مأهولةً باستمرار. يترتّب على ذلك أنّ نسيجها العمراني تطوّر تدريجيّاً وبالتالي لا نستطيع قبول فرضيّة بنائها من العدم - وفقاً لتخطيط دقيق ومنتظم - بإرادةٍ ملكيّة كما حصل في بعض المدن السوريّة.
Dodinet, Leblanc, Vallat, Villeneuve. Le paysage antique en Syrie. l'exemple de Damas
No comments:
Post a Comment