دمشق الإسكندر الأكبر والسلوقييّن

 

كتب الأب اليسوعي Lammens في مقال بالفرنسيّة "سوريّا وأهميّتها الجغرافيّة" (الحاشية الثالثة صفحة ٤٠) عام ١٩٠٤: 

"ما الذي بقي من العهد السلوقي؟ قطع نقديّة وبعض النقوش الكتابيّة. إذا كانت سوريّا تمتلك تاريخاً عمائريّاً فالفضل في ذلك يعود للرومان وليس لخلفاء سلوقس". 

خطَ المستشرق البلجيكي هذه الأسطر قبل اكتشاف دورا أوروپوس ومع ذلك يبقى كلامه صحيحاً إلى درجةٍ كبيرة، إن لم يكن عن سوريّا ككلّ فعلى دمشق على أقلّ تقدير. فلنحاول الآن استعراض النزر اليسير الذي نعرفه عن دمشق المقدونيّة - السلوقية بمعيّة Will. 

أرسل الإسكندر الأكبر، بعد انتصاره في Issos (٣٣٣ قبل الميلاد) ، الجنرال Parménion إلى دمشق التي أودعها داريوس الثالث، آخر ملوك الأخمينييّن، حريمَهُ وكنوزَه قبل أن يغنمها المقدونيّون. أقام الفاتحون الجدد داراً لضرب النقد في المدينة وعلى ما يبدو توقّف هذا النشاط عام ٣٢٠ ق.م.

سرعان ما أصبحت دمشق وجنوب سوريّا حلبةً للصراع بين البطالمة (مصر) والسلوقييّن الذين تمركزوا شمالاً في عاصمتهم أنطاكيا. دامت الحرب سجالاً بين الطرفين إلى أن تمكّن السولوقيّون تحت أنطيوخوس الثالث (المدعو أنطيوخوس العظيم) من استعادة دمشق نهائيّاً مع العام ٢٠٠ ق.م. 

تفتّت سوريّا لاحقاً في صراعٍ تلوَ الصراع على السلطة تمخّض، فيما يتعلّق بدمشق، عن تحوّل المدينة إلى عاصمة دولةٍ مَلَك فيها Démétrios الثالث ( ٩٦ - ٨٧ ق.م.) سُمّيتَ Démétrias بدلالة النقد الذي ضُرِبَ آنذاك (١). احتفظت دمشق بتسمية ديميترياس المقدّسة Démétrias Sacra حتّى عام ٣٦ ق.م. عندما استعادت اسمها العتيق Damaskos. 

خلف ديميتريوس الثالث أخوه أنطيوخوس الثاني عشر الذي ملك ٨٧ - ٨٤ ق.م. قبل أن يستنجد الدمشقيّون بالملك النبطي الحارثة الثالث ويضعوا أنفسهم تحت حمايته (تعرّضت سابقاً إلى النقد النبطي في دمشق). 

الصورة الملحقة (كما رجّح Dussaud ووافقه Will) ضرب دمشق - ديمترياس (٢). المعدن من الشبه (البرونز) الوزن ٨,٣٥ غرام والقطر ١٨ إلى ٢٢ من معاشير المتر. نرى على "الطرّة" رأس الإله أبلون Apollon وعلى "النقش" زفس Zeus ربّ الأرباب عارياً يقف ممسكاً صولجاناً (أو رمحاً؟!) في يمناه. يفترض أنّ القطعة من مقتنيات المتحف البريطاني أو على الأقلّ كانت كذلك عندما كتب De Saulcy عام ١٨٧٤. 

الكتابة اليونانيّة هي الآتية:

على اليمين:  ΔHMHTΡIEΩN

على اليسار: THΣ IEΡAΣ

(١) ذكر الأستاذ خالد كيوان مسكوكات بعد الإسكندر وقبل ديميتريوس الثالث في عدد الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة الصادر عام ٢٠٠٨ - ٢٠٠٩. 

(٢) تحفّظ De Saulcy على هذا التوكيد نظراً لوجود أكثر من Démétrias.

Ernest Will. Damas antique