توزّعت أوقاف الجامع الأموي عام ١٤١٣ كما رأينا من مخطوطة "الصحيح الجامع لصريح الجامع" داخل مدينة دمشق وظاهرها (أي خارج السور) وفي الغوطة وما ورائها (القلمون وحوران والبقاع).
غوطة دمشق غنيّة عن التعريف من الناحية التاريخيّة ولربّما لم يبالغ الجغرافي الفرنسي Richard Thoumin عندما وصفها عام ١٩٣٦بأنّها "أغنى منطقة زراعيّة في غرب آسيا". قرى واحة دمشق أكثر وأهمّ من أن يغطّيها مقال واحد أو حتّى كتاب واحد وبالتالي سأقتصر على نبذة سريعة عن بردى وفروعه يليها استعراض موجز لبعض المواقع ويمكن الرجوع للمصادر أدناه لمن يرغب في المزيد من التفاصيل.
ينبع بردى من سلسلة جبال لبنان الشرقيّة قرب الزبداني على ارتفاع ١١٠٠ متر عن سطح البحر. ترفده عدّة ينابيع في طريقه إلى غوطة دمشق أهمّها الفيجة وينقسم إلى ستّة فروع (إضافة للنهر الأمّ) لدى دخوله سهل المدينة الخصب هي من الشمال إلى الجنوب:
نهر يزيد
يعود إلى القرن الأوّل قبل الميلاد والتسمية من ثاني خلفاء أميّة يزيد بن معاوية الذي جدّده. يروي الصالحية ويتابع شرقاً إلى حرستا.
نهر ثورة
أو تورا أو ثورا. آرامي الأصل من القرن الحادي عشر قبل الميلاد. يروي الصالحيّة والأراضي بينها وبين دمشق ويتابع شرقاً إلى جوبر ودوما (حيث يستمرّ تحت اسم الدوماني).
سرير بردى
يخترق دمشق في أخفض مستوى لها "الزور" لينتهي في بحيرة العتيبة وكانت قديماً بحيرتين إحداهما قبليّة والثانية شرقيّة.
باناس أو بانياس
آرامي (قرن ١١ قبل الميلاد). يسير جنوب بردى خلف القصر الأبلق (التكيّة السليمانيّة) ومنها لحكر السمّاق حيث يعبر جامع تنكز ويتابع شرقاً إلى القلعة حيث ينقسم إلى فرعين أحدهما يتابع باتّجاه الشرق والجامع الأموي والثاني ينعطف جنوباً باتّجاه الباب الصغير ويخرج منه إلى الشاغور البرّاني حاملاً نفايات المدينة ومتّخذاً اسم نهر قليط أو نهر الأنباط وأيضاً نهر الأبيض عندما يخترق المزّاز. من الجدير بالذكر أنّ بانياس وبردى يتلاصقان في ساحة المرجة التي تمرّ مياههما فيها تحت ثلاثة أقواس: القوسان الجنوبيّتان لباناس والقوس الشماليّة لبردى.
نهر القنوات
روماني ويروي القسم الجنوبي من دمشق داخل السور وأعطى اسمه لحيّ القنوات حيث لا تزال بقايا المنشأة الرومانيّة ظاهرة للعيان.
الداراني
أو نهر داريّا ويروي الغوطة الغربيّة حتّى داريّا.
المزّاوي
أو نهر المزّة أو القانيّة. يروي أراضي المزّة وكفر سوسة.
هذا عن المروحة الأولى لفروع بردى فلنتعرّض الآن للمروحة الثانية (أي فروع بردى بعد خروجه من شرق المدينة) وهي من الشمال إلى الجنوب:
الداعياني
أو نهر داعيّة. بنفصل عن بردى والعقرباني لدى الصفوانيّة.
نهر المنيحة
أو المليحة أو المليحي وينفصل عن بردى خارج الباب الشرقي.
نهر عقربا
أو العقرباني ويدعى أيضاً نهر مجدول.
المروحة الثالثة لفروع بردى كثيرة التشعّب وبشكل عام يسمّى المجرى حسب البلدة التي ينتهي فيها مثلاً زبديني لزبدين وجسريني لجسرين وهلمّجرّا.
اخترت من مواقع الغوطة التالية:
المزّة
غرب دمشق وهي موجودة منذ العهد الروماني وكان اسمها حسب ياقوت (توفّي ١٢٢٩) مزّة كلب نسبة لضريح صحابي من قبيلة كلب.
داريّا
جنوب غرب دمشق. بلدة قديمة مشهورة بعنبها كان فيها عدّة أديرة في بدايات العصر البيزنطي. أحرقها الإفرنج خلال الحملة الصليبيّة الثانية عام ١١٤٨. بنى فيها نور الدين مشهداً للشيخ المتصوّف سليمان الداراني (توفّي ٨٣٠) . كان نصف داريّا في العهد المملوكي وقفاً لجامع السلطان حسن في القاهرة.
قبر الستّ
جنوب دمشق ويدعى الموقع أيضاً الراوية وحسب الروايات دفنت فيه زينب ابنة علي بن أبي طالب المكنّاة بأم كلثوم. لا يزال جوار السيّدة زينب لليوم مزاراً هامّاً للشيعة.
القابون
شمال شرق دمشق ويخبرنا البدري (توفّي ١٤٨٩) بوجود علوة فيه تدعى مصطبة السلطان وقربه قصر للسلاطين ينزلون فيه خلال ترحالهم.
جوبر
بين دمشق والقابون. فيها جالية يهوديّة قديمة وحسب رواية الحاخام الإيطالي موشيه بن موردخاي (توفّي ١٥٦٠) كان فيها ستّون عائلة يهوديّة وكنيس بديع.
معظم المعلومات أعلاه من كتاب "أوقاف الجامع الأموي" أو "الصحيح الجامع في صريح الجامع" لمؤلّفيه " Astrid Meier و Élodie Vigouroux و Mathieu Eychenne.
No comments:
Post a Comment