Sunday, March 24, 2019

حلّاق دمشق


يعتبر كتاب "حوادث دمشق اليوميّة" لمؤلّفه "البديري الحلّاق" (لنا عودة إلى التسمية) أحد أهمّ المصادر عن المدينة في منتصف القرن الثامن عشر عندما تولّاها آل العظم ولكن هل وصلتنا النسخة المتداولة كما هي؟ حاولت الدكتورة دانا سجدي أستاذة للتاريخ الإسلامي في Boston College الإجابة على هذا السؤال وغيره في دراسة غنيّة بلغ عدد صفحاتها قرابة الثلاثمائة نشرتها جامعة Stanford الأمريكيّة عام ٢٠١٣ وجميع المعلومات أدناه مأخوذة من كتابها هذا. 

وصلنا النصّ الذي يستشهد به الباحثون عن طريق محمّد سعيد القاسمي ١٨٤٣-١٩٠٠ وهو مؤلّف وشاعر ترك لنا -في جملة ما ترك- كتاباً مرجعيّاً بعنوان "قاموس الصناعات الشاميّة" وأمّا عن الطريقة التي وقع فيها على مخطوطة "حوادث دمشق" فهناك روايتان:

الرواية الأولى تقول أنّ القاسمي اشترى شيئاً ما من عطّار في دمشق عندما لاحظ أنّ "ورق الصرّ" مأخوذ من مخطوط أثري وللتوّ عاد إلى التاجر ليستحوذ على بقيّة هذا الأثر الثمين.
حسب الرواية الثانية كانت المخطوطة معروضة للبيع في مزاد علني في الجامع الأموي لمكتبة أحد العلماء ورست البيعة على طاهر الجزائري (توفّي عام ١٩٢٠)  بمبلغ ٣٠٠ قرش وهو مبلغ ليس باليسير في ذلك الوقت. كان القاسمي صديقاً للجزائري فاستعار المخطوطة منه ونسخها وأعاد إليه الأصليّة التي فقدت مع مكتبة الجزائري لاحقاً إلى غير رجعة. 

لا سبيل لدينا للتحقّق من صدق أيّ من هاتين الروايتين وما نعرفه دون شكّ أنّ القاسمي تمكّن بشكل أو بآخر من الحصول على هذه المخطوطة النادرة وقام بتحقيقها و"تنقيحها" ولكن طباعتها ونشرها تأخّرت حتّى عام ١٩٥٩ وكان هذا على يد الجمعية المصريّة للدراسات التاريخيّة والدكتور أحمد عزّت عبد الكريم أستاذ التاريخ الحديث في جامعة عين شمس تحت عنوان "حوادث دمشق اليوميّة ١٧٤١-١٧٦٢". 

شائت الأقدار أن تطّلع الدكتورة سجدي على نسخة أصليّة غير منقّحة من مخطوطة الحلّاق الشهير موجودة في Dublin إيرلندا واستعملت بناءً عليه هذه النسخة الفريدة من مجموعة Chester Beatty كأساس لدراستها مع مقارنتها مع النصّ كما أورده القاسمي وبنت حولها أو حولهما دراسة أكاديميّة مهنيّة وشيّقة في تاريخ الشام الاجتماعي. 



للحديث بقيّة.  





No comments:

Post a Comment