تعميم الطربوش في الإمبراطوريّة العثمانيّة بدعة من السلطان الشابّ محمود الثاني (١٨٠٨-١٨٣٩) في جملة إصلاحات الهدف منها اللحاق بركب الحداثة والتصدّي للطموحات الأوروپيّة. شملت إجراءات السلطان القضاء على الإنكشاريّة وإدخال بعض التنظيمات الإداريّة واعتماد اللباس الأوروپيّ + الطربوش الذي أزاح العمامة عن عرشِها. من سوء حظّ محمود أنّ الأحداث استبقتهُ في تمرّد الوهّابييّن وعصيان اليونان وخصوصاً صعود نجم والي مصر محمّد علي الذي كاد أن يطيح بالإمبراطوريّة برمّتها لولا تدخّل الغرب.
كرّر التاريخ نفسَهُ مع بعض الرتوش في العقد الثالث من القرن العشرين وبنفس الهدف: تحديث تركيّا ورَفْعِها إلى مصاف الدول القويّة وإن عنى ذلك إدارة ظهرها للشرق ونبذ تراثها وتقاليدها. من إصلاحات أتاتورك، إذا جاز التعبير، تبنّي الأبجديّة اللاتينيّة ومنع الطربوش والعمامة والاستعاضة عنهما بقبّعة فيدورا الغربيّة وحظر الأذان بالعربيّة. مع ذلك ليست علاقة أتاتورك بالإسلام على هذه الدرجة من البساطة إذ شهدَ عَهْدُهُ إنهاء الوجود المسيحي في آسيا الصغرى من الناحية العمليّة على اعتبار أنّ مسيحييّ تركيّا "يونان". ردّت اليونان جميل تركيّا "العلمانيّة" وتخلّصت من مسلميها "الأتراك".

No comments:
Post a Comment