Sunday, June 11, 2017

دمشق من منظور مبشّر أمريكي في مطلع ستينات القرن التاسع عشر

تختلط الحقيقة مع الخيال في هذا الكتيب الذي صدرت طبعته الأولى عام 1864. المؤلف السيد Daniel Clarke Eddy من مواليد Massachusetts عام 1823 وتوفي في Brooklyn نيويورك عام 1896 والكتاب حوالي 220 صفحة من القطع الصغير 17 سم في 11 سم يمكن تحميله بالمجان على الرابط أدناه. 


أود التنويه منذ البداية أن هذا العمل موجّه لجمهور غربي مسيحي بالدرجة الأولى والأخيرة وليس فيه من "اللباقة السياسية" لا كثيراً ولا قليلاً ويمكن دون مبالغة أن نعتبره عنصريّاً بمقاييس القرن الحادي والعشرين ولكنه بالطبع عادي بالنسبة لمعايير القرن التاسع عشر ويعكس عقلية أهل زمانه ومكانه. 

"بطل" السرد شاب يافع يدعى Walter وهو حاد الذكاء وشديد الرغبة بالاطلاع إذ "يطلب العلم ولو في سوريا". زار Walter دمشق بمعية جماعة من الأمريكان أحدهم واعظ واسع العلم ويعرف عن الشرق والإسلام أكثر بكثير من الأغلبية الساحقة من الغربيين وإن كانت معلوماته ممزوجة بشعور بالفوقية والاستعلاء. 

على الصعيد الأمريكي جرت هذه الزيارة بعد نشوب الحرب الأهلية بقليل وبعد أن طرد الجنرال الجنوبي Pierre Beauregard الشماليين من قلعة صمتر Fort Sumter (صفحة 14) أما عن الصعيد المحلي فهناك بالطبع مجزرة 1860. الكاتب من أنصار الشمال في أمريكا وهو بالطبع مسيحي حتى العظم واهتمامه بسوريا ودمشق ناجم  بالدرجة الأولى عن مكانتهما البارزة في التاريخ والأدب المسيحيين. 

نزل ضيوف دمشق الأمريكان في فندق في المدينة متواضع المظهر من الخارج وجميل للغاية من الداخل  متمركز حول الديار والبحرة في وسطه شأنه في ذلك شأن البيوت الشامية التقليدية وطال تجوالهم أسواق المدينة ومقبرة الباب الصغير والجامع الأموي وأحد الحمّامات كما زاروا ما وصفوه بمقهى مغربي ترقص فيه "العالمة" وتغني المغنيات على إيقاع الدربكة وأنغام الآلات الشرقية أمام المشاهدين الذين يحتسون القهوة ويدخنون الأركيلة.


كان الجامع الأموي ولا يزال أهم معالم المدينة ولكنه لم يحدث الإنطباع المأمول لدى زوّارنا الأفاضل ولم ينس الكاتب بالطبع أن يذكرنا أنه كان كنيسة مسيحية قبل أن يهدمها الوليد ويبني الجامع مكانها وأضاف (صفحة 123) أن معبد Rimmon (كما ذكر في كتاب العهد القديم وهو يعادل الإله السامي "بعل") كان بالتأكيد أجمل من البناء الحالي ويستطرد فيقول (صفحة 121) أن "المسلمين الحمقى" يعتقدون أن المسيح سيقف على مئذنة عيسى يوم القيامة. تفوق المؤلف على نفسه عندما تحدث عن زيارة "الحمّام التركي" وأكد  بكل صفاقة (صفحة 154) أن "العرب يستحمّون كثيراً مع أنهم شعب قذر للغاية". 


زار الأمريكان بالطبع الحي المسيحي المنكوب  ويصف الراوي المسيحيين ككل "بالموارنة" ويقول أن أمريكا قد لا تعترف "بمسيحيتهم" (صفحة 58)  وأنه لم يبق في دمشق إلا المسلمين واليهود بعد قتل عشرين ألف مسيحي في مجزرة 1860 وأضاف (صفحة 103 وهنا طبعاً الإشارة إلى ما حدث في لبنان) أن 160 مدينة أحرقت وأن عشرة آلاف إنسان قتلوا وأن 25000 امرأة تم بيعهن إلى الأتراك كجواري ولكنه أشاد كغيره من الشرقيين والغربيين بدور الأمير عبد القادر في هذه المأساة وإن كان رأيه في المسلمين المتدينين بشكل عام (صفحة 206) يتلخص في ترجمة تقريبية للقول الشامي المأثور "إذا حج جارك بيع دارك وإذا حج مرتين بيعو بالدين". 

من الواضح كما أسبقت أن المؤلف ملم بتاريخ الإسلام فهو يحدثنا عن محمد وزوجاته (خديجة وعائشة التي يذكرنا صفحة 175 أن عمرها لدى زواجها كان سبع سنوات) وغزوات بدر وأحد والخندق وخيبر وقصة الإسراء والمعراج ومحاولة قريش لاغتيال النبي والملذات التي وعد الله بها المؤمنين في الجنة وهلمجرا. 


لا شك أن هذا الكتاب على علاته أو لربما بسبب هذه العلات لاقى رواجاً لا بأس به أبداً إذ أعيد طبعه ناهيك عن توافره على الشبكة. الكاتب غزير الإنتاج في عدة مجالات ومن كتب الترحال التي ألفها واحد إلى القسطنطينية وآخر إلى أثينا وثالث إلى مصر وغيرها.

https://books.google.com/books?id=ElQvAAAAYAAJ&printsec=frontcover&source=gbs_ge_summary_r&cad=0#v=onepage&q&f=false

https://en.wikipedia.org/wiki/Daniel_C._Eddy

No comments:

Post a Comment