Tuesday, August 8, 2017

مدينة النخيل


دّمَّرَ الإمبراطور الروماني أوريليان تدمر عام ٢٧٣ للميلاد، بيدَ أنّ المدينةَ لم تَنتَهِ تماماً في ذلك العهد نظراً لأهميّة الموقع على طريق القوافل وتخوم الصحراء. شَيَّدَ ديقليتيان في تسعينات القرن الثالث للميلاد حصناً في تدمر، وأعاد حستنيان في القرن السادس بناءَ أسوارِها إلى أن هَدَمَها الخليفة الأموي مروان الثاني بن محمّد (١) عام ٧٤٥. تحوّل هيكل بل إلى حَرْزٍ منيع في القرن الثاني عشر، وبنى المماليكُ لاحقاً قلعةً على التلِّ المجاور، ثمّ أُهْمِلَت المدينةُ وهُجِرَت تدريجيّاً إلى أن "اكتشفها" الرحّالةُ والمستشرقون الغربيّون مجدّداً في العهد العثماني.  

عُثِرَ على لوحةِ الفسيفساء المرفقة في تدمر عام ١٩٤٠. تمثّلُ هذه التحفة أسطورة كاسيوپيا ملكة الحبشة وأمّ الحسناء أندرومدا. أثارت كاسيوپيا غَضَبَ إله البحر پوسيدون عندما تبجّحت أنَّ جمالَها فاقَ جمالَ حورياتِ البحر بنات نريوس. عزمَ پوسيدون على تدمير الحبشة انتقاماً، ولكنّه تعطّف وتنازل ورضي عوضاً عن ذلك أن تقدّم كاسيوپيا ابنتَها أندرومدا قرباناً لوحش البحر قيطس (٢)، وهكذا كُبِّلَت أندرومدا بالقيود فوق صخرةٍ في مواجهة البحر بانتظار أن يتناولها المسخ، إلى أن أنقذها پرسيوس الذي حوّل الكراكن إلى حجر بواسطةِ رأس الغرغونة مدوسا المبتور، ونَظْرةِ عينيها القاتِلة

تعود هذه الفسيفساء إلى القرن الثالث للميلاد. تتعرّى كاسيوپيا أمام پوسيدون ومنافساتِها المشدوهات اللواتي نراهنّ في قلقٍ وحيرةٍ عند قدميها. هذا الفنّ بعيد عن المصادر الپارثيّة الشرقيّة السائدة في تدمر، ويُرْجَحُ أنّه نَتَاج ورشات أنطاكيا.  

____________

١. مروان الحِمار. 
٢. أو كراكن حسب هوليوود وفلم "صِدَام الجبابرة".

Gérard Degeorge. Syrie. Art, histoire, architecture. Hermann, éditeurs des sciences et des arts 1983.

No comments:

Post a Comment